يسأل الكثير من الناس عن أسباب استمرار الحرب على ما يسمى الإرهاب لعامها الخامس دون تحقيق نصر على عشرات المسلحين وعن استمرار الهجمات المسلحة ضد قوات الجيش وبنفس الطرق والتنفيذ في الغالب..
فهل من المعقول – يقول البعض – يعجز جيش مثل الجيش المصري عن منع هجمات مسلحة تكررت بنفس الطريقة طيلة السنوات الماضية؟!
ودون أن يجد قادة ومخططو العمليات العسكرية للجيش حلا نهائيا لمنع تكرار الطريقة التي تتم بها الهجمات خاصة إنها على كمائن الجيش الثابتة ومقراته الدائمة فهل بات الجيش في حالة عجز حتى عن الدفاع عن ثكناته المحصنة؟!
أسئلة كثيرة تدور في الأذهان دون إجابات منطقية عن كافة الأحداث وفي ظل غموض كامل يكتنف ما يجري على الأرض، ومع شح المعلومات سنحاول الإجابة من الميدان.. تعتبر منطقة شرق شمال سيناء الحدودية حتى مشارف وسط سيناء إلى جنوب مدينة العريش هي منطقة العمليات العسكرية للجيش في مواجهة مسلحي التنظيم الذي يتحصن مقاتلوه في دروب صحراوية وعرة في تلك المناطق.
فتكتيكات الجيش في مواجهة عناصر التنظيم تظل بدائية وسطحية وغير كافية لتحقيق النصر ..
فنشر الكمائن على الطرقات وداخل المدن بكثافة شديدة والمداهمات المستمرة للمنازل والمزارع، وتجريف ما يلزم لإقامة مناطق حماية كلها إجراءات تؤدي لحماية وجود قوات الجيش داخل مدن العريش والشيخ زويد، لكنها لا تؤدي أبدا لتحقيق نصر على مسلحي التنظيم، ولن تحقق تقدما في الحرب على الإرهاب..
وكل ما ستحققه تلك التكتيكات العسكرية هو الحد من قوة وهجمات التنظيم المسلح؛ ولكنها تبقى عاجزة عن تحقيق النصر، والسبب يعود لطبيعة المعركة .. فمسلحو تنظيم ولاية سيناء يتحصنون في أكثر مناطق سيناء صعوبة ووعورة، وهي المنطقة التي تبدأ من جنوب مدينة الشيخ زويد الظهير الصحراوي الوعر الذي يطلق عليه بدو المنطقة لفظ المضبعة.
أي المنطقة العسيرة وهي تمتد من منطقة الجميعي إلى جنوب مدينة العريش بعرض حوالي 20 كيلو مترا إلى نحو 50 كيلو مترا طولا ..
هذه المنطقة لم يسكنها أحد لصعوبة الحياة بها فهي وهاد عظيمة من الرمال المرتفعة تتخللها منخفضات كثيرة ونصف غابات من أشجار الإثل الكبيرة ..
يقول البدو إن الناس هربوا في حرب ٦٧ إلى هذه المنطقة من قصف الطائرات الإسرائيلية، وهي التي وجد بها التنظيم المسلح ضالته في الالتجاء والتحصن ..
ومن ثم التخطيط والتدريب والانطلاق إلى تنفيذ هجمات ضد الجيش ومن ثم العودة إلى تحصيناته، وهكذا على مدار السنوات الماضية.
فحتى هذا التاريخ لم يذهب الجيش لخوض معارك برية في مناطق وجود المسلحين، والاكتفاء بالقصف الجوي والحصار على أمل أن يموتوا من تلقاء أنفسهم وتنتهي المعركة، أو كما قال قائد للجيش لبعض الأهالي: بكرة (غدا) يزهقوا ويمشوا فخوض .. معارك برية ضد المسلحين في مناطق وجدوهم لم تحدث حتى الأن.
ولا ندري ما هى الأسباب؟ فهل يرجع هذا إلى عدم الاستعداد لخوض المعركة أم بهدف إطالة أمد الحرب بهدف استغلالها أم العجز عن تحقيق النصر، فيبقى الوضع كما هو عليه إلى أمد لا يعلمه إلا الله ..
أو كما قال السيسي في مقابلة تليفزيونية مؤخرا “أمريكا تحارب في أفغانستان منذ 17 عاما، فهل كان يمهد بذلك الناس للانتظار طويلا حتى يتحقق النصر أو قد لا يتحقق .. فحتى أمريكا تتفاوض مع حركة طالبان اليوم، ولم تحقق النصر .. فبدون خوض معارك برية مع التنظيم في مناطق تحصنه لن يتحقق نصر بنشر الكمائن ولا بالقصف المدفعي فهل يخوض السيسي معارك نهائية ضد التنظيم أم سيستمر في تجميد الحرب لأجل غير مسمى؟!
طالما لم يسأل الناس عن الفشل ويدعون لمحاسبة المسؤولين عنه فلن يتغير شيء في الواقع سوى المزيد من الهموم والآلام والفشل.
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها