الإندبندنت: آباء في اليمن يجبرهم الجوع على اختيار مرير “أي من أطفالهم سينقذون”
يرى المواطن اليمني (محمد فليت أحمد) أطفاله الثمانية وهم يتضورون جوعًا والاختيار بينهم يلوح في الأفق. والآن أصبح صغيراه مريضين. جسداهما الصغيران يحترقان من الحمى ويتنفسان بصعوبة.
لكن الرحلة إلى المستشفى تستغرق 3 ساعات وتتكلف أكثر مما كسبه أبوهم منذ شهور. وبحسب تقرير لصحيفة (الإندبندنت )البريطانية، طلب الأب اليمني من رجل أعمال محلي إقراضه بعض المال، فوافق على إقراضه ما يقرب من 50 دولارًا، وهو ما يكفي لتكاليف سفر طفل واحد فقط إلى المدينة.
ويبدو أن كل يوم يجلب على محمد مثل هذه الورطة المؤلمة والمستحيلة يثير التساؤل المُر: هل يأكل نصيبه من قوت عائلته أم يصوم ليأخذ كل طفل لقمة إضافية؟ والآن يجبر على الاختيار بين طفليه المريضين اللذين لم يتجاوزا التسعة أشهر.
في البداية مرض الصبي (علي) وتدهورت حالته. عيناه مغمضتان ولا تنفتحان الآن. أما الصبية (رينا) فهي تضعف لكنها ما تزال مستيقظة. قرر محمد سريعاً أن يأخذ الطفل الأكثر مرضاً إلى العلاج أولاً، فبدأ هو وزوجته رحلة سير شاقة أسفل التل إلى الوادي على أمل أن يحصلا على مكان بوسيلة مواصلات إلى المدينة.
في هذا الوادي بمحافظة حجة (شمال غرب العاصمة صنعاء) تنتشر البيوت الحجرية الصغيرة على سفوح التلال، ويعمل العديد من المواطنين مثل محمد باليومية أو كمزارعين لنبات (القات).
ولكن في ظل ارتفاع أسعار الوقود بسبب الحرب الطويلة في اليمن، بدأت الشاحنات التي كانت تقلهم إلى العمل في الاختفاء كما يروي رجال في المنطقة، وتوقفت مشاريع البناء التي كانوا يعملون فيها، وأصبحت هناك منافسة شديدة على الوظائف الزراعية القليلة ما ترك العديد من الرجال دون أي مصدر للدخل.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الغذاء أيضًا وعجزت العائلات عن شراء المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والخضروات، إذ سجل برنامج الغذاء العالمي زيادة بنسبة 25% في أسعار المواد الغذائية هذا العام بمحافظة حجة.
وقالت العديد من النساء اللواتي يعانين من الجوع الشديد، “إن الظروف جعلت من شبه المستحيل عليهن إرضاع أطفالهن”. وتنتشر أزمة الجوع في اليمن على نطاق واسع، حيث يعيش الكثير من الناس في منطقة محمد على أوراق الأشجار المسلوقة.
وكانت البلاد قد تجنبت بصعوبة إعلان المجاعة الرسمي في السنوات الأخيرة بعد زيادة التمويل الإنساني، ولكن الأمم المتحدة تقول الآن إنه بدون تدخل عاجل آخر، فإن مثل هذا التصنيف سيكون أمراً لا مفر منه.
وأكدت الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 5 ملايين شخص باليمن على شفا المجاعة، ويعيش حوالي 47 ألف شخص بالفعل في ظروف شبيهة بالمجاعة، بما في ذلك 5000 في منطقة المغاربة التي يسكنها محمد.
لم يتمكن محمد من إنقاذ ولده علي للأسف، وأخته رينا كانت تتجه لنفس المصير لكن فريق من صحفيي جريدة (واشنطن بوست) كانوا يزورون القرية علموا بحالتها ورتبوا لرحلة مجانية لنقل محمد وزوجته بشرى ورينا إلى مستشفى في مدينة حجة في اليوم نفسه.
وضع الطبيب رينا على الطاولة وترقبها وهي تتنفس بصعوبة. وقال إنه يشتبه في إصابتها بعدوى في الصدر، مضيفًا أنه مع المضادات الحيوية والحليب المدعم والفيتامينات، سيكون لديها فرصة جيدة للشفاء.