الوزيرة “الساحرة”!

يبدو أن مصر موعودة بوزراء على شاكلة عبدالعاطي كفتة، فعلى الموقع الرسمي لوزارة الاستثمار والتعاون الدولي جاء خبر تحت عنوان “د.سحر نصر من مدينة الطور:مخطط استثماري لتنمية سيناء تنفيذا لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية”.

وفي تفاصيل الخبر على الموقع الرسمي للوزارة “زارت الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، السبت 19 أغسطس/آب 2017، مدينة طور سيناء، بحضور اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، والسيدة / منى زوبع، الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والسيدة/ غدير حجازي،  مساعدة الوزيرة، وعدد من  قيادات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وأعضاء مجلس النواب بالمحافظة، وافتتحت الوزيرة ومحافظ جنوب سيناء، أول مصنع لإنتاج “لمبات الليد (LED)” في جنوب سيناء، وتفقدت خطوط الإنتاج به، حيث يقام المصنع على مساحة 1000 متر بتكلفة 32 مليون جنيه ويوفر 25 ألف فرصة عمل لأبناء محافظة سيناء، ويعد المصنع هو الأول من نوعه بالمحافظة باستثمارات تصل إلى 32 مليون جنيه ويوفر الآلاف من فرص العمل للشباب بجنوب سيناء”.

ونقلت معظم الصحف المصرية والمواقع الإلكترونية الحكومية والخاصة  الخبر بنصه دون تدقيق، باستثناء موقع “البوابة نيوز” الذي انخفض فيه عدد فرص العمل من 25 ألف فرصة عمل، إلى 200 فرصة عمل فقط، إذ جاء نص الخبر” افتتحت الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، يرافقها اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، أول مصنع لمبات الليد بالمحافظة بالجهود الذاتية، ويعمل به 200 فرد من أبناء المحافظة”.

سِحرٌ

يتوقف كل من له أدنى دراية بالاستثمار والصناعة مشدوها أمام الأرقام الواردة في الخبر، فيقول الخبير الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي: “هذا الخبر مثال على التسويق الإعلامي الفاشل لوزيرة الاستثمار،  فعلى ما يبدو أن مصر موعودة بوزراء الاستثمار الذين يجيدون الترويج الإعلامي لأشخاصهم، وليس للاستثمار في مصر، إذ يتناول الإعلام أداء هذه الوزيرة على الأقل في خبرين أو ثلاثة يوميًا؛ ولكن ما نشر عن زيارتها لجنوب سيناء وافتتاح مصنع للمبات الليد، خارج نطاق العقل، المصنع على مساحة ألف متر، وباستثمارات 32 مليون جنيه، وسوف يوفر 25 ألف فرصة عمل لأبناء المحافظة!! يعني فرصة العمل ستتكلف 1280 جنيها تقريبا، في أي منطق ووفق أي حسابات اقتصادية؟ لا أدري”.

ويضيف الصاوي: “لو بالحسابات الجهنمية دي، لن يكون في مصر بطالة خلال عام، بل سنستورد عمالة من الخارج، أعطوا هذه الوزيرة العبقرية ما تم رصده في الموازنة العامة تحت بند الاستثمار، والمقدر بـ 135 مليار جنيه، لكي توفر فرص عمل بتكلفة 1280 جنيها، أو أطلقوا يد هذه الوزيرة الساحرة في ودائع البنوك  .. لكن لا عجب إذا كانت وزارة التخطيط تعلن عن تراجع معدل النمو الاقتصادي، فيما على العكس يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع البطالة، يعني حاجة ضد العقل وضد أي منطق اقتصادي”.

ويختتم الخبير الاقتصادي كلامه قائلا:  تبقى مقولة “أن الغبي جند من جنود الله، إذ تنطلق أعمال الانقلاب العسكري ووزرائه وإعلامه ليثبتوا للجميع بأن عقولهم مغيبة”.

فنكوش وأكاذيب

يبدو أن مصر موعودة بوزراء على شاكلة اللواء عبدالعاطي كفتة الذي زعم علاج الإيدز بالكفتة في حضور وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي، إذ إن تكلفة فرصة العمل في القطاع الصناعي لا تقل بأي حال عن نصف مليون جنيه، كما أن عدد العاملين المنشور بالخبر وهو 25 ألف عامل، عند توزيعه على مساحة المصنع وهي 1000 متر مربع، يعني أن أكثر من ثمانية عمال سيعملون في مساحة متر مربع واحد، بافتراض أن المصنع سيعمل بعدد 3 ورديات على مدار اليوم بكامل طاقته، فهل يعقل هذا، أم أنه سِحرُ الوزيرة سَحَر؟.

كما أن مساحة 1000 متر مربع لا تكفي سوى لمشروع لتجميع اللمبات التي يتم استيراد مكوناتها بالكامل، فخطوط الإنتاج عبارة عن سيور للحركة كما يظهر في جميع الصور المنشورة لزيارة الوزيرة للمصنع.

كانت صحيفة المصري اليوم نشرت في  11 مايو/ أيار 2016 دراسة عن تكلفة فرصة العمل في القطاعات المختلفة، جاء فيها أن متوسط التكلفة لفرصة العمل في مصر مبلغ 326 ألف جنيه لفرصة العمل الواحدة، ما يعادل 37 ألف دولار  في حينه، وأن تكلفة فرصة العمل في قطاع الصناعات الهندسية والإلكترونية التي ينتمي إليه المشروع الذي افتتحته الوزيرة، تبلغ 284 ألف جنيه ، ومع الأخذ في الاعتبار تعويم الجنيه المصري في 3 نوفمبر/ تشرين ثاني 2016، تتضاعف قيمة فرصة العمل الواحدة لتصل في المتوسط حاليا إلى 700 ألف جنيه

يذكر أن الصحف نشرت في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 أن الحكومة خصصت 625 مليون جنيه لشركة النصر للأجهزة الكهربائية والالكترونية (نيازا)، للبدء في إنتاج اللمبة الليد (LED)، الموفرة للطاقة، وتوطين صناعتها فى مصر، وذلك بناء على تعليمات من رئيس الجمهورية.

وكان السيسي قد اقترح، أثناء حملته الانتخابية، استخدام اللمبات “الليد”، كأحد حلول أزمة الكهرباء، واختار نيازا الحكومية لتنفيذ الاقتراح.

فإلى متى تستمر الحكومة المصرية في ترويج الأكاذيب؟ أم أنها تسير على خطى السيسي، وكما جاء في الأثر “الناس على دين ملوكهم”.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها


إعلان