الغارديان: 5 تكتيكات حربية في سوريا أعاد بوتين استخدامها في حرب أوكرانيا

حريق في منطقة سكنية في ماريوبول بعد قصف روسي (رويترز)

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن الهجوم على مستشفى الولادة في مدينة ماريوبول الساحلية الأوكرانية المحاصرة صدم العالم من حيث قوته وعنف نتائجه.

لكن الصحيفة أشارت إلى أنها لم تكن المرة الأولى التي تسقط فيها القنابل الروسية على النساء أثناء الولادة، فقد سبق أن قام بوتين بالهجوم ذاته خلال تدخّله العسكري في سوريا عام 2015 لدعم بشار الأسد.

وأضافت الصحيفة أن العديد من المراقبين الغربيين لم يتوقعوا أن يستورد بوتين بعض التكتيكات الحربية التي اعتمدها في سوريا وينقلها إلى أوكرانيا، لأن العلاقات الأسرية والصداقة الوثيقة تمتد عبر الحدود بين الروس والأوكرانيين. في حين أن السوريين كانوا ضحايا بعيدين ومجهولين بالنسبة للجنود الروس.

وتابعت الصحيفة أن الواقع الميداني للحرب في أوكرانيا أظهر وضعًا خاصًا، إذ أجمع المراقبون السياسيون والعسكريون الغربيون على أن الحرب الأوكرانية أوضحت للجميع أن بوتين عمل على استيراد 5 تكتيكات حربية من حرب سوريا وأعاد استعمالها في حرب أوكرانيا وهي:

أولًا: قطع الإمدادات عن المناطق المتمردة

حاصرت القوات السورية والروسية مدنًا عدة في سوريا لتجويع أهلها وإجبارهم على الخضوع، واحتجزت المدنيين رهائن مع تقدم القوات على مقاتلي المعارضة.

ووقفت الصحيفة عن حصار حلب في عام 2016 كونه الحصار الأسوأ سمعة، فقد قطعت الإمدادات عن المعارضين السوريين أولًا، ثم الضغط عليهم شارعًا بعد شارع على مدار أكثر من 6 أشهر؛ في ظل قصف عشوائي مستمر ومتواصل على أرجاء المدينة كافة.

وبحلول عام 2017، كان 4.9 ملايين سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية يعيشون في مناطق محاصرة أو يصعب الوصول إليها.

وأضافت أن الشيء نفسه يحدث الآن في ماريوبول، حيث تقترب القوات الروسية من القوات الأوكرانية المحاصرة بين خطوط المواجهة والبحر.

ومع احتدام القتال يُمنع المدنيون من المغادرة، وتُستهدف البنية التحتية المدنية، وصارت الحياة “مقامرة يومية”.

ويبدو أن القوات الروسية تحاول حصارًا مشابهًا للعاصمة كييف ومدينة خاركيف الشرقية الرئيسة، لكن حتى الآن تمكنت القوات الأوكرانية من إبقاء خطوط الإمداد مفتوحة.

ثانيًا: البنية التحتية المدنية

في كل من سوريا وأوكرانيا، استهدفت روسيا وحلفاؤها أهدافًا عسكرية في قلب المجتمعات المدنية، وقصفت أماكن يذهب الناس العاديون إليها للحصول على الرعاية الطبية والتعليم والطعام والضروريات الأخرى.

ويُعد استهداف المدنيين عملًا غير قانوني بموجب القانون الدولي، لكنه بالنسبة للرئيس بوتين يمكن أن يكون فعالًا، وينشر الرعب ويضعف إرادة المقاتلين، ويدمّر المجتمع الذي يعتمدون عليه في الدعم العملي والمعنوي، وفقًا للصحيفة.

وقال مارك غارلاسكو، محقق جرائم الحرب الذي حلّل النشاط الروسي في سوريا لصالح الأمم المتحدة “لقد وثّقنا العديد من الهجمات على المستشفيات بالأسلحة الروسية الدقيقة مما يدل على رغبة واضحة في استهداف المستشفيات المحمية بموجب القانون الإنساني الدولي”، وأضاف “كان أمرًا صادمًا”.

ووثّقت منظمة الصحة العالمية ما لا يقل عن 43 هجومًا على مراكز الرعاية الصحية في أوكرانيا منذ بدء الحرب، وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل العديد من المدنيين.

وقالت المنظمة إن العديد من المرضى الآخرين ما زالوا يعانون من اضطراب رعايتهم الصحية بسبب الحصار، بما في ذلك أطفال في جناح السرطان محاصرون في تشيرنيهيف مع نفاد المسكنات.

وتعرّضت المدارس في سوريا للهجوم، حيث قُتل أطفال أثناء الدراسة، أما في أوكرانيا، وبسبب توقف التعليم، لم يكن هناك طلاب في مكاتبهم عندما سقطت القنابل، ولكن صاروخًا سقط في ماريوبول بمدرسة فنية تأوي ما لا يقل عن 400 شخص.

ثالثًا: استخدام الأسلحة العشوائية

أوضحت الصحيفة أن القوات الروسية نشرت أسلحة عشوائية عقب استهدافها لمناطق سكنية في البلدات والقرى، وحوّلت مناطق بأكملها إلى أنقاض، ووقع أكبر دمار في مناطق ماريوبول حيث امتدت الحرائق وأعمال القصف.

كما هوجمت مدن أخرى بهذه الطريقة، بما في ذلك شرق فولنوفاكيا وشاستيا التي استهدفت في وقت مبكر من الحرب.

وقال السكان المحليون إن 90% من فولنافاخا دمرّت أو تضرّرت.

ويعد الخسائر المدنية في هذا النوع من الهجمات مرتفعة جدًا، فقد قُتل العديد من الأشخاص، ولا يمكن دفن الجثث، ويقضي الناجون أيامًا في مأوى داخل أقبية متجمدة من دون ماء مع تضاؤل إمداداتهم الغذائية، كما تبددت آمال الإجلاء مرارًا وتكرارًا.

واستخدمت روسيا أيضًا أسلحة أخرى عشوائية بطبيعتها في سوريا وأوكرانيا، بما في ذلك القنابل العنقودية وصواريخ غراد.

 رابعًا: الممرات الإنسانية

سوءا في سوريا أو في أوكرانيا، قدّمت روسيا ممرات إنسانية للهروب من المناطق الواقعة تحت الحصار أو القصف المكثّف، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة عن تمكين المدنيين المحاصرين من فرصة المرور الآمن إلى مناطق ما بعد الصراع.

وصار مشهد الحافلات التي اصطفت في انتظار مهمة الإنقاذ، ثم أُجبرت على الانتظار مع استمرار القصف، مألوفًا في سوريا، وتكرر الأمر في أوكرانيا.

وربما تكون ماريوبول هي الأكثر شهرة في أوكرانيا، فبعد أسابيع من الهجوم والآمال الزائفة، فرّ عشرات الآلاف في قوافل مخصصة من السيارات الخاصة بمجرد ورود أنباء في المدينة بأن نقاط التفتيش الروسية تسمح للمدنيين بالمرور، لكن الأمر لم يستمر طويلًا حتى تدخّل الجيش الروسي وقطع حركة هذه الممرات الإنسانية.

خامسًا: التضليل الإعلامي

خلصت الصحيفة إلى أن الحضور الروسي في سوريا وأوكرانيا يمر بحالة قوية من الإنكار المستمر والتضليل بشأن الضحايا المدنيين وجرائم الحرب.

وحتى الآن، لم تقبل روسيا بالمسؤولية عن قتل مدني واحد في سوريا، وليس لديها آلية معروفة لقياس الأثر المدني لأعمالها.

ومنذ غزو أوكرانيا، بدأت آلة الدعاية المحلية الخاصة بها في تجاوز الحد، وحظرت حتى الحقيقة البسيطة المتمثلة في “وصف الغزو بأنه حرب”، وأطلقت بدلًا من ذلك مسمى “عملية خاصة”.

المصدر : الجزيرة مباشر + الغارديان البريطانية

إعلان