“ضرب وتنمّر وإهانة”.. طفلان يذكران معاناتهما النفسية والجسدية بمدارس إقليم شينجيانغ
بأصوات هادئة ومهذّبة وصف الطفلان آيسو ولطف الله كوجار -في حديث إذاعي لمحطة إن بي آر الأمريكية- ما يقرب من 20 شهرًا قضياها في المدارس الداخلية الحكومية في إقليم شينجيانغ غربي الصين حيث فُصِلا قسرًا عن عائلتهما.
يقول الطفلان -اللذان ينتميان إلى عرقية الإيغور- إن رأسيهما كانا محلوقين طوال تلك المدة وإن مراقبي الفصل والمعلمين كانوا يضربونهما كثيرًا ويحبسونهما في غرف مظلمة ويجبرونهما على اتخاذ أوضاع مجهدة كوسيلة للعقاب.
وبحلول الوقت الذي تمكّنا فيه من العودة إلى بيتهما بتركيا في ديسمبر/كانون الأول 2019، كانا قد أصيبا بسوء تغذية وصدمة نفسية كبيرة، كما نسيا لغتيهما الأصليتين وهما الإيغورية والتركية.
وكان هذان الطفلان قد نشآ في تركيا ولكنهما وُضِعا قسرًا في مدرسة داخلية أثناء زيارة عائلية إلى الصين بعد اعتقال أمهما.
ومنذ عام 2017، اعتقلت السلطات في شينجيانغ مئات الآلاف من الإيغور-وهم أقلية عرقية مسلمة- وأرسلتهم إلى مراكز احتجاز يتم فيها تعليمهم الأيديولوجية السياسية الصينية ولغة الماندرين.
وأفاد محتجزون في المعسكر بأنهم أجبروا على العمل في المصانع أثناء احتجازهم أو بعد إطلاق سراحهم، وغالبًا ما يتم إرسال أطفال المحتجزين أو المعتقلين إلى المدارس الداخلية الحكومية، حتى إذا كان الأقارب على استعداد لاستضافتهم.
ويقول الخبراء إن هذا جزء من جهود السلطات الصينية لجعل أطفال الأقليات يتحدثون ويتصرفون مثل مجموعة الهان العرقية المهيمنة في البلاد.
ويشرح جيمس ميلوارد -الأستاذ بجامعة جورج تاون والمتخصص بالتاريخ الصيني- الوضع قائلا “هذا الدافع الأيديولوجي لمحاولة استيعاب الأشخاص من غير عرقية الهان يتوافق مع النهج العقابي المتمثل في وضع البالغين في المعسكرات، وبالتالي انتهى الأمر بوضع الكثير من الأطفال الصغار في رياض الأطفال والمدارس الداخلية أو دور الأيتام”.
وبحسب الخبراء فإن عمليات الفصل الأسري هذه ساهمت في محو بطيء للغة الإيغور وثقافتهم في الصين، وكان هذا من الأسباب التي جعلت المسؤولين في الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وهولندا ودول أخرى يعلنون أن سياسات الصين في شينجيانغ ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وترفض الصين الاتهامات الموجّهة إليها بالتمييز ضد الأويغور والأقليات الأخرى في المنطقة، لكن الإيغور والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وثقوا روايات عديدة بشأن انتهاكات الحكومة الصينية المنهجية.
كان (لطف الله) يبلغ من العمر 4 سنوات فقط عندما تم إرساله إلى مدرسة داخلية في مدينة أورومتشي، عاصمة شينجيانغ، في فبراير 2018، وأُرسِلت شقيقته الكبرى (أيسو) -التي كان عمرها 6 سنوات آنذاك- إلى مدرسة أخرى في نفس المدينة، وعندما تم لم شملهما مع أفراد الأسرة في العام التالي، كان من الصعب التعرف على الطفلين.
في هذه الأثناء كان الأب عبد اللطيف كوجار يقدم التماسات لوزارات الحكومة التركية ويحتج خارج السفارة الصينية للمساعدة على تخليص طفليه من الصين. وفي عام 2019، أبلغته وزارة الخارجية التركية بأنها تفاوضت مع الصين للسماح له بدخول الصين واصطحاب طفليه.