إن قضية البوركيني ماهي إلا مؤشر من بين العديد من المؤشرات التي تظهر ازدواجية معايير بعض الفرنسيين بين معتقداتهم العلمانية ودعوتهم للتضييق على حرية ارتدائه كلباس للسباحة.. يتبع
فرنسا صاحبة القيم العلمانية حيث المساواة والأخوة و الحرية أهم ركائزها، كما ترى نفسها جزءا من العالم المتحضر صاحب الأخلاق و القيم النبيلة.
شعارات تدعي فرنسا أنها تتقاسمها مع مختلف العرقيات و الديانات والشعوب، غير أن الإعلام الفرنسي و بعض الساسة لهم رأي آخر؛ حيث يرسخون لثقافة المسلمات الخاطئة ضد المسلمين.
وحرية ارتداء البوركيني كلباس للسباحة كغيره من الألبسة فهي حرية شخصية لا يحق التدخل فيها، فمنعه متعارض أساسا مع القيم الليبرالية العالمية
“الإسلاموفوبيا” كان آخرها قضية البوركيني التي أثارت جدلا واسعا في فرنسا و العالم.
إن قضية البوركيني ماهي إلا مؤشر من بين العديد من المؤشرات التي تظهر ازدواجية معايير بعض الفرنسيين، هذه الأخيرة تكمن في تعارض قيم العلمانية حرية المعتقد والدين والحرية الشخصية، وحرية ارتداء البوركيني كلباس للسباحة كغيره من الألبسة فهي حرية شخصية لا يحق التدخل فيها، فمنعه متعارض أساسا مع القيم الليبرالية العالمية.
ففرنسا تعطيه وتحمله أكثر مما يحتمل بل ترى فيه تهديدا للأمن العام وجزءا من حربها على الإرهاب، لا أستطيع فهم هذا الموقف الساذج و السطحي خاصة أن البوركيني لباس عالمي تستعمله غير المسلمات أيضا لدواعي صحية و جمالية.
هل يمكن الحديث عن ملامح ولادة جمهورية سادسة ذات معالم مختلفة تكون أكثر تطرفا ضد الأقليات في فرنسا خاصة المسلمين
هل فرنسا تعاني من ازدواجية قيمية وضعف سياسي، و تيه هوياتي خاصة أن اليمين المتطرف في صعود متنامٍ قد يودي بكل مكتسبات الجمهورية الخامسة ؟
هل يمكن الحديث عن ملامح ولادة جمهورية سادسة ذات معالم مختلفة تكون أكثر تطرفا في تعاملها ضد الأقليات في فرنسا خاصة المسلمين الذين يعتبرون الحلقة الأضعف و الشماعة التي يعلق عليها فشل السياسات العمومية الفرنسية في مجالات عدة؟ “سياسة الهروب للإمام”.
فرنسا تسقط في خيانة القيم العلمانية لأن قرار المنع هو انتهاك للحريات الشخصية و الدينية و فرض أسلوب قيمي معين على الناس، هذا سلوك سياسي و قانوني يدخل في خانة الدكتاتورية التي تفرض على الأفراد عنوتا و بالإجبار.
هل تناست فرنسا أن سواعد المهاجرين المغاربة من أعادت بناء فرنسا بعد الحرب الكونية الثانية؟
في المقابل الحمد لله أنه مازال في فرنسا عقلاء يرفضون هذا التضييق على المسلمين وإن كانت أصواتهم غير مسموعة في الإعلام الفرنسي غير أن ارتداء البوركيني انتصر بقرار من المحكمة العليا الفرنسية على الازدواجية الفرنسية و التطرف اليميني و اليساري الذي لا يخفي عداءه للأقليات.
أريد أن اذكر البعض و أذكر فرنسا أن الأجانب و خاصة المسلمين منهم من حاربوا إلى جانبكم في الحرب العالمية الثانية ضد الاحتلال النازي، وحققوا بطولات كبيرة و لعبوا دورا مهما في دحر الاحتلال الألماني.
هل تناست فرنسا أن سواعد المهاجرين المغاربة من أعادت بناء فرنسا بعد الحرب الكونية الثانية؟
فرنسا يجب أن تتصالح مع علمانيتها أولا ثم بعد ذلك فلتفكر في التصالح مع الأقليات التي تشكل جزءا من المجتمع الفرنسي
يجب على العقلية الفرنسية أن تتخلص من الإرث الامبريالي الأسود، وأن تتصرف بشكل يحترم هويات الناس و معتقداتهم فالنظرة الاستعلائية في القرن 21 لم تعد تنفع لقد مضى زمن الرجل الغربي الفرنسي المتحضر الذي يصدر الحضارة للأفارقة الهمج فترة الحماية كما كانوا يظنون.
فرنسا يجب أن تحذو حذو اسكتلندا و بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية، حيت هامش الحرية واحترام حقوق الإنسان أكبر خاصة بالنسبة للأقليات الدينية و العرقية، فمثلا من الممكن ولوج سلك وظائف الدولة كالشرطة وغيرها من الوظائف دون المساس بالحرية الدينية لمنتسبيها مادامت لا تخالف القانون، و تحافظ على الصالح العام.
فرنسا يجب أن تتصالح مع علمانيتها أولا ثم بعد ذلك فلتفكر في التصالح مع الأقليات التي تشكل جزءا من المجتمع الفرنسي.
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها
