فرنسا بلاد الحريات التي تفاخر بتصدير مبادئ ثورتها إلى العالم، تعادي شابًا لمجرد أنه لا يؤمن بما تؤمن به، وتمارس القمع عليه، لمجرد أنه يأبى أن يدعم الشذوذ، لأسباب تتصل بهويته وخصوصيته الحضارية

كاتب وصحفي مصري
فرنسا بلاد الحريات التي تفاخر بتصدير مبادئ ثورتها إلى العالم، تعادي شابًا لمجرد أنه لا يؤمن بما تؤمن به، وتمارس القمع عليه، لمجرد أنه يأبى أن يدعم الشذوذ، لأسباب تتصل بهويته وخصوصيته الحضارية
هنا مرشح من “حرافيش الصحافة”، المتمردين على محاولات الترويض، وهنالك رجل من “المرضي عنهم”، لم يُضبط مرةً ولو بحرف في مقال، متلبسًا بتوجيه أي نقد ذي جدية وجدوى إلى السلطات.
هذا المشهد بما يحمله من ظواهر تبدو مستجدة، يستدعي تمعنه بروية، في إطار كونه متغيرًا مستجدًّا عميقًا وخطيرًا على “سيكولوجية الجماهير”.
في تمعن تفاعلات الحكاية، تتجلى حقيقتان تستحقان الوقوف أمامهما وقفة المتدبِّر المستعبِّر، فالمسألة أبعد من الهزل، وأعمق غورًا من “التنكيت والتبكيت”، ولا تُختصر في النكات الرشيقة.
بقاء محمد أبو تريكة في دائرة الضوء رغم اعتزاله ليس لكونه محللا رياضيا فذّا، بل إن هناك كثيرين أعمق منه غورا وأوسع باعا، لكن لأنه ينتمي إلى الشارع العربي، ويعبر عنه عفويًّا ببساطة الفلاح المصري الطيب.
ليس ثمة شك في أن تصريحاته بتهجير الغزيين، تغدو أكثر خطورة مما تبدو في ظاهرها، إذ تتخطى الانحياز الأمريكي المعهود لتل أبيب، لتصير تماهيًا “شعبويًا متعصبًا” في التيار اليميني.
ما الثمن على الجهة الأخرى؟ وماذا عن مكتسبات الطوفان للفلسطينيين؟ سؤالان يتحاشاهما القوم مع سبق الإصرار وتبييت النية.
في الحرب التي يشنها رجال أمن عباس، على الفلسطينيين في مخيم جنين، أنها تقتفي جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي بحذافيرها، فإذا بالرصاص لا يستهدف صدور المقاومين فحسب، وإنما يستهدف الفلسطينيين بالجملة.
حين يقتل النظام شعبه فإنه يسقط، مهما بقي على سدة الحكم، محاطا بمظاهر الأبهة، يمشي على السجاجيد الحمراء، ويستقبله القادة هنا وهناك، ويتودد له المنافقون، ويطبل له الإعلام.
معلوم بالضرورة أن نتنياهو أراد تهجير سكان غزة، لكنهم رغم ضراوة القصف، يتنقلون من نقطة جغرافية إلى أخرى داخل القطاع المدمر، رافضين أن يبرحوه.