نوادر المربع الذهبي.. حكايات غريبة من مواجهات نصف النهائي في تاريخ كأس العالم
قبل يوم على أولى مباراتي دور نصف نهائي مونديال قطر 2022، استعرض موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قصصًا فريدة ونوادر من مواجهات المربع الذهبي في تاريخ كأس العالم، تشمل أساطير في عالم المستديرة الساحرة منهم جارينشا وجاسكوين وتورام ورونالدو وكانافارو.
ولم تبق من بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022 سوى 4 مباريات اثنتان منها في الدور نصف النهائي يتبعهما مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع بلقاء الخاسرَين قبل إسدال الستار على المونديال بملعب لوسيل بالمباراة النهائية في 18 ديسمبر/كانون الأول، بالتزامن مع اليوم الوطني لدولة قطر.
ونعود بالذاكرة إلى النسخ السابقة لبطولة كأس العالم، ونلقي الضوء على بعض الأمور الغريبة التي وقعت في الدور نصف النهائي.
فرنسا 1938
تمكنت إيطاليا من إقصاء البرازيل بهدفين مقابل هدف، وذلك بفضل تسجيل جوزيبي مياتزا هدف الفوز من ركلة جزاء، ولم يتوجّب على صاحب لقب “الفتى الصغير” شدّ أعصابه فقط لتنفيذ الضربة الثابتة هذه.
عندما كان مياتزا يستعد للتسديد، انقطع مطّاط سرواله القصير الذي كان قد تمزّق في وقت سابق من المباراة. ولم يكن أمام لاعب إنترميلان سوى إمساك سرواله بإحدى يديه وتوجيه الكرة إلى داخل شباك الحارس البرازيلي والتر المتخصص في التصدي لضربات الجزاء.
تشيلي 1962
كان من المنطقي أن يتحوّل غارينشا إلى العدو اللدود الأول في سانتياغو، إذ دمّر لاعب الجناح الأسطوري هذا خصومه بفضل تكتيكاته الفنية ومخاتلة اللاعبين، فسجّل هدفين وصنع الثالث وتعرّض للطرد لتنتهي المباراة بفوز البرازيليين بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدفين.
عاد أبناء تشيلي وأصحاب الأرض إلى الديار برؤوس مرفوعة دون أي مشاعر بغض تجاه النجم غارينشا بالنظر لما يقدّمه للجماهير من متعة كروية، وعندما اكتشفوا أن البطاقة الحمراء تعني غيابه عن المباراة النهائية، تصاعدات نداءات شعبية لإلغاء ذلك.
ووقّع رئيس البلاد خورخي أليساندري على عريضة تطالب بالسماح لغارينشا بلعب مباراة الحسم، وهو ما تم القبول به، ولكنه قرار لا بدّ وأن منتخب تشيكوسلوفاكيا ندم عليه بعد خسارة موقعة النهائي.
إسبانيا 1982
في محاولة متهورة للدفاع عن مرماه، اصطدم حارس ألمانيا الغربية طوني شوماخر بالفرنسي صاحب القميص رقم 3 باتريك باتيستون الذي كان قد دخل إلى المباراة من دكة البدلاء لتوّه، وقد أدى ذلك إلى كسر اثنين من أسنانه وثلاثة من أضلاعه وضرر بإحدى فقرات ظهره.
ورغم ذلك لم ينل شوماخر أي عقوبة، وما زاد من مستوى الغضب الفرنسي أن الحارس الألماني أظهر عدم مبالاة بما جرى وتململًا من عدم استئناف اللعب بينما كان باتيستون يتلقى العلاج لدقائق عدة قبل إخراجه على نقالة إلى المستشفى.
وبعد اللجوء إلى ركلات الترجيح لحسم نتيجة اللقاء، تمكّن شوماخر من التصدي لركلتي ديديه سيكس ومكسيم بوسيس، وبذلك بلغت ألمانيا الغربية موقعة النهائي على ملعب بيرنابيو.
إيطاليا 1990
تحوّلت إنجلترا -التي كانت مهووسة بفرقة البيتلز- إلى الشغف بنجمها بول غاسكوين الذي تألق في البطولة وأوصل منتخب الأسود الثلاثة إلى نصف النهائي للمرة الأولى بعد انتظار دام 24 سنة.
تعرّض غاسكوين للإنذار في الدقيقة 98 أمام ألمانيا الغربية، وأدرك أنه سيغيب عن النهائي في حال الفوز، وذرفت عيناه الدموع الأشهر في تاريخ كأس العالم.
وعن تلك الحادثة، قال غاسكوين “عندما كنتُ طفلًا ألعب في نادٍ للشباب، راودني حلم خوض كأس العالم بشكل يومي، وعشتُ ذلك الحلم في إيطاليا، وعندما رُفعت البطاقة الصفراء بوجهي، أدركتُ أن تلك هي نهاية الحلم”.
في حين قال مدرب المنتخب الإنجليزي بوبي روبسون عن هذا الموقف “راودتني حالة من الحزن العارم، إذ أدركتُ فورًا أن تلك هي النهاية بالنسبة إلى بول غاسكوين. كان ذلك بمثابة مأساة له وللمنتخب وللبلاد، ولكرة القدم برمتها، فقد قدّم أداءً ممتازًا، وكان استثنائيًّا في تلك المباراة على وجه التحديد”.
زادت تلك الحادثة من شعبية غاسكوين بشكل هائل، لدرجة أن صحيفة (ذي إندبندنت) قالت “هل سبق لأي أحد قبل بول غاسكوين أن تحوّل إلى بطل وطني ومليونير بسبب بكائه؟ رائع! انتحِب إذَن، ولينتحب العالم بأسره معك”.
فرنسا 1998
هزّ ليليان تورام الشباك في مباراة واحدة من أصل 142 مباراة خاضها مع المنتخب الفرنسي، والمذهل أن هذا اللاعب الذي سجّل هدفًا يتيمًا من 11 موسمًا على مستوى كرة قدم الأندية، اقتنص هدفيه في مباراة الأحلام هذه مع منتخب الديوك الفرنسي، ليتحوّل الظهير الأيسر إلى أسطورة كروية فرنسية حقيقية.
سجّل الهدف الأول بقدمه اليمنى والثاني باليسرى، ليمنح أصحاب الأرض انتصارًا غاليًا جدًّا على كرواتيا وبطاقة تأهل إلى المباراة النهائية.
وعن ذلك الإنجاز، قال تورام “كانت والدتي في المدرجات. قالوا لها إن ابنها سجّل الهدف الأول، ولم تفهم ذلك. وعندما قالوا لها إنه سجّل الهدف الثاني، فقدت وعيها. لا أمزح معكم، هذا ما حصل”.
والمفارقة أنه في مباراة ثُمن النهائي بين فرنسا وباراغواي، كانت توقعات المشاركين في مسابقات الرهانات أن يتمكن تورام من تسجيل أي هدف 1/40، وهي أكثر بست مرات ونصف من حارس الخصم خوسيه لويس تشيلافرت (1/6).
كوريا الجنوبية واليابان 2002
خرج الظاهرة البرازيلية رونالدو بسبب إصابة في قدمه خلال مباراة ربع النهائي التي انتهت بالفوز على إنجلترا.
وعن تلك اللحظات يقول “كان الجميع يتحدث عن إصابة قدمي، ويسأل ما إذا كنتُ قادرًا على خوض مباراة نصف النهائي. سئمتُ من سماع ذلك، وقصصتُ شعري بتلك التسريحة، وسألتُ زملائي عن رأيهم فقالوا لي: شنيعة! لا يمكن أن تبقيها هكذا”.
ويضيف “عندها قلتُ لنفسي: قد ينجح الأمر! وبالتأكيد نسي الصحفيون إصابتي على الفور، وتحوّل اهتمامهم إلى تسريحة شعري، وعندها تمكّنتُ من الاسترخاء”.
نجح رونالدو في اقتناص الهدف الوحيد خلال لقاء نصف النهائي أمام تركيا وأوصل البرازيل إلى مباراة الحسم، ثم علّق لاحقًا على تسريحة شعره قائلًا “إنها شنيعة! أتوجه بالاعتذار لكل الأمهات اللواتي شاهدن أبناءهن بالتسريحة نفسها”.
ألمانيا 2006
بالنظر إلى قامته البدنية المتواضعة، كان يمكن أن يتحوّل فابيو كانافارو إلى سائس خيل ناجح، أما بير ميرتيساكر -يُلقب بالألماني العملاق- فكان سيبدو في مكانه الطبيعي بملعب كرة سلة.
في ملعب فيستفالن شتاديون، تحدى كانافارو كل قواعد المنطق وفارق الـ22 سنتيمترًا بينه وبين ميرتيساكر، ليتمكن من متابعة الكرة برأسه في الأنفاس الأخيرة من الوقت الإضافي.
تابع ابن مدينة نابولي كرته هذه وأبعدها عن لوكاس بودولسكي، ليُطلق شرارة هجمة مرتدة انتهت بتسجيل أليساندرو ديل بييرو هدفًا هو الأكثر تأخرًا في مباراة بتاريخ كأس العالم، إذ أتى في الدقيقة 120+1، وأهدى بذلك تأهل الآزوري إلى المباراة النهائية.