هل فشل ترمب في إدارة أزمة كورونا؟

تكالبت على رئاسة ترامب ثلاث أزمات؛ جائحة فيروس كورونا والتراجع الاقتصادي والاحتجاجات الجماهيرية على وحشية الشرطة

مع وصول الإصابات بفايروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أرقام مرتفعة، وعدد وفيات إلى درجة غير مسبوقة، لتصبح بذلك الدولة التي يسجل بها أعلى عدد من الإصابات وأعلى عدد من الوفيات أيضا من بين الدول المتضررة بالفيروس في العالم .
  فقد حذّرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية من قدرة فيروس كورونا على إعادة تشكيل النظام العالمي.
 منبهةً من أنّ الصين تناور لكي تقود العالم،  في الوقت الذي تفشل فيه الولايات المتحدة في التعاطي مع هذا الوباء .
وإن القطاعيْن العام والخاص أثبتا أنهما غير مستعدين لإنتاج الأدوات اللازمة للفحوصات الطبية والاستجابة لتأمينها.
 وقد عزز هذا الوباء نزعات ترمب إلى العمل بمفرده،  وكشف عن مدى انعدام استعداد واشنطن لقيادة  العالم.
وأنّ وضعها بصفتها قائدة للعالم على مدى العقود السبعة الماضية،  استندت إلى الثروة والنفوذ والشرعية وتوفير المنافع العامة العالمية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب

إن وباء فيروس كورونا المستجد يختبر عناصر القيادة الأمريكية الثلاثة – وما زالت واشنطن تفشل في الاختبار حتى اللحظة”.
  ولقد تداولت الصحف الألمانية في الفترة الماضية؛ ما سُرب من اجتماع الرئيس الأمريكي ونائبه مايك بنس في البيت الابيض؛ ب”دانيال مينشيلا” الرئيس التنفيذي ل”شركة ” كيور فاك” الألمانية .
وفي أثناء الاجتماع به عرض عليه ترمب مبلغ؛ مليار دولار أمريكي ؛ وذلك مقابل حصول الولايات المتحدة على حق امتياز حصري لصناعة اللقاح الواعد الذي تعمل على تصنيعه الشركة لعلاج فيروس كورونا.
 بالإضافة إلى نقل الشركة لعملياتها ومختبرات أبحاثها المختصة بهذا الوباء إلى الولايات المتحدة .
 ولقد جاء الجواب من ألمانيا سريعا وقطعيا؛ وهو الرفض لهذا العرض الأمريكي , حيث صرح أحد المسؤولين الألمان وهو وزير الآقتصاد الألماني ” بيتر التمير”  بأن : ألمانيا ليست للبيع .
   وقد فسر هذا الإجراء الذي قام به ” ترمب” ونائبه “بنس”  بأنه : مسعى لاحتكار تصنيع هذا الدواء في الولايات المتحدة .
وأنه يسعى أيضا ليحافظ على السمعة الدولية للولايات المتحدة في صناعة الدواء؛ وتأكيد ريادتها السياسية؛ وعلى استمرار وصايتها على هذا العالم؛ بأنها “القادرة وحدها فقط على تخليص البشرية من هذا الوباء الفتاك” .  
  إن خوف “ترمب” من أن خطوات التباعد الاجتماعي؛  قد تضر بالاقتصاد ، وبالتالي يؤدي بدوره إلى خسارته للانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل .
 قد قام بدور كبير في التحرك البطئ للحكومة الأمريكية تجاه مكافحة الفيروس، حيث استغرق البيت الأبيض عدة أشهر لبدء فرض إجراءات فيدرالية صارمة، بعد أن تأكدت لقادة البلاد أول حالة إصابة بالفيروس فيها في أواخر يناير/ كانون الثاني  الماضي .

  إن خوف “ترمب” من أن خطوات التباعد الاجتماعي؛  قد تضر بالاقتصاد ، وبالتالي يؤدي بدوره إلى خسارته للانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر تشرين الثاني المقبل، قد قام بدور كبير في التحرك البطئ للحكومة الأمريكية تجاه مكافحة الفيروس

وخلال تلك الأسابيع الطويلة، لم يتظاهر البيت الأبيض بأن أعلام التحذير الحُمر  هذه غير موجودة فحسب، بل حاول أيضا التقليل من شأن الوباء وشدته، وتضليل الرأي العام الأمريكي، بأن المرض هو نوع من “الإنفلونزا”، وأن لا خطورة منه، وان كل شيء تحت السيطرة . وبالتالي استخفاف “ترمب” بصحة وأرواح المواطنين الأمريكيين .

ونتيجة لسياسته هذه سرعان ما أدى ذلك إلى أن وجدت الولايات المتحدة نفسها ضحية لانتشار الفيروس، حيث تصدرت جميع دول العالم ، في عدد الإصابات والوفيات بالفيروس .
و في وقت سابق أعلن ترمب عن خطة إنقاذ عاجلة؛  وتخصيص 2.2 تريليون دولار، لمواجهة العواقب الاقتصادية للفيروس .
 حيث تتضمن الخطة تخصيص حوالي 400 مليار دولار من المساعدات للشركات الصغرى، إضافة إلى 500 مليار دولار للشركات الكبرى , التي ستكون تحت إشراف مراقب عام، كما سيتم دعم المستشفيات بمئة مليار دولار ، بالإضافة إلى 30 مليار دولار موجهة سيتم تخصيصها لتمويل الجهات المتعلقة بتطوير لقاح لكوفيد 19 المستجد بالإضافة أيضا الى إرسال شيك بقيمة 1200 دولار لكل مواطن أمريكي.
 وفي المقابل أظهرت نتائج الربع الأول من هذا العام أن الاقتصاد الأمريكي يواجه انكماشاً بنسبة 4.8% , وهي نسبة انكماش أكبر مما حدث في أسوأ فترات الأزمة المالية عام 2008، حسب تقرير وزارة التجارة الصادر 29 أبريل/نيسان .

هل بدأت الولايات المتحدة تدفع فاتورة فشلها في قيادة البلاد؛ والعالم بإدارة هذه الأزمة؛  وكذلك الحال أيضا ترامب في الانتخابات المقبلة .؟

وارتفع عدد الأمريكيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانة بطالة بعد انتشار هذا الوباء إلى مستوى قياسي .
ووفقا لأرقام رسمية ، فقد ظهرت بيانات اقتصادية أن عدد الأمريكيين الذين تقدموا للحصول على طلبات إعانة ضد البطالة بلغ أكثر من 45 مليون مواطن في يونيو حزيران 2020 وفق (وكالة الأناضول ) منذ ظهور الجائحة . وأنه برغم تخفيف قيود الإغلاق المطبقة بسبب “كورونا” فإن الآقتصاد لم يستعد نشاطه بشكل كامل .
 ولهذا فان “ترمب”  الذي يسعى جاهدا إلى إبعاد اللوم عنه؛  ويتهم بالمقابل الصين بحجب المعلومات , ومن ثم يعلق فشله على شمّاعة منظمة الصحة العالمية ويتهمها بأنها كانت تتواطأ مع الصين .
  وأيضا أصبح يروج – بطريقة كوميدية – لعلاجات وصفها بأنها ستقضي على الفيروس – دون سند علمي – كمثال (عندما أعلن بأن “مطهر الكلور” يقضي على فيروس كورونا في دقيقة ) .
     وختاما فأنه يبقى أن نطرح السؤال الذي يطرحه البعض : هل بدأت الولايات المتحدة تدفع فاتورة فشلها في قيادة البلاد؛ والعالم بإدارة هذه الأزمة؛  وكذلك  أيضا حال ترامب في الانتخابات المقبلة .؟

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها


إعلان