تخطئ قيادة حماس لو تخيلت أن دحلان ورقة يمكن اللعب بها لصالح أهل غزة؛ فدحلان فعلاً ورقة ولكنها بيد المصريين، يحاولون الضغط بها على عباس للقبول بما يراه الإسرائيليون حلاً للصراع.
يحضرني وأنا أسمع عن زيارة وفد حماس إلى القاهرة مثلٌ فلسطيني أذكر بدايته وأتحرج من إكماله وهو (يا طالب الدبس … النمس)؛ والدبس هو العسل الأسود باللهجة المصرية، والنمس هو حيوان بري لا ينتج الدبس بالتأكيد، ويضرب هذا المثل عند طلب المستحيلات.
لا أحد في العالم يستطيع أن يتابع تفاصيل ومجريات زيارة هنية والسنوار إلى مصر، ولن يستطيع أحد أن يعرف نتائجها أيضاً، ولكنها لن تتمخض بالتأكيد عن شيء ولو قليل لصالح الشعب الفلسطيني.
وأي أمل بالحصول على شيء من السيسي وحكومته هو شكل من أشكال التخريف والهطل؛ فكل ما يريده المصريون ومن خلفهم الإماراتيون هو فرض دحلان على المشهد الفلسطيني؛ مع أن أصغر طفل فلسطيني يدرك أن هذا الشخص لا يختلف عن عباس في شيء، والميدان الذي يمكن أن يجري فيه التنافس بين عباس ودحلان هو إرضاء أمريكا، وتقديم مزيد من التنازلات لإسرائيل.
تخطئ قيادة حماس لو تخيلت أن دحلان ورقة يمكن اللعب بها لصالح أهل غزة؛ فدحلان فعلاً ورقة ولكنها بيد المصريين، يحاولون الضغط بها على عباس للقبول بما يراه الإسرائيليون حلاً للصراع؛ والإسرائيليون لا يرون إلا أن كامل الضفة الغربية في حوزتهم بمستعمراتها وحواجزها وأرضها ومائها وسمائها وبدون شعبها إن أمكن.
أدرك أنا بأن ديكتاتورية الجغرافيا تفرض على أهل غزة التعامل مع المصريين، لكن ليكن ذلك بعيداً عن حماس؛ فلا يجب عليها أن تتصدر المشهد، والحل الأمثل برأيي هو التصعيد مع المحتل، وترك الأمر للشعب الفلسطيني ليتعامل معه كيفما يشاء، أما أن تتحول حماس إلى جهاز أمني يضبط الحدود مع مصر ومع فلسطين المحتلة، فهذا يجعلها لا تختلف كثيراً عن سلطة رام الله وتنسيقها الأمني، وأي تشبيح خارج نطاق هذا التصور هو خطاب إعلامي لن يجد له صدى إلا بين أعضاء حماس، وهؤلاء لا يشكلون نسبة كبيرة بين أفراد الشعب الفلسطيني، وإن تم هذا ستصب اللعنات على قيادة حماس بنفس الكم الذي تصب به على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها.
كل ما هو مطلوب من هنية والسنوار هو السعي لإطلاق سراح الشباب الأربعة المختطفين -إن كانوا احياء، وكذلك حجاج بيت الله الحرام الذين اعتقلوا حديثاً، وإن استطاعوا الاستفادة من دحلان في هذا الأمر، ولن يستطيعوا، ولن أفاجأ لو عرفت أن كل من خطف واعتقل جرى ويجري التحقيق معه بمعرفة ضباط دحلان في الأمن الوقائي الموجودين في مصر وبالمشاركة مع الإسرائيليين.
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها

