يعتبر نظام الميراث في الإسلام أحد الأنظمة الفريدة التي تميزت بها الشريعة الإسلامية عن باقي الشرائع السماوية والنظم الوضعية.
وقد أثارت مبادرة، الرئيس التونسي القايد السبسي يوم الأحد الماضي، بخصوص التفكير في المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، جدلا كبيرا في الداخل التونسي وفي الخارج أيضا خاصة أنها تدخلت في تشريع.
ولنظام المواريث حكم وآثار اقتصادية إيجابية. فمن الحكم أن الأنصبة لا تختلف طبقًا للنوع؛ وإنما لـ3 معايير: (1) درجة القرابة بين الوَارِث والمُوَرِّث: ذكرًا كان أو أنثى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب والعكس بالعكس، (2) موقع الوارثين، فالجيل الأحدث يرث أكثر من المستدبر للحياة ولا علاقة بالنوع، (3) العبء المالي إذ يقع على الرجل في شريعتنا وعرفنا أكثر ما لا يقع على الأنثى، وعلى ذلك فتأخذ المرأة نصف الرجل طبقا للحالة الأخيرة في (4) حالات فقط، وتأخذ مثله في (11) حالة، وأكثر منه في (14 حالة)، و(5) حالات ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل.
وأما الآثار الاقتصادية الإيجابية لنظام الميراث في الشريعة الإسلامية وتوضيحها، مثل الكفاءة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، وإعادة التوزيع، وتحقيق التكافل الاجتماعي، فقد أبرزتها رسالة ماجستير للباحث ناصر سلامة بجامعة اليرموك الأردن عام 2002 .
فقد ناقش الباحث مجموعة من الشبهات التي أثيرت بشأن نظام الميراث في الإسلام، مثل أن الميراث يعمل على ذهاب الكفاءة الاقتصادية من خلال التفتيت غير الاقتصادي، وأنه يبخس حق المرأة وأعطاها نصف نصيب الرجل، وغيرها من الشبهات.
كما بين الباحث الآثار الاقتصادية لنظام الميراث على الاستثمار، والادخار، والتوزيع، والإنفاق العام، والتنمية.
الكفاءة الاقتصادية
ومن أهداف نظام الميراث في الإسلام تحقيق الاستقرار الاجتماعي، وإعادة توزيع الثروة، ومحاربة الطبقية، وتحقيق التكافل الاجتماعي، وهو بهذا اتسم بالكفاءة في حفظ حقوق الورثة، والكفاءة في حماية أنصبتهم، والكفاءة في توفير معلومات ضرورية للمستقبل الاقتصادي، والكفاءة في توريث الكبار والصغار، والكفاءة في جعل أصحاب الفروض من النساء الضعفاء، والكفاءة في منع ميراث ولد الزنا واللعان من أبيه، والكفاءة في استخدام الموارد، والكفاءة في حفظ حقوق الدائنين من التركة، والكفاءة في توريث الحقوق المتعلقة بالمال.
العدالة
كما يتسم نظام الميراث بالعدالة، فقد عمد إلى إرساء دعائم العدالة الاجتماعية الاقتصادية والتي من جوانبها: عدالة توزيع التركة في دائرة الأسرة، وعدالة بين الأولاد الذكور، وعدالة في إعطاء أصول الميت أقل من فروعه، وعدالة في عدم حرمان المرأة من الميراث، وعدالة توزيعية، وعدالة مراعاة القرابات والأولويات.
ومن حيث توزيع التركة يشمل أصنافا عديدة من الورثة يرثون نسبا متفاوتة يتحكم بها القرب والبعد من المورث، والذكورة والأنوثة، ومستقبل للحياة ومستدبر، وكذلك من حيث النفع والحاجة، وكلما اجتمع أكبر عدد من هذه العوامل كان نصيب الوارث أكبر.
تكافل
كما أن نظام الميراث مظهر من مظاهر التكافل في محيط الأسرة والمجتمع، حيث يتم توزيع التركة في دائرة الأسرة، حرصا عليها ورغبة في تعميق الصلة بين أفرادها، مما ينعكس على المجتمع قوة وتماسكا.
ويحارب الإسلام في كل تعاليمه فكرة وجود طبقات اقتصادية داخل المجتمع، بمعنى اختلال التوازن بين أفراد المجتمع بتملك الثروة، لهذا جاء نظام الميراث في الإسلام كآلية لتفتيت الثروة، والتضييق على الطبقية بهذا المفهوم حيث تنتقل الثروة إلى مالكين جدد، كما أن الميراث وسيلة من وسائل انتقال الملكية الخاصة ومن دوافع الكسب.
استثمار
ويدفع نظام الميراث الإنسان إلى مزيد من بذل الجهد والنشاط من أجل نفسه وأسرته، وتأمين مستقبلهم، وفي هذا أكبر الحوافز على الاستثمار والكسب، ولو مُنع التوارث لضعفت الهمم، وقل الإنتاج وضعف النشاط الاقتصادي عامة، كما أن نظام الميراث يعمل على حسم النزاعات، ويؤدي إلى الاستقرار الاجتماعي وهو بهذا يوفر المناخ المناسب للاستثمار.
ويؤثر الميراث على الاستثمار بشكل غير مباشر، من حيث مستوى الدخل القومي ومعدل النمو السكاني وزيادة الاستهلاك.
كما يؤثر الميراث على سلوك المورث فيدفعه للادخار من أجل الورثة، ومن خلال نصيب الأنثى في التركة والذي عادة ما يدخر يعمل النظام على التراكم الرأسمالي، ما يساعد في توفير المال اللازم للاستثمار والتنمية فكل تركة فيها نصيب من الادخار من خلال نصيب الإناث.
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها