متلازمة ستوكهولم متلازمة تصيب ضحايا العنف أو التهديد المسلح أو الأسر أو أي شكل من أشكال الانتهاكات التي قد يتعرض لها الفرد (حالات نادرة).
هذه المتلازمة تظهر حينما تبدأ الضحية ذكرا ً كان أم أنثى بالدفاع عن المنتهِك أو المجرم أو المختطِف الذي تعرض لها في بادئ الأمر، فتُظهر تعاطفا شديدا مع المجرم وتتفهم سلوكه غير السوي بوضع العديد من المبررات التي تسند موقفه وتحمي عمله الإجرامي بل وتنسجم معه. وبالحقيقة ماهي إلا آلية دفاعية نفسية تستخدمها الضحية لتحمي وتدافع عن نفسها.
تتكرر حدوث هذه الحالة في كثير من القضايا الجنائية، فتقريب الثمانية في المئة من الضحايا تصيبهم هذه المتلازمة. وإحدى هذه القصص حدثت بالفعل حينما اختُطف طفل يبلغ من العمر الحادية عشر أثناء ركوب دراجته. ولبث في منزل مختطفه قرابة الأربع أعوام حتى تم إلقاء القبض على مختطفه!
وقد أُتيحت له أكثر من فرصة للهروب ولكنه لم يحاول بل لم يفكر بترك المكان. وقد كانت لديه إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت، لكنه عكس التصرف المتوقع أظهر تعاطفا ً واضحا ً مع مختطفه ولزم مكان احتجازه.
هذا ما يحدث حينما تصاب الضحية بمتلازمة ستوكهولم ولكن إن أصابت دولة بأكملها؛ دولة بشعبها ونظام حكمها وساساتها! ماذا تتوقع أن يحدث؟
مواطنو هذه الدول لا يقبلون بأي لسان يصدح بواقع حالهم ويقومون بطمس أي أثر وأي حقيقة تظهر عجزهم وتخاذلهم لأنفسهم
في وقتنا الراهن تحارب دول وسياسات استبدادية وقمعية الشعب وتطالبه بالتخلي عن أبسط حقوقه كإنسان أولا وكمواطن شرعي في دولته ثانيا ً. ومع ذلك تجد مواطنيها بشكل ما يبررون لدولهم تسلطها الفج بمبررات هشة وسطحية لا أساس لها من الصحة كعجز الدولة المادي أو تعرضها لمؤامرات “صهيونية ماسونية خبيثة”!
مواطنو هذه الدول لا يقبلون بأي لسان يصدح بواقع حالهم ويقومون بطمس أي أثر وأي حقيقة تظهر عجزهم وتخاذلهم لأنفسهم. نعم! توجد دول من يُصاب مواطنوها بمتلازمة ستوكهولم وستظل تعاني إلى أن تقتنع بأنها ضحية دولة وضحية مرض.
للأسف، تعمل هذه الدول على ترسيخ مفاهيم الوطنية المشوهة في نفوس شعبها وتُظهر زعيمها بملامح القوى والإنسانية معا، ليكون وقعها على قلوب الشعب قويًا وعميقًا. حيث إنه يُبرمج عقولهم بطريقة تجعلهم يتقبلون اضطهادات سياساتهم القمعية والأبوية برحابة صدر بل وترسخ في نفوسهم مشاعر الاهتياج نحو ضرورة دفاعهم عنه وإن كانت لا تقدرهم بالفعل.
حتى لو منحتهم دولهم بعض العطاءات البسيطة أو الأساسية يشعرون بامتنان وسعادة غامرة كما لو أنهم يعيشون في “جنة عدن” أو ” المدينة الفاضلة “. فهم مدهوسون تحت أقدام القهر والألم لذلك يرضخون ويرضون بأي شيء ليس لأنهم قانعون بل لأنهم مرغمون على المبالغة بكل شيء بالفرح والرضا وتقبل أبسط الحقوق الإنسانية تحت بند الوطنية الجوفاء.
والأمثلة على تلك الدول كثيرة وببساطة يُمكن تشخيصها بمجرد الاطلاع على قراراتها في “الوقت الراهن”.
نحن نتوق إلى دولٍ ديمقراطية: دول تحمي الإنسانية وتطلق عنان الحريات إلى حدود السماء. نحن شعوب نود أن نقف مع دولنا وندافع عنها بأرواحنا ودمائنا ولكن بلا استغلال لعواطفنا باسم الوطن. فالشرفاء لا تعنيهم كلمات المجد والأغاني الوطنية الرنانة بل تعنيهم الأفعال وأثرها عليهم.
يقول الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا: “الغاية الكبرى من الدولة ليست التسلط على الناس أو كبحهم بالخوف؛ ولكن الغاية منها أن تحرر كل إنسان من الخوف لكي يعيش ويعمل في جو تام من الطمأنينة والأمن، ليعيش الإنسان في وئام مع جيرانه فلا يضرهم ولا يضرونه.”