طائر طفيلي، لا يبني عشا، ولا يحتضن بيضا ، ولا يطعم فراخا ،بل يتطفل على الأخرين ، فتقوم أنثاه بوضع بيضها في أعشاش طيور أخرى.
واحد من أعجب الطيور على الإطلاق ، تكمن غرابته في تصرفاته الشديدة المكر والدهاء، تلك السلوكيات التي لا يكتسبها ممن حوله، بل تفرضها عليه جيناته الخبيثة ، إنه طائر الوقواق.
طائر طفيلي ، لا يبني عشا، ولا يحتضن بيضا ، ولا يطعم فراخا ،بل يتطفل على الأخرين ، فتقوم أنثاه بوضع بيضها في أعشاش طيور أخرى.
بعدها تقوم الطيور المضيفة للبيضة بحضانتها ، حتى تفقس، ويخرج صغير الوقواق، وهنا يحدث واحدة من أعجب الظواهر التي حيرت العلماء، حيث يقوم هذا الفرخ (السفاح) فور خروجه من البيضة، بدحرجة كافة بيض الطائر المضيف، بل و فراخه أيضا التي فقست ، وطردها خارج العش ، بكل خسة ودناءة، ليخلو له الجو ، ويحصل وحده على العناية والطعام.
ورغم ما يبدو للوهلة الأولى ، من دهاء في سلوك هذا الطائر ، بل وسلوك فراخه الذي تظهره منذ لحظة الميلاد ، إفإن العلماء لم يعتبروه ذكاءً ، بل اعتبروه خبثا ولؤما، وأطلقوا عليه اسم ، طائر “الوقواق اللئيم”.
في عالم البشر ، توقف عدد من الصحف الأمريكية أمام فعل رأوه من عجائب صنع الدول في مواجهة وباء اجتاح الجميع ، حين سارع النظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي- بإرسال شحنة مساعدات طبية لأمريكا، تتضمن أقنعة واختبارات طبية لفحص المصابين بفيروس كورونا.
وأبدت الصحف استغرابها من إرسال مصر أدوات طبية، بينما شعبها في حاجة لها،وتطرقت للأخبار التي تم تداولها أخيرا، عن استغاثات لأطباء ومواطنين مصريين يطالبون فيها بعمل اختبارات للمصابين.
مصر التي سجلت حتى اليوم (طبقا لأرقام منظمة الصحة) أقل من مئة ألف تحليل، وتمتنع عن إجرائه للكثيرين،(حتى بات الإعلان عن اكتشاف حالات من الوفيات لمصابين، أمرا مألوفا) أرسلت ما يحتاجه شعبها لمواجهة الوباء ، هدايا لدول وشعوب عدة.
الوقواق طائر طفيلي ، لا يبني عشا، ولا يحتضن بيضا ، ولا يطعم فراخا ،بل يتطفل على الأخرين ، فتقوم أنثاه بوضع بيوضها في أعشاش طيور أخرى.
لم يقتصر الأمر على أمريكا صاحبة الاقتصاد الأكبر في العالم، التي أجرت ما يزيد على 4 ملايين تحليل، بل سبقتها من قبل شحنتان من المساعدات الطبية لإيطاليا (صاحبة الاقتصاد الثامن عالميا)وثالثة للصين (ثاني أكبر اقتصاد في العالم ، التي غالبا استوردت منها مصر تلك المعدات).
السيسي اعترف في لقاء مصور مع الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” في أكتوبر 2017 ، قائلا : لماذا تحدثونني فقط عن حقوق الإنسان التي نفتقرها ؟! ونحن دولة تفتقر لكل شيء ، ليس لدينا علاج جيد ،ولا تعليم جيد ولا إسكان ولا توظيف
فالدولة التي تفتقر للعلاج (باعتراف رئيسها) وتعتقل الأطباء الذين يستغيثون على مواقع التواصل الاجتماعي، خوفا من العدوى، بسبب نقص أدوات الحماية، تتبرع بما لديها من أقنعة وكمامات وواقيات بل واختبارات للفيروس ، ليست مرة واحدة ، بل عدة مرات !!
السيسي الذي ساعد دولة الاحتلال في إطفاء حرائقها ، عبر إرسال المروحيات ، فوجه له رئيس الوزراء الإسرائيلي شكرا رسميا في 24 مايو 2019، خرج مواطنون مصريون، قبلها بأيام (في الثالث من مايو)، يشكون من إهمال حكومتهم لاستغاثاتهم وصرخاتهم، لانقاذ محالهم التجارية في ميادين كبرى بالقاهرة (العتبة- الموسكي) من نيران هائلة استمرت لساعات قبل أن تكبدهم خسائر فادحة، قدرت بعشرات الملايين.
الاقتصاد المصري الذي يئن ،تحت وقع سياسات نقدية اتبعها السيسي منذ وصوله للحكم ، تعتمد على الاقتراض العشوائي ، وإهدار ميزانيات الدولة في مشاريع ليست إنتاجية، وأكثرها غير ذات جدوى ، رصدتها مجلة الاكونوميست البريطانية، المجلة الاقتصادية الأشهر في العالم، في سلسلة تقارير لها بعنوان تخريب مصر، في أغسطس آب 2016، واصفة ما يفعله السيسي بالاقتصاد المصري ، بكونه تخريباً متعمداً وتضييعا لمقدرات البلاد.
الاقتصاد المصري يئن ،تحت وقع سياسات نقدية، تعتمد على الاقتراض العشوائي ، وإهدار ميزانيات الدولة في مشاريع ليست إنتاجية
الدولة التي تتناقص مساحتها وسيادتها على الأرض ، منذ وصول السيسي لحكمها، عبر انقلاب عسكري في يوليو 2013 ،حيث تعامل معها (أقدم دولة عرفها التاريخ) كجزيرة تم اكتشافها حديثا ، اتفاقيات عدة لترسيم الحدود، برية وبحرية، شملت جميعها تنازلات عن أراضٍ وثروات مصرية، كالتفريط في جزيرتي تيران وصنافير
والتنازل عنهما لصالح السعودية عبر ترسيم الحدود بينهما في أبريل 2016، سبقتها اتفاقية مع قبرص في ديسمبر 2013 ، وتلاها اعتماد ترسيم محتمل للحدود البحرية مع اليونان في يناير 2018، تنازلت مصر بموجبهما عن حقول غاز بشرق المتوسط (لصالح إسرائيل وقبرص واليونان) ثم اتفاقية إعلان المباديء حول سد النهضة (في مارس 2015) تم التنازل فيها عن حصة مصر التاريخية في مياه النيل لصالح أثيوبيا.
واتفاقية مع روسيا (في مايو 2018) تقضي بالتنازل عن 5.25 كيلو متر مربع شرق بورسعيد لمدة خمسين عاما ، لصالح إقامة منطقة صناعية روسية.
واتفاقية أخرى مع السعودية (في مارس 2018) ، تنازل فيها عن ألف كيلو متر من أراضي سيناء لصالح مشروع نيوم الاستثماري السعودي.
هذا التفريط المخزى في حدود مصر وأمنها القومي ، الذي صاحبه تغيير ديموغرافي للطبيعة السكانية للبلاد، بدأت بخطة شيطانية لتهجير سكان شمال سيناء، وإنهاء وجودهم في مناطق مثل رفح والشيخ زويد ، من خلال إقامة منطقة عازلة، بدعوى محاربة الإرهاب بينما الهدف الحقيقي كان حماية أمن إسرائيل (الأمر الذي أكده السيسي في نوفمبر 2014 بلقاء تليفزيوني له على قناة “فرانس 24” حين شدد على أنه لن يسمح بأن تكون سيناء قاعدة لتهديد أمن جيرانها أو منطقة خلفية لهجمات ضد إسرائيل).
ثم تهجير أخر لتجمعات سكانية عديدة في ماسبيرو والوراق بقلب القاهرة ، ومنطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي ، وطرد ما يزيد على 40 ألف نسمة بها، طمعا في بيع أراضيهم لمستثمرين أجانب!
كل ذلك، وأكثر ، يجعلنا نتساءل من أجلس الوقواق اللئيم على عرش مصر ؟!
المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها