الغنوشي يدعو للنضال السلمي ضد قيس سعيد
دعا رئيس البرلمان التونسي ورئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، اليوم الخميس، إلى النضال السلمي ضد “الحكم الفردي المطلق الذي قامت الثورة ضده”، وذلك إثر منح الرئيس قيس سعيد نفسه صلاحيات واسعة.
وقال الغنوشي في مقابلة مع وكالة فرانس برس “هذا رجوع إلى الوراء، رجوع إلى دستور 1959 وعودة للحكم الفردي المطلق”، مضيفا “لم يعد هناك من مجال اليوم إلا النضال، نحن حركة مدنية ونضالنا سلمي”.
وأحكم الرئيس التونسي، أمس الأربعاء، قبضته بصورة أكبر على السلطة في البلاد من خلال منح نفسه سلطات جديدة وقوله إنه لن يحترم في الدستور إلا تلك المواد التي لا تتعارض مع سلطات وقراراته التي وضعها.
ويمسك سعيّد فعليا بزمام جميع السلطات تقريبا، منذ 25 يوليو/تموز الماضي، إثر إعلانه ما وصفها بـ”تدابير استثنائية” عندما أقال رئيس الوزراء هشام المشيشي وعلق عمل البرلمان واستأثر بالسلطة التنفيذية، متذرعا بحالة طوارئ وطنية في تحرك وصفه خصومه بأنه “انقلاب”.
وأصدر سعيد جملة من “التدابير” تكرس هيمنته على السلطة التشريعية والتنفيذية والدستورية في البلاد.
وقرر سعيّد إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وأن يتولى السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة له الحق في إقالة أعضائها، بحسب بيان للرئاسة ووفق ما نشرت جريدة “الرائد” الرسمية، الأربعاء.
واعتبر الغنوشي أن إعلان سعيّد “انقلاب كامل الأركان ضد الديمقراطية وضد الثورة وضد إرادة الشعب، وألغى أهم المؤسسات الديمقراطية” في البلاد.
وأضاف “دعونا شعبنا إلى الانخراط في كل عمل سلمي يقاوم الديكتاتورية ويعود بتونس إلى مسار الديموقراطية، نحن نريد أن نعيد قطار تونس إلى سكة الديمقراطية”.
ويرى خبراء أن سعيّد يسعى إلى إرساء نظام سياسي جديد، يشكل بديلا عن النظام البرلماني الذي نص عليه دستور 2014.
وبرزت مخاوف على المسار الديموقراطي في تونس، البلد الوحيد الناجي من تداعيات الربيع العربي.
نزوح نحو الاستبداد
من ناحية أخرى، اعتبرت حركة النهضة التونسية، الخميس، أن قرار سعيّد تولي السلطة التنفيذية “نزوح واضح نحو حكم استبدادي مطلق”.
وقالت الحركة في بيان إن “القرار الرئاسي تعليق فعلي لدستور الجمهورية، وتعويضا له بتنظيم مؤقت للسلطات، ونزوعا واضحا نحو حكم استبدادي مطلق”.
وأضافت أن ذلك “يعد أيضا انقلابا سافرا على الشرعية الديمقراطية وعلى مبادئ الثورة التونسية وقيمها”.
وأردفت “هذا التمشي غير الدستوري يضيف إلى أزمات البلاد المعقدة أزمة شرعية الحكم، بما يهدد كيان الدولة التونسية ووحدتها ويدفع بالبلاد إلى منطقة مخاطر عالية غير مسبوقة في تاريخها”.
وأعربت عن “رفضها الشديد تأبيد الوضع الاستثنائي وتجميع قيس سعيد لكل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية”.
وتابعت “واستغلاله لفرض خيارات وإجراءات غير دستورية تلغي المؤسسات السياسية والرقابية الشرعية القائمة ومن بينها البرلمان والهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وهيئة مكافحة الفساد”.
ودعت إلى “الدفاع عن قيم الجمهورية والديمقراطية وحماية البلاد من أخطار هذا التمشي المعمّق للانقسام المجتمعي والمهدّد للسلم الاجتماعي والمقوض للوحدة الوطنية حول الدستور”.
وحذرت من أن “هذا التوجه الأحادي للرئيس لن ينجح في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، بل سيعمّقها ويكرس عزلة دولية مدمرة لاقتصاد البلاد وصورتها المشعة في الخارج كنموذج ديمقراطي”.
ورفضت غالبية الأحزاب التونسية هذه التدابير واعتبرها البعض “انقلابا على الدستور”، وتمهيدا لعودة الاستبداد وحكم الفرد بعد ثورة شعبية أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
بينما أيدت أحزاب أخرى تلك التدابير، معتبرة أنها “تصحيح للمسار” في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.