كي يتضامن معك العالم يجب أن تكون سليل رقعة جغرافيّة تختزن خيرات ومقدّرات من النفط أو الغاز أو المعادن الثمينة أو أن تكون الجغرافيا أنصفتك فجعلتك مجاورا لأرض الإسراء والمعراج.
كلّما وقع تعدٍّ على بعض البشر في دولة سكّانها من المسلمين إلاّ وتعالت الأصوات شرقا وغربا لنصرتهم وتدخّلت المنظّمات الدوليّة والأمم المتحدة والدول الكبرى إمّا بالعمل العسكري أو الإغاثيّ أو التنديد على الأقلّ وفرض العقوبات إلى غير ذلك من الوسائل المتاحة وهو ما رأيناه في العراق وسوريا مرّة دفاعا عن الشيعة المضطهدين من نظام سنيّ (العراق) وأخرى مساندة للسنّة المقهورين تحت وطأة نظام شيعيّ (سوريا).
فيُعجب المرء من هذا الدّفق من الإنسانيّة والرحمة الغربيّة خاصّة ونبل المشاعر تجاه المساكين المضطهدين. ولكنّا اليوم كما أمس وكلّما تعلّق الأمر بمسلمي الروهينغيا في بورما إلاّ واضطررنا إلى مراجعة تلك الأماني والأوهام وأحلام اليقظة التي كنّا ننتشي لسماعها.
يبدو الأمر خلافا لطيبة نوايانا نحن العرب “الدراويش”، إذ إنّ الانتصار للمسلمين المضطهدين مرتبط بشروط مجحفة أساسها الجغرافيا التي لا دخل للإنسان في تحديدها؛ فكي يتضامن معك العالم يجب أن تكون سليل رقعة جغرافيّة تختزن خيرات ومقدّرات من النفط أو الغاز أو المعادن الثمينة أو أن تكون الجغرافيا أنصفتك فجعلتك مجاورا لأرض الإسراء والمعراج حيث الخوف كلّ الخوف على مصالح الكيان الغاصب والجسم الغريب الذي فتّت الأمّة العربيّة والإسلاميّة.
ودون ذلك فلا عزاء لك إن كنت مضطهدا أو محروما جائعا، فالمسلمون درجات ورتب ومنازل والفرق بينهم كبير ليس بالتقوى كما قال رسول الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام بل بالثروة والقرب والبعد عن أرض فلسطين المباركة.
أخيرا تحقّق حلم عربيّ وإسلاميّ كبير وهو أنّ فلسطين صارت بوصلة؛ ولكن ليس من خلال تحريرها بل من خلال الخشية على نفايات العالم من البشر الذين دنّسوا أرضها.
سلام عليكم يا مسلمي بورما ولكم الله عسى أن تتغيّر الجغرافيا وترحمكم فيُكتشف ثمين في أرضكم أو تضمّ دولة اليهود أراض مجاورة لكم إلى مستوطناتها.
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها

