قلق المواطن الأردني وإنزعاجه له مبرراته حيث يعمل بعض المواطنين مثلا في القطاع الخاص الذي يتأثر كثيرا بتصريح صحفي يفترض وجود حظر تجول نهاية الإسبوع وهو ما يؤثر على النمط المعيشي.
بدأ القطاع الصحي في الحكومة الأردنية الجديدة عهده بسلسلة تناقضات في التصريحات الصحفية؛ وهي أحد الأخطاء المؤثرة التي حدثت كثيرا في عهد الحكومة السابقة؛ وهذا الخطأ الفادح كان أحد أسباب إنحدار مؤشر الثقة في الأداء الحكومي، ونتج عنه الكثير من الإنتقادات الشعبية على أي قرار حكومي يتعلق بحظر التجول.
تطورات الحالة الوبائية هي أبرز ما يتابعه المواطن حاليا لأن حظر التجوال يؤثر على نمط المعيشة اليومي. فعلى سبيل المثال نشرت المواقع الإخبارية الأردنية تصريحات منسوبة إلى الجنة الأوبئة بأنها أوصت بعدم فرض حظر للتجوال أيام الجمعة والسبت، ولاحقا نشر موقع إخباري أخر تصريحا اخر منسوبا إلى لجنة الأوبئة يقول: إن إستمرار إرتفاع حالات الإصابة بالكورونا سيدفع خلية إدارة الأزمات إلى إعادة فرض الحظر الشامل! ما هذا التناقض!
على الجانب الأخر تنشر وسيلة إخبارية أخرى تصريحا لوزير الصحة ؛ وهو أعلى مسؤول حكومي في القطاع الصحي يؤكد بأن لجنة الأوبئة لم توص بإلغاء حظر التجوال، وهذه التناقضات في التصريحات تسبب للمواطن المتابع القلق والإنزعاج، بل ويقوم البعض من المواطنين بتناقل تلك التصريحات بنوع من التهكم أحيانا!
قلق المواطن وإنزعاجه له مبرراته حيث يعمل بعض المواطنين مثلا في القطاع الخاص الذي يتأثر كثيرا بتصريح صحفي يفترض وجود حظر تجوال نهاية الإسبوع وهو ما يؤثر على النمط المعيشي اليومي. فعلى سبيل المثال يكثر التزاحم لتأمين المواد التموينية عندما تكون هنالك تصريحات تتعلق بحظر تجوال طويل. حيث لا تستطيع المطاعم ومحلات الخضار والفواكه مثلا تخزين بضائعها وتتأثر سلبيا بشدة من أخبار حظر التجوال الإفتراضية!
لا شك في أن تصريحات وزير الصحة بصفته الوظيفية هي التصريحات الأهم في هذا الشأن ؛ولكن المواطن البسيط لا يهمه ذلك، بل ينتظر تصريحا حكوميا مسؤولا، متناسقا ومقنعا. وهنا علينا العودة إلى أصل المشكلة التي قد تكون في اللامركزية المتبعة في الهيئات التابعة للوزارات مثلا.
لا شك في أن تصريحات وزير الصحة بصفته الوظيفية هي التصريحات الأهم في هذا الشأن ؛ولكن المواطن البسيط لا يهمه ذلك بل ينتظر تصريحا حكوميا مسؤولا متناسقا ومقنعا
بينما قد يكون هنالك خلل في التفاصيل الوظيفية لكل مسؤول في كل موقع بحيث يسمح له القانون بالتصريح وهنا يقع الحرج مبدئيا على الوزير وهذا ما يؤدي إلى زعزعة ثقة المواطن في الحكومة عن بكرة أبيها .
ومن الأسباب الأخرى قد يكون حب الظهور الإعلامي طاغيا على شخصية بعض المسؤولين؛ وهنا مشكلة عميقة فالظهور الإعلامي قد يكون له إغراءاته.
ولكن في أزمة مؤثرة جدا مثل أزمة الكورونا فلا مكان لشخص يكرر الخطأ خصوصا من يقدم نفسه إعلاميا بدور البطل على حساب الوطن، مع الأخذ بعين الإعتبار أنه سبق أن تم معاقبة مسؤول كبير في لجنة الأوبئة بسبب تصريحه الشهير “نظرية الضبع” بغض النظر وقتها عن مبرراته.
يوجد في مجلس الوزراء وهو أعلى سلطة في الدولة وزير إعلام بواجبات وظيفية محددة، وكذلك ناطق إعلامي وهذا تنظيم نموذجي يقلل من الأخطاء (نظريا) إلى حد ما، ولكن من غير المقبول أن يكون في وزارة واحدة عشرات المتحدثين لوسائل الإعلام بداية من الوزير نفسه وليس إنتهاء بموظف في إحدى لجان التقصي الوبائي من خلال صفحته على الفيس بوك.
والتصريحات الإعلامية للمسؤولين لا تقتصر على وسائل الإعلام بل يتناقل المواطنين ردود الوزراء وغيرهم من المسؤولين في مجموعات الواتس أب على أنها تصريحات رسميه وهذا ما يحرج وزير الإعلام مثلا!
يرى البعض أن التناقض في التصريحات الحكومية ليس بالمصادفة وإنما هي دلالة على فقدان البوصلة في إدارة الأزمة
الحكومة الأردنية تحتاج سريعا لمعالجة هذا الخطأ اليومي الذي سبق تكراره من مسؤولي الحكومة السابقة، ومن ضمن المعالجة المطلوبة تحديد الأشخاص المناط بهم التصريحات الرسمية ،وأيضا إعلان نظام محاسبة لكي يكون هناك عقاب معلن على المسؤول الذي يتحدث إعلاميا بدون مرجعية لتجنب الإرتجالية في القرارات كما حصل في حالة عقوبة الطبيب المسؤول الذي تحدث عن نظرية الضبع.
يرى البعض أن التناقض في التصريحات الحكومية ليس بالمصادفة وإنما هو دلالة على فقدان البوصلة في إدارة الأزمة وهذا أخطر تصور ولكن لا يمكن الجزم وإعتباره صحيحا ولكن يجب ان يؤخذ على محمل الجد إذا ما إستمرت فوضى التصريحات المتناقضة وخصوصا في ملف الكورونا من دون علاج!ّ
لا يناقش هذا الموضوع أهمية حظر التجول في حد ذاته وإنما يهتم بالجانب الإعلامي في الأداء الحكومي الذي يعتبر سلاحا ذا حدين، قد يؤدي إلى رفع مؤشر الثقة فيها إذا ما أحسنت التعامل معه بإحترافية ومهنية. وقد يؤدي إلى الإطاحة بها في حالة إستمرت فوضى التصريحات المتناقضة منها.
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها