أي دور للمثقف والثقافة؟!

 

أي دور للثقافة في علاج بعض أزمات البلاد؟ وأي دور للمثقف في التنمية الثقافية؟ أسئلة ملحة في هذه المرحلة من حياة مجتمعاتنا. في ظل الغزو التكنولوجي الذي اقتحم كل المجالات من بينها المجال الثقافي. الذي أصبح متذبذبا وملوثا ولا يلبي الطموحات.

المثقفون أصبحوا يخوضون في السياسة وتحزبوا. وتغيرت ألوانهم ولم يوحدهم اللون الثقافي وهوية البلاد.

نخبة عوض أن تصطف خلف الوطن، اصطفت حول مصالح حزبية ضيقة، لا تسمن ولا تغني من جوع، بل لوثت المشهد الثقافي في البلاد. وسوقت لثقافة رخيصة مست من هوية البلاد فلا الشعر شعر، ولا المسرح مسرح، ولا الغناء غناء، حتى لم نعد نرى صلابة فنية وقوة أو وحدة فنية للرقي بالذوق العام في شتى المجالات الثقافية.

لأن أي هوية خاصة ببلد ما تتطلب وحدة ثقافية وقوة تستطيع مواجهة المتغيرات ومجابهة المستجدات.

إن القلم يصعب وصف التشرذم الحاصل في المشهد الثقافي ببلاد كل يغني على ليلاه، حتى الجيل الجديد لم يعد له العون واليد التي تأخذ بيده.

إذا كان المثقف نفسه أو الشخصية الفنية أصبحت تبحث عمن  يأخذ بيدها لبر الأمان في ظل اهتزازات مستمرة في المشهد الثقافي. في ظل إعلام لم يكن داعما للتنمية الثقافية ولا للمشهد الثقافي، بسبب عقمه وضعفه ومقدرته المتواضعة إذا كان ماديا أو حتى بشريا من خلال صحفيين وإعلاميين اكفاء رغم محاولة البعض التطوير من أنفسهم. وهذا يعزى لتحزب الإعلام نفسه مما زاد الهوة بين المثقف والشعب ، وبين المثقف والسلطة .

المثقف نفسه لم يعد يعرف ماذا يريد. أصبح تائها وسط أفكاره وأحلامه وطموحاته وسبل تحقيقها بثبات ورقي أو ينجرف لتيارات وسياسات عقيمة ربما تعصف بأعماله وطموحاته أو تتحكم في أبجديات المشهد الثقافي وتسوق لثقافة ما لا تتماشى مع ميول المثقف واستراتيجيات عمله.

هذه طامة كبرى، ربما نعذر انسحابه من العمل الثقافي لأن الأمر ما عاد يشبع شغفه ونهمه ولا السياسات تناسبه خاصة من أراد الحفاظ على مبادئه والثبات على مواقفه فهو مقصي ومهمش من كل شيء من الوزارة ومن الدولة والإعلام.

ماذا يفعل المثقف إذا رسمت له سياسة دولته نظم ونواميس تقيد عمله الثقافي متعارضة مع المستجدات والمتغيرات، لأن المثقف هو المواكب على أرض الواقع للواقع والمشهد برمته ليس الدولة. وبالتالي أصبح المثقف بين مطرقة أحلامه وسندان السلطة.

لذلك نلحظ ارتفاع نسبة النخبة المهاجرة خارج البلدان العربية باحثة عن هامش من الحرية في النقد البناء ومساهمة لبناء ثقافة متطورة وتدعم الهوية الخاصة بالبلاد.

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها


إعلان