كانت هناك، وكان لها مسجد وميدان، وكان لها شيخ أندلسيٌّ يُوَقِّرُها، تقدم له كل صباح مراسيم الوفاء…
1 – كانت هناك، وكان لها مسجد وميدان، وكان لها شيخ أندلسيٌّ يُوَقِّرُها، تقدم له كل صباح مراسيم الوفاء، كان كل شيء بالنسبة لها، صار الإمام الذي إذا استوحشت، صلى بها في محراب الشوق، صلاة الحاجة والأنس، فلا اشتكت منه خوفا بعدها.. كان الولي الذي بارك زفتها، حين خط المأذون كتابها بآيات الفتح، منّى النفسَ أن يحكي لها كل الحكايه، لكنها سرت ليلا إلى أزل الفرْح، إلى معراجها السرمدي، وقد جَمَّلَ السَّمْت سَحْنتها، فلم يقل شيئا ولم يحك، وما رأى العجوز بعدها “فقيرة” مثلها.. وكانت ملايين المريدين تبايعها، وأكفٌّ بيضاءُ بَضَّةٌ تصافحها، وأورادٌ مأذونةٌ تُهدى لها، بعد الغروب في نومتها الحالمه .. وكان..وكان..وكان..
2 – !! رابعه .. أما زلت تذكرين، يوم زار الراقصون على الدماء حرم ساحة الياسمين، عند ساعات الغسق الحزين؟؟.. دخلوا الباب من غير استئذان، ولم يسلموا على أهلها.. فالمهمة خطيرة لا وقت لها، والأمر جَلَلٌ يستوجب الإستعجال .. ألست تذكرين، يوم حل الخريف في العيد، واحتفل المهرجون بميلاد دكتاتور جديد، على نقع النار والحديد.. وما فعل “مُرَوِّضُ الْخيلِ” الكاذب، عند ساعات الفجر الصادق، بساحة الحضرة الصوفية؟؟..
3 – !! رابعه.. أما زلت تذكرين، كيف نضج قبل الأوان الغضب؟ وكيف كان يرقص الشيطان؟ وكيف سكر؟ وما فعلته عناقيد العنب بذاكرة العسكر؟ فداسوا بأحذيتِهمُ الثقيلةِ الحارةَ الخلفيه، ولم يبالوا بأحد..
4 – !! هاله .. إنهم قادمون كي يخلعوا البوابه، عازمون أن يطفئوا سراج المناره، عند انتصاف الليالي.. !يا سيدة الوقت اقرئي عليهم الوصية السماويه، ولا تُقَذِّري مسمعك بألفاظ البواده، اِسْتَفِزّي منِ اسْتَطَعْتِ منهم بصوتك، وارفعي تلك الإشاره، وغني بتلك العباره، لك من السماء أتم البشاره، لك الشهاده. الزمي الصمت كلما سُئِلت، لا تردي عليهم الجواب، وَلّي ظهرك ما قالوا، قولي لا علم لدي، كوني “كأنكَ لم تسمعْ ولمْ يَقُلْ”، كوني بإدعاء الجهل مُستتره، كوني في قاع البحر ذُرَّةً مستقره، طيري عصفورةً في الميدان، ولا ترحلي بروحك عن الديار، رددي في الفضاء ذلك الشعار، لا تخافي من وخز الإحتقار، آنَ لك أن تتجردي من عقدة التتار..
5 – !! أسماء .. يا أجمل عروس زُفَّتْ إلى السماء، أما زلت تصفين ما حدث في الأرض انقلاب؟ وتسمي “إرادةَ الشعب” اغتصاب؟ أما زلت تفكرين، في ثورة المساكين؟ بعد الذي صار، بعد أن عاد العمدة بالكلاب، يجلسون على عتبات الأبواب، يصرخون في الوجوه الجميله بكل لغات السباب، يسرقون البسمات الرقيقة من الشفاه، ويغتالون الأغاني عند مدخل الأفواه..
6 – !! أسماء .. كنت تشتهين أن تموتي شهيده، فمنعوه عند وداعك الكلام، فحياك سرا بالسلام، بكى دمعتان و”قبلتان”، لم يعترض وانتهى هنا، و في مقام الرضى قام.. كل هذا يا صغيرتي، ولازلت بالخروج تؤمنين؟ ورِدَّةً “زوبعةُ الصيفِ” تَصِفين، أنظري يا “رافضية” ما أنت تفعلين؟؟ أرادوك ألا تكوني، !! فكنت أيقونة كما كنت – دائما – تريدين
7 – !! يا رابعه.. يا عدويه.. لست أنت تلك الغانيه، لا تتأدبي بباب الدير، ولا تخلعي نعليك بواد الدبابير، ولا تُقَبِّلي أيادي الرهبان، أنت غير..أنت غير.. ليس عليك أن تكتمي عشقك الإلهي، أو تُنْسَبي إلى شيءٍ منَ الْعَبْثِ، قولي: أعوذ بالله من الْخُبْثٍ والْخَبَثِ، عودي بنور العصف من غسق الوصال، فأنت شهيدة..أنت شهيدة..
8 – !! رابعه.. يا عدويه .. يا أربعة أصابع مصريه، يا علامة معناها الحريه.. أنت شربي وزادي، حبك ملك فؤادي، وحال بيني وبين عنادي، فَهِمْتُ محزونا في كل وادي، لماذا حَرَّمْتِ على عيني الرقاد؟، حتى زاد كربي وطال سهادي، لاحظيني أيتها الصوفية العاشقه، فقد دق الأمر علي، وما مضى قد..قد يعاد.. جودي علي بخالص الوداد، فأنا أحتضر..فأنا أحتضر.. لا تقولي: أُبْغِضُكَ بُغْضَيْن، إياك ثم إياك.. صحيح هذا الذي يكتب ذكراك، ناكر للجميل وفاقد لهواك، وصحيح أنه اشتغل بمغازلة سواك، وناره خبت بريح هواك، ولا حق له في البكاء عليك، إنما رُدّي عليه السلام، وحييه، فهو بالكلام قد حياك..
9 – يا من يشير إليهن المتكلم، وإليهن يوجه القصائدَ المخاطبُ، ومن إذا مُتْنَ ارتفع الحزن، لكن وحدكن يكتب هذا الكاتب، يا من أراد أرقى الكتاب، هذا هو عين الخطاب، ليس لي في غير ذلك من جواب، فإذا ما أنا مِتُّ تصدقوا بقميصي عليهن..
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها