“أموال الإخوان” الإصدار الجديد من “تأميمات عبدالناصر”

منذ تشكيل لجنة التحفظ على أموال الإخوان في سبتمبر 2013 وحتى الآن، تم التحفظ على أموال أكثر من 2400 شخص، و630 شركة متنوعة النشاط بينها 70 شركة صرافة، و460 سيارة، و329 فداناً، و1200 جمعية أهلية، و123 مدرسة، و130 مستشفى ومستوصفاً، و522 مقراً لحزب الحرية والعدالة، و54 مقراً لجماعة الإخوان، وتقدر القيمة الإجمالية لهذه الممتلكات بنحو 50 مليار جنيه.

وقد حذر خبراء اقتصاديون من التداعيات الخطيرة  لقرارات التحفظ على أموال وممتلكات رجال الأعمال بشبهة الانتماء أو التعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين، ورآه البعض عودة لعصر المصادرات والتأميمات، ومن الصعب الثقة في اقتصاد دولة تؤمم وتصادر أموال المستثمرين.

في شهادته على عهد عبدالناصر قال الدكتور حسن عباس زكى وزير الاقتصاد في عهده، ومهندس تنفيذ قرارات التأميم: ” فى صيف 1961 استدعانى الرئيس جمال عبد الناصر لاستراحته فى المعمورة، ذهبت له فحدثنى عما نعانيه من نقص فى السيولة بعد تأميم القناة والعدوان الثلاثي عام 1956، ورغبته فى معاقبة الأجانب فى مصر جزاءً لهم على ما فعلته بنا دولهم، وقال لى إنه يفكر فى التأميم، فاقترحت عليه بدلا من ذلك سن قانون للضريبة المتصاعدة،  فأعرب عن موافقته.

ذهبت إليه في اليوم التالي فى فيلا المشير عبد الحكيم عامر وكان معهما عزيز صدقى، وبمجرد دخولى فوجئت بالمشير يقول لى: “إيه اللى أنت عاوز تعمله ده؟” فقلت له إننى سهرت للانتهاء من القانون الذى طلبه منى الرئيس عبد الناصر، وانتهيت من تفاصيله. فقال لي: انس ما كتبته لقد سهرنا وفكرنا ولم يعجبنا ما اقترحته، واستقررنا على التأميم الشامل للمصريين والأجانب!  لم أكن مقتنعا بالقرار ولكني نفذته ووقع الكثير من التجاوزات عبر تطبيقه، وعرفت أن وزير التجارة قام بحصر الملاك عبر دفتر دليل التليفونات، ومن دون تمييز بين وضعهم وما يمتلكونه. وبعد كل هذه السنوات وعلى الرغم من أن التأميم وفر للدولة أموالاً طائلة، فإننى أعتقد أن اقتراح الضريبة كان سيكون أفضل لأنها كانت ستحافظ على أصول رأس المال، وإدارته عن طريق أهل الخبرة لا أهل الثقة. وما كانت شركات عملاقة فى تاريخ الاقتصاد المصرى قد خسرت مكانتها وإنتاجها كما حدث، وما كنا احتجنا لبيعها مرة أخرى فيما عرف بالخصخصة التى خسرنا فيها الكثير، فكما جاءت قرارات التأميم بلا تحضير للنتائج، جاءت الخصخصة بلا حساب للقيمة بشكل صحي”.

الإصدار الجديد

كان هذا جزءا من حوار لجريدة المصري اليوم في يوليو تموز 2009، وبعد ستين عاما من قرارات المصادرة والتأميم في عهد عبدالناصر، يعيد التاريخ نفسه في إصدار جديد على يد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي ممثلا في لجنة “التحفظ على أموال الإخوان” التي أصدرت حتى الآن قرارات بالتحفظ على أموال وممتلكات أكثر من 1700 شخص، بزعم انتمائهم أو تعاطفهم مع جماعة الإخوان المسلمين، شملت هذه الممتلكات مصانع وشركات ومدارس ومستشفيات ومكتبات.

وخلال الأسبوع الحالي، أعلنت “لجنة أموال الإخوان”، التحفظ على عدد من المصالح التجارية الناجحة.مثل  شركة “دلتا القابضة”، المالكة لمتاجر”راديو شاك”، و”كمبيوتر شوب”، و”موبايل شوب”، و”كومبيو مي”، و”سمارت هوم”، واسعة الانتشار في مصر ، كما تم التحفظ على شركة موقع “مصر العربية”. كما أسندت اللجنة إلى شركة “أخبار اليوم” الحكومية  للاستثمار إدارة مكتبات “ألف” المملوكة لرجل الأعمال والخبير الاقتصادي، عمر الشنيطي، وصحيفتي “البورصة”، و”إيجيبت ديلي نيوز”، المملوكتين لرجل الأعمال والصحفي، مصطفى صقر.

ويرى مراقبون أن اللجنة، بهذه القرارات الجديدة، تعبر عن نهج جديد للنظام وهو توسيع دائرة الاشتباه ليشمل أي شخصية كانت تتعامل مع الجماعة، والشخصيات المعروفة بالتدين على الصعيد الشخصي، وكذلك من شاركوا أعضاء جماعة “الإخوان” في مشروعات تجارية سابقاً.

الخطير والجديد في القرارات الأخيرة هو التحفظ على الشركات والمصالح التجارية أياً كانت نسبة الأسهم المملوكة بها للأشخاص المتحفظ عليهم.  حتى ولو لم تكن قرارات التحفظ تشمل باقي الشركاء .

وحذّر خبراء اقتصاديون من التأثيرات السلبية لقرارات التحفظ على أموال رجال الأعمال والمستثمرين  خاصة أنها جاء ت دون دون أحكام إدانة قضائية نهائية ، وأنها تعطي رسالة سلبية  عن استقرار الأوضاع في مصر، في وقت تستهدف فيه الحكومة  اجتذاب استثمارات جديدة، وتعاني أزمات اقتصادية طاحنة.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها


إعلان