قرية المقاطعة جنوب الشيخ زويد وتعد من أكبر القري مساحة وسكانا شرقي سيناء ستة آلاف مواطن هم سكان القرية يعيشون علي زراعة الخوخ والزيتون. يتبع

قرية المقاطعة جنوب الشيخ زويد وتعد من أكبر القري مساحة وسكانا شرقي سيناء ستة آلاف مواطن هم سكان القرية يعيشون علي زراعة الخوخ والزيتون وغالبية سكان القرية لقبيلة السواركة وبعض أفرع قبيلة الرميلات سكانها يتسمون بالهدوء والبعد عن المشاكل القبلية أو أي مشاغبات أمنية.
عدد كبير من شباب القرية تعلموا وأصبح من بينهم من يعمل في مجال الصحة والتعليم وبقيت الغالبية مهنتها الزراعة وما إن بدأت الحرب علي الإرهاب ووقعت القرية ضمن المناطق التي حددها الجيش كمنطقة عسكرية حتي تبدل الحال.
صحيح أن هناك مسلحين يأخذون من مناطق جنوب رفح والشيخ زويد مناطق تمركز لشن هجمات ضد الجيش ولكن الغالبية الساحقة من سكان قرية المقاطعة ترفض جميع أشكال العنف من بداية الحملات العسكرية للجيش والمداهمات حرثت القرية حرثا وحتي الآن لم تنقطع وبالأخص القصف الجوي المدمر من الطائرات الحربية وعلي مدار ثلاث سنوات أسفرت أجواء الحرب علي القرية عن دمار مروع ولا يوصف بالإضافة إلي هجرة السكان الجماعية من القرية في العام الثاني من الحرب تاركين وراءهم منازل مدمرة كليا ومقومات حياة مجرفة سواء مزارعهم ومصدر أرزاقهم أو فرص للحياة بحدها الأدنى.
لكن الحرب لم تترك فرصة لشيء سميت قرية المقاطعة بقرية الجنائز لكثرة القتلى الذين سقطوا جراء الحرب وفي مجازر مروعة تسببت في الهجرة الجماعية لسكان القرية قسرا وخوفا من الموت فعائلات أبو زرعي وأبو دراع وعائلات البحلوطي وأبو فريح قتل من أبنائها العشرات من النساء والأطفال والشيوخ والشباب الأبرياء وهنا أحدد كلامي عن العزل لا أتحدث عن قتلي سواهم وكلامي مستعد لإثباته عندما يتوفر لنا قضاء عادل نستطيع عنده محاكمة القاتل ولكن الآن ليس بوسعي سوي توثيق ما حدث بالقرية.
بلغ عدد قتلي قريتنا من الأهالي والعائلات التي لقيت حتفها في مجازر مروعة أكثر من 200 قتيل و380 مصابا معظمهم إصاباتهم بالغة لا تشفي مع الوقت وأكثر من ألف معتقل في سجون الجيش اعتقلوا عشوائيا وتحت بند الاشتباه في كونهم إرهابيين بلا قضاء يفصل في أسباب وجودهم حتي الآن مخفيين في سجون عسكرية.
أما مزارع القرية الشهيرة بخصوبة أراضيها لم تبق منها شجرة واحدة قائمة تسبح خالقها والمنازل ما بين مدمر تدميرا كاملا أوجزئيا، ومنازل من آثار القصف والرصاص تشبه لحد كبير منازل الفلسطينيين في غزة فأصبح خراب ناهيك عن المدارس التي قصفت بدعوي استخدام المسلحين لها منها مدرسة الإعدادي والابتدائي وانتهت الدراسة بالقرية فور قصف المدارس فهجر المدرسين القرية ومعهم الطواقم الصحية التي تعمل في المركز الطبي الوحيد خاصة عقب أحداث اقتحام المسلحين لمدينة الشيخ زويد في رمضان عام 2015.
فبدأت معركة القذائف المدفعية تدك القرية والقري المجاورة لها بشكل احترازي وبوابل مكثف من القذائف كل ليلة وبشكل عشوائي أذكر منها قذيفة سقطت ليلا علي منزل امرأة وأطفالها كانوا نائمون في (خص) وهو بيت بدوي مبني من جريد النخل وأعواد الحطب الناشف بعدما هجروا في وقت سابق من منزلهم الذي بنوه قبل ثلاثة أعوام بالقرية فلعدم وجود سيارات إسعاف وصعوبة تحرك الأهالي ليلا في الصباح كانت الصدمة عندما وجدوا عريشة المرأة شبه محترقة وقد توفيت هي وأطفالها ويرجح أنهم باتوا ليلتهم مصابين تنزف جروحهم دون مسعف.
فقد سلبت منهم الدولة الحق في الحياة والحق في العيش الآمن، وفوق ذلك الحصول علي تصريح دفن من النيابة بالعريش إلا بشرط أن يوقع ولي أمرهم على ورقة تفيد بمقتل الأم وأطفالها بقذيفة ألقاها إرهابيون .
حرب في سيناء لا يكابدها سوي أهلها الفقراء المعدمين المسلوبة حقوقهم البسيطة علي مدي عقود كانوا ينتظرون حلم المواطنة والتنمية ولكن جاءت الحرب بما لم يكن في الحسبان فتركوا قريتهم هاربين من الموت والرعب وتركوها وبعد كل ذلك تري العجب العجاب بعد كل هذا الدمار والضحايا والتدمير والتهجير الذي خلفته حملات الجيش، قريتنا اليوم تحت سيطرة مسلحي تنظيم الولاية، وحدهم فقط من يتجولون في قريتنا، دمرت القرية وفشلت الحرب في تحقيق أبسط أهدافها سوانا نحن الأهالي العزل من دفع فاتورتها كاملة، فهل الفشل أم تقاسم الأدوار الذي تسبب في كل ماجري ؟
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها