ماكرون يطلب “الصفح” من الحركيين الجزائريين ويعدهم بـ”تعويض”.. من هم ولماذا تعتبرهم الجزائر خونة؟

ماكرون خلال مراسم تكريم في قصر الإليزيه بحضور حركيين سابقين وأسرهم (رويترز)

طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الإثنين، باسم فرنسا، “الصفح” من الحركيين الجزائريين الذين قاتلوا في صفوف الاستعمار الفرنسي خلال حرب التحرير الجزائرية، معلنا إقرار قانون “تعويض” قريبا.

وأضاف ماكرون خلال مراسم تكريم في قصر الإليزيه بحضور حركيين سابقين وأسرهم ومسؤولين عن جمعيات وشخصيات، “أقول للمقاتلين: لكم امتناننا، لن ننسى. أطلب الصفح، لن ننسى”.

ووعد ماكرون “قبل نهاية السنة بطرح مشروع يهدف إلى أن نُضَمن قوانيننا اعترافا بالحركيين والتعويض لهم”.

وأكد أن “شرف الحركيين يجب أن يحفر في الذاكرة الوطنية” داعيا إلى “تضميد الجروح التي يجب أن تندمل من خلال كلام يشدد على الحقيقة”.

ويكون ماكرون بطلبه الصفح من الحركيين باسم فرنسا باعتباره أن البلاد “أخلت بواجباتها” حيالهم، ذهب أبعد من سلفه فرنسوا أولاند الذي أقر في عام 2016 “بمسؤولية الحكومات الفرنسية بالتخلي عن الحركيين”.

وخلال حفل الاستقبال، قلد ماكرون وساما لصلاح عبد الكريم وهو ممثل للحركيين جرح في الحرب وللجنرال الفرنسي فرنسوا ميير الذي نظم عمليات إجلاء “مئات الحركيين عاصيا الأوامر” وبورنيا تارال ابنة أحد الحركيين و”الناشطة من أجل مساواة الفرص والتنوع”.

وأتى طلب الصفح هذا قبل خمسة أيام من اليوم الوطني لتكريم الحركيين الذي يحتفل به منذ 2003 في 25 أيلول/سبتمبر ولا سيما في جنوب فرنسا حيث لديهم وجود كبير.

من هم الحركيون؟

والحركيون مقاتلون سابقون يصل عددهم إلى 200 ألف جندوا في صفوف جيش المستعمر الفرنسي خلال حرب تحرير الجزائر بين العامين 1954 و1962.

وفي ختام هذه الحرب تعرض جزء من هؤلاء المقاتلين الذين تخلت عنهم باريس لأعمال انتقامية في الجزائر.

ونقل عشرات الآلاف منهم برفقة الزوجات والأطفال إلى فرنسا حيث وضعوا في “مخيمات موقتة” لا تتوافر فيها ظروف العيش الكريم.

ومنذ سنوات تطالب جمعيات الحركيين بـ”قانون يعترف بالتخلي عن الحركيين وإيداعهم في مخيمات في ظروف بائسة” فضلا عن زيادة التعويضات المعتمدة.

ويشكل الحركيون وأسرهم اليوم مجموعة تضم مئات آلاف الأفراد في فرنسا ويحاول استقطابهم التجمع الوطني (اليمين المتطرف) واليمين.
وكان اندماج الحركيين في المجتمع الفرنسي صعبا لأنهم كانوا يعاملون على أنهم مهاجرون بينما المهاجرون ينبذونهم.

“عملاء”

وكان الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة وصف الحركيين عام 2000 بأنهم “عملاء” منتقدا في الوقت ذاته ظروف إيوائهم في فرنسا لكنه رفض عودتهم إلى الجزائر.

وجند جيش المستعمر الفرنسي محليا ما يصل إلى 200 ألف من هؤلاء الجزائريين لعمليات خاصة.

لكن غداة اتفاقات إيفيان في 18 مارس/آذار 1962، التي كرست هزيمة فرنسا في الجزائر، رفضت الحكومة الفرنسية إجلاءهم جماعيا.

ونقل الجيش 42 ألفا فقط منهم برفقة زوجاتهم وأولادهم أحيانا، إلى فرنسا ووضعوا في مخيمات موقتة كانت ظروف العيش في غالبيتها بائسة.

وتمكن 40 ألف حركي آخر من الوصول بسبل أخرى وبطرق سرية إلى فرنسا.

في المجموع، وصل ما بين 80 و90 ألف شخص إلى فرنسا وفقًا لبعض التقديرات، غالبيتهم بين عامي 1962 و1965.

وترك الآخرون بعد أن جردوا من أسلحتهم، لمصيرهم في الجزائر. واعتبرهم النظام الجديد خونة وتعرضوا مع عائلاتهم لأعمال انتقامية دموية.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات

إعلان