محللو مخابرات: الرئيس الروسي بوتين زعيم منعزل قد يهجم بوحشية إذا حوصر

مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا أسبوعها الثاني، يقول مسؤولون في المخابرات الأمريكية والأوربية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو منعزلًا ويعتمد على مجموعة صغيرة من المستشارين الذين لم يخبروه بالحقيقة حول مدى صعوبة وتكلفة شن الحرب على أوكرانيا، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست.
ويرى المحللون في بوتين “قائدًا على حافة الهاوية يغذيه جنون العظمة بعد تقليله من العزيمة الموحدة للغرب، وربما يرد بهجوم وحشي إذا شعر بأنه محاصر، مما دفع بعض صانعي السياسة إلى الإشارة مرارًا وتكرارًا إلى أن حلف شمال الأطلسي لن يتدخل في الحرب خشية أن يكون هناك أي شك في ذهن بوتين”.
وذكرت الصحيفة الأمريكية ذائعة الصيت نقلًا عن عدد من المسؤولين الأمريكيين أنه عقب بدء حملة بوتين العسكرية على أوكرانيا وكذلك أمره بوضع القوات النووية الروسية في حالة تأهب أعلى، طلب صانعو السياسة بالعاصمة الأمريكية في الأيام الأخيرة من وكالات الاستخبارات الحصول على تقارير حول طريقة تفكير بوتين.
ويُعد فهم ما يدور في رأس القائد من أصعب المهام التي يواجهها محللو الاستخبارات. ولكن في حالة بوتين، من الأهمية بمكان أن يفهم صانعو القرار كيف يمكن أن يتصرف حتى يتمكنوا من ضبط ردود أفعالهم ومحاولة إيجاد طريقة ما لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بالإدارة الأمريكية تحدّث إليها شريطة عدم الكشف عن هويته “نسأل الكثير من زملائنا في المخابرات هذه الأيام عن عقلية بوتين. نحن نتفهم أنه تم عزله أثناء الإصابة بالفيروس وأنه محاط برجال يوافقونه على الداوم. الجميع يبحث عن مواطن خلل تتعلق بقبضته على السلطة لكننا لا نرى أي تصدعات كبيرة”.
وقبل الحرب، حذّر محللو المخابرات الأمريكية والبريطانية من أن مستشاري بوتين قد ضللوه بتقديمهم صورة وردية للغاية عن مدى سهولة هزيمة أوكرانيا، وتصاعدت هذه المخاوف الآن مع استعداد الجيش الروسي لما قد يكون معركة طويلة ودموية للعاصمة كييف.
وقال مسؤول ثانٍ في الإدارة الأمريكية إن “الأنظمة الاستبدادية مثل روسيا.. دوائرهم تميل إلى أن تكون منعزلة”. وتعليقًا على صور بوتين وهو جالس على بعد أمتار من مستشاريه على طاولة طويلة قال “لقد رأينا جميعًا صور بوتين ومدى المسافة المادية بينه وبين من حوله، ويمكن أن يكون ذلك استعارة لما يحدث”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وأوربيين قولهم إن عدم اليقين الذي ينتاب الغرب بشأن وصول بوتين إلى معلومات موثوقة يثير القلق بشكل خاص، فهم يخشون من كيفية تفسير بوتين لتعليقات وسائل الإعلام الغربية حول إرسال الاتحاد الأوربي طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا أو فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا.
ورغم أنه من غير المرجح أن يوافق القادة الأمريكيون والأوربيون على مثل هذه الإجراءات، يخشى المسؤولون من أن الحديث عنها قد يكون بالفعل في الحسبان في الخطوات التالية لروسيا.
وأعرب بعض مسؤولي المخابرات الأوربية كذلك عن مخاوفهم من أنه كلما زاد الضغط على بوتين بسبب العقوبات، زاد احتمال إجباره على “أن يكون قدوة” من خلال ضرب المزيد من الأهداف المدنية في أوكرانيا.
ولا يخلو محللو الاستخبارات بالكامل من الرؤى البشرية، إذ يستشهد تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي تم تجميعه في الأيام الأخيرة بمصدر تحدّث إلى شخص آخر يدّعي أنه يعلم أن بوتين غاضب للغاية من العقوبات، التي شعر أنها كانت استجابة غير متناسبة لهجومه على أوكرانيا، وفقًا لشخص مطلع على التقرير.
ويولِي المحللون أيضًا اهتمامًا وثيقًا لما يقوله بوتين علنًا. وكان خطابه المتلفز قبل الهجوم على أوكرانيا -الذي أكد فيه أن أوكرانيا ليست دولة ذات سيادة- عبارة عن كتالوج من المظالم طويلة الأمد ضد أوكرانيا والغرب، و”مليء بالمغالطات التاريخية والأكاذيب” حسب الصحيفة.
لكن المحللين قالوا إن ذلك كان أيضًا مؤشرًا واضحًا على تصميم بوتين على أن أوكرانيا تنتمي فعليًا إلى روسيا ولا ينبغي قبولها في الناتو أبدًا.
وقال مسؤول أمريكي مطّلع على شؤون روسيا للصحيفة “نحن نقلل من كلام بوتين وهذا يعرّضنا للخطر. أعتقد أنه كان ثابتًا بشكل غير عادي في ما قاله حول ما أراد سابقًا وما يريد في المستقبل.”
وأضاف المسؤول أنه ينبغي النظر إلى أمر بوتين بوضع قواته النووية في حالة تأهب أعلى على أنه مؤشر خطير على مدى التزامه بالحصول على ضمانات بشأن مستقبل أوكرانيا والناتو، مؤكدًا أنه يمكن أن يتوقع أن يفجّر بوتين سلاحًا نوويًا في الغلاف الجوي فوق مناطق غير مأهولة تحذيرًا للغرب.
وتابع المسؤول نفسه للصحيفة “(بوتين) يعتقد أننا لا نأخذه على محمل الجد. إنه يعتقدد أننا نراه ضعيفًا دائمًا، وأنه سيتراجع في النهاية”.