ليس من باب الدعابة انني سأشير منذ البداية الى اعجابي بنقطتين اساسيتين في خطاب الرئيس الامريكي دونالد ترمب بعد توليه الرئاسة رسميا .
وانه لعبث أن ألعن كالأغلبية خطاباته واصفها بالهجينة واتبرم من توعده باجتثاث ما سماه ب”التطرف الاسلامي “، بل بالعكس ارى ذلك من باب الصراحة المطلقة التي تعد خصلة من خصال ترمب كسياسي، فما لنا والجزع من تصريحات علنية تكشف سياسة تنكيل مورست علينا خفية مند الأزل .
أولا توعد ترمب بمحاربة “الإرهاب الاسلامي ” لا يعكس الا صراحته المنطقية وقطعه مع “استراتيجية التكتم “التي مورست من امريكا على العالم الاسلامي على مر العصور.
وربطه المصطلحين ببعضهما بعضا لا يحكي الا الكذبة الكبرى التي مارستها الولايات المتحدة بهدف اقتلاع ” الاسلام ” زعما لتحقيق السلام العالمي.
ولا ريب أن التاريخ وحده يحكي لنا مسيرة الإرهاب الأمريكي ضد المسلمين ويعرض فظاعة الحروب العسكرية الامريكية والمؤامرات السياسية كما كافة انواع الدعايات التي تفعل فعلتها وتشوه صورة الاسلام عالميا.
أبعد من ذلك أرى أن ترمب سهل المهمة التي بدأها نعوم تشو مسكي و روجيه غارودي من فضح سياسة امريكا والغرب التآمرية لضرب الإسلام واجتثاثه من جدوره باسم محاربة الارهاب كما لخص ما حاول ان يفضحه مفكرون على مر السنين وفقط لاستكمال مسيرة بداها بوش في نسف الاسلام زعما في تحقيق الامن والسلام في العالم .
و يبقى فقط “تحديث” لما مورس سلفا طيلة تداول الاربع والاربعين رئيسا في أمريكا.
الأمر الثاني الذي جعلني أؤمن بالذكاء الترمبي هو إعلان إدارته في أولى لحظات تنصيبه العزم على تطوير أسلحة تحسبا لهجوم ايراني او كوري شمالي فلن احكي بمنطق المختصين في سياسة الحروب وادرجه في سياسة اخضاع العدو قبل المعركة كما يرى القائد الصيني صون تزو ولا بمنطق العلاقات الدولية في السباق نحو التسلح لضمان النفود بل ارجح ذلك ان ترمب اختار كلماته او ربما أكاذيبه بذكاء.
فمن الخطأ ان اذهب بعيدا في البحث عن ما به سترد ايران بل سأبقى في دائرة السياسة الأمريكية.
ولما يسميه أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو جون مير شامير بسياسة ترويج الخوف” التي غالبا ما تعكس الذكاء السياسي للقائد.
يضرب مير شامير على ذلك مثلا كذبة خروتشوف بشأن حجم القوة الصاروخية السوفياتية بغية تخويف أمريكا والزج بها في حرب اعصاب تفقدها القدرة على المواجهة.
كذلك زعم هتلر إرسال سبعة ألوية إضافية في منطقة الراين والحقيقة انها اربعة فقط والغاية مرة اخرى “ترويج الخوف”
فمن دون مبالغة إذا عدنا إلى خطاب ترمب الأخير وقرار إدارته، لا يسعنا إلا الإقرار بامتلاك هذا الأخير أسلوبا ذكيا ومراوغا، رغم مصطلحاته المتمردة و افتقاره للخبرة السياسية الكافية.
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها