على مدى عقود أيضا عجزت الحكومات المتعاقبة عن تطوير الهيئة، بل سميت ” مقبرة الوزراء” لكثرة عدد وزراء النقل الذين أقيلوا، أو استقالوا بسبب كثرة الحوادث.
كأنما كان يتحدث عن حادث تصادم قطاري الأسكندرية ويصفه تفصيليا قبل حدوثه بثلاثة أشهر، ففي الرابع عشر من مايو/ أيار الماضي، وخلال فعاليات افتتاح عدد من المشروعات في محافظة قنا بشمال مصر، عرض وزير النقل على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خطة تطوير السكة الحديد بتكلفة 10 مليارات جنيه لمنع الحوادث، قائلا ” علشان نحقق الأمان لأهلنا في السكة الحديد لما يركبوا القطار“.
فرد عليه السيسي قائلا: ” تقوللي أنا حاصرف 10 مليار علشان أكهرب واعمل ميكنة ، الـ 10 مليار دول لو أنا حطيتهم في البنك لو خدت عليهم فايدة 10% يعني مليار جنيه”. فإذا كان عدد ركاب السكك الحديدية عام 2015 بلغ نحو 221 مليون راكب، بحسب تقرير للهيئة، فيكون نصيب الراكب الواحد أربعة جنيهات ونصف من المليار جنيه قيمة الفوائد البنكية، أي أن حياة المواطن المصري أرخص عند السيسي من خمسة جنيهات.
وعود
بعد شهرين وفي التاسع عشر من يوليو/ تموز الماضي صرح رئيس هيئة السكك الحديدية المصرية، اللواء المتقاعد مدحت شوشة بأن الهيئة تخطط لتطوير المرفق خلال 30 شهراً بتكلفة 45 مليار جنيه. وبعد ثلاثة أسابيع من هذا التصريح وقع حادث قطاري الأسكنرية الذي راح ضحيته حتى الآن 42 قتيلا و132 مصابا، إضافة إلى خسائر مادية تزيد على 100 مليون جنيه.
فساد
وتعاني هيئة السكك الحديد من مشاكل كبيرة بسبب إهمال أصابها على مدى عقود، ما جعل معدل حوادث القطارات يصل إلى 4777 حادثا خلال السنوات الخمس الأخيرة، بحسب تقرير صادر عن الهيئة.
فقد زادت حوادث القطارات من عدد 447 حادثا عام 2012، لتصل إلى 781 حادثا عام 2013، ثم إلى 1044 حادثا عام 2014، وبلغت 1235 حادثا عام 2015، بنسبة زيادة بلغت 18.3% عن العام السابق، ثم زادت عام 2016 لتصل إلى 1249 حادث بمعدل 3.5 حادث يوميا.
وعلى مدى عقود أيضا عجزت الحكومات المتعاقبة عن تطوير الهيئة، بل سميت ” مقبرة الوزراء” لكثرة عدد وزراء النقل الذين أقيلوا، أو استقالوا بسبب كثرة الحوادث.
وقد تراكمت ديون الهيئة نتيجة الفساد المالي والإداري، الذي أثبتته تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، حتى بلغت ديون الهيئة ما يقرب من 30 مليار جنيه، وكشف تقرير صادر عن بنك الاستثمار القومى عن ارتفاع مديونية الهيئة إلى 27.3 مليار جنيه، بسبب القروض التى حصلت عليها تحت بند “تنفيذ مشروعات استثمارية” !!!، وعجزت الهيئة عن سدادها وسداد فوائدها السنوية.
وكشف مشروع موازنة الهيئة للسنة المالية الحالية 2017-2018، عن تخصيص مبلغ قدره 3 مليارات و622 مليون و900 ألف جنيه لسداد فوائد قروض بنك الاستثمار القومى، بالإضافة إلى 25 مليون و412 ألف فوائد القروض المعاد إقراضها عن طريق الخزانة العامة، لتصبح إجمالى الفوائد 3 مليارات و648 مليون و312 ألف جنيه عن عام واحد فقط، في حين تم تخصيص مبلغ 700 مليون و466 ألف جنيه فقط مصروفات صيانة.
في ظل هذا الوضع المالي المتأزم للهيئة، جاء تصريح رئيس الهيئة عن البدء فى تنفيذ المشروع القومى لتطوير الهيئة الشهر الجارى، باستثمارات تقدر بنحو 45 مليار جنيه.
وقال شوشة، إنه تم وضع جدول زمنى للانتهاء من المشروع خلال 30 شهراً، من خلال إنهاء تطوير البنية الأساسية للسكة من إشارات ومزلقانات وقضبان، بالإضافة إلى شراء جرارات وعربات جديدة. فكيف سيفي السيد اللواء رئيس الهيئة بوعوده في الوقت الذي قال فيه إن الحكومة رصدت 3 مليارات جنيه فقط لموازنة العام المالى الجارى مقابل 9 مليارات جنيه كانت طالبت بها وزارة النقل لتنفيذ مخطط تطوير الهيئة؟
وكيف سيقنع السيسي بإنفاق هذا المبلغ على تطوير هذا المرفق الحيوي، بعدما قال السيسي ” إحنا لما بنيجي نغلي (نرفع) سعر التذكرة المواطن بيقول أنا غلبان مش قادر …طب مانا كمان غلبان مش قادر “؟ في الوقت الذي أنفق فيه السيسي مئات المليارات على مشروعات فاشلة مثل تفريعة قناة السويس والعاصمة الإدارية وشراء السلاح وبناء السجون.
وكيف سيقنع السيسي بإنفاق هذا المبلغ على تطوير هذا المرفق الحيوي، بعدما قال السيسي ” إحنا لما بنيجي نغلي (نرفع) سعر التذكرة المواطن بيقول أنا غلبان مش قادر …طب مانا كمان غلبان مش قادر “؟ في الوقت الذي أنفق فيه السيسي مئات المليارات على مشروعات فاشلة مثل تفريعة قناة السويس والعاصمة الإدارية وشراء السلاح وبناء السجون.
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها