لا شك أن تطورات فيروس كورونا المستجد هو الحدث الأهم والأبرز هذه الأيام، وتسعي الدول والحكومات ومنها الحكومة المصرية لاحتواء الفيروس ومنع انتشاره، ولكن في نفس الوقت هناك فيروس من نوع أخر لا يقل خطورة عن فيروس كورونا ويفوق عدد ضحاياه عدد ضحايا كورونا حول العالم حتى الأن، لايزال ينتشر في سيناء بسرعة مخيفة ومقلقة وبات يقترب من المجري الملاحي لقناة السويس، ويبدو أن الحكومة المصرية تقف أمامه عاجزة لا تستطيع فعل شيء.
كما هو معلوم أنه منذ أن أعلنت القوات المسلحة الحملة العسكرية للقضاء علي فيروس “الإرهاب” في سيناء في سبتمبر عام 2013 م ، وهي تركز علي مناطق أدعت أنها مصدر الفيروس وهي المناطق الواقعة داخل مثلث العوجة العريش رفح، وهي مدن رفح والشيخ زويد والعريش والقري التابعة لها . وبدأت المواجهات المسلحة بين القوات الأمنية (الجيش والشرطة) والميليشيات المحلية التابعة لها وبين ما يعرف بتنظيم “ولاية سيناء”.
كان الجميع في البداية يظن أن السلطات الأمنية تمتلك مصلا لعلاج فيروس “الإرهاب” ولكن سرعان ما خاب ظنهم بعدما رأوا ممارسات السلطات الأمنية بحق المدنيين الأبرياء فتأكدوا أنه لا يوجد مصل ولا لقاح، وحذر نشطاء وسكان من سيناء من المصل المستخدم للعلاج وأنه يساعد علي انتشار الفيروس وليس تحجيمه ، ولكن السلطات الأمنية سمعت ” أذن من طين والأخرى من عجين” ، فكانت النتيجة انتشار الفيروس الي الحد الذي اصبح من الصعب السيطرة عليه وبدأ ينتقل في اماكن جديدة من سيناء .
ففي الآونة الأخيرة أنتقل الفيروس وما يصاحبه من انتهاكات بحق المدنيين إلي مدينة بئر العبد أخر مركز في شمال غرب سيناء،التي تقع بعدها الحدود الإدارية لمحافظة الإسماعيلية وقناة السويس ، وبدأت الأمور تسير بنفس الطريقة التي كانت تسير في مناطق شمال شرق سيناء ، فالسلطات الأمنية مصرة علي استخدام نفس المصل من إخفاء وتصفية وتهجير واعتقال، والفيروس كما هو يخطف ويذبح ويخفي أيضا .
ففي الأيام القليلة الماضية نشط تنظيم ما يعرف بـ”ولاية سيناء” في عمليات الخطف لمواطنين من مدينة بئر العبد والقري التابعة لها وقام بإعدام بعضهم بطرق وحشية وتصويرهم أثناء عملية الإعدام بدعوي تعاونهم مع القوات الأمنية. كان آخرهم اعدام مواطنين من قبيلة الدواغرة في الخامس من مارس/آذار الجاري، وأطلق سراح عدد منهم واستمر في احتجاز اخرون.
وقام أيضا مسلحو التنظيم في الخامس عشر من مارس/آذار الجاري بالهجوم علي محجر في منطقة بالوظة وهي أخر نقطة غرب محافظة شمال سيناء وقاموا باختطاف أحد المقاولين يمتلك معدات في المحجر وتم التنبيه على العمال بعدم العمل في المحجر.
لم يسلم أيضا من يدعون امتلاك المصل واللقاح من الفيروس، فقد نجي مأمور قسم بئر العبد أثناء سيره في مدينة بئر العبد في الرابع عشر من مارس/آذار الجاري من محاوله اغتيال ، ولكن الهجوم أسفر عن مقتل سائقه المجند احمد عبد السلام .
وسرعان ما لجأت السلطات الأمنية إلي نفس المصل الذي أستخدم في مدن شمال شرقي سيناء، وعلي الفور شنت حملات علي بعض القري والأحياء في المدينة، وقامت باعتقال وتصفية عدد من المخفيين قسريا بطلقات في الرأس و الصدر في منطقة تفاحة جنوب مدينة بئر العبد ، وهناك أنباء عن إغلاق محطات الوقود في المدينة وهذا تماما ما حدث في مناطق شمال شرقي سيناء .
مر علي محاربة فيروس “الإرهاب” ما يقرب من سبع سنوات ، تعرض خلاله سكان سيناء للعديد من الانتهاكات ، فقد تم قصف العديد من المدنيين الأبرياء ، وازدادت النعوش العسكرية للجنود البسطاء ، وفجعت قلوب العديد من الأمهات والأباء ، وهُجر السكان وحُوصروا وأُمروا بالإخلاء ، وتم تصفية عدد كثير منهم وتعرضوا للإخفاء ،وبالرغم من تأكد عدم جدوي ما يستخدمونه من علاجات ، يصرون ليل نهار علي إصدار البيانات ، يعلنون فيها مقتل العديد من القيادات ، فهل نجح الفيروس في مواجهة مصل السلطات ، أم أن فشل المصل هو جزء مما يحاك لسيناء من مؤامرات
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها