الغارديان: فريق من الصحفيين والكتّاب وراء نجاح خطابات زيلينسكي عالميا
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعان بالعديد من الصحفيين وكتّاب التلفزيون لإيصال رسائله إلى العالم خلال الحرب، مضيفة أن فريق العمل استفاد من تجارب سياسية سابقة أسهمت في وصول رسائل الرئيس إلى أكثر من عاصمة دولية.
وقالت الصحيفة إن أوكرانيا لا تزال تقدم دروسًا ناجحة في قوة الرسائل التلفزيونية وبنائها وإيصالها، وأن خطابات زيلينسكي لشعبه وأمام البرلمانات في جميع أنحاء العالم، أدت إلى حشد الدعم الدولي، ورفع الروح المعنوية في الداخل.
وأضافت “لقد تمكّنوا من السيطرة على نسب المشاهدة في أوربا والعالم”.
وقال الكاتب والصحفي البالغ من العمر 38 عامًا (دميترو ليتفين) لصحيفة الأوبزرفر إن الأفكار وراء الخطب كانت أفكار زيلينسكي مضيفًا أن الرئيس “يعرف ما يريد قوله، وكيف يريد أن يقوله”.
وأضاف “العواطف في الخطب هي الأهم. والرئيس زيلينسكي هو صاحب العواطف واختيار الكلمات، وقد يتعلّم منه قادة العالم”.
وليتفين هو جزء من الفريق الداخلي للرئيس، ويعملون في مقره. وحينما طُلب منه الحديث عن مهمته مع الرئيس تردد قليلًا، وقال “أنا لا أعلّق عادة على هذا الموضوع”.
ووصف (سيرغي ليشيشينكو) وهو صحفي سابق آخر تحوّل إلى مستشار لزيلينسكي في زمن الحرب، ليتفين بأنه مساعد أدبي وفني “يجمع أفكار الرئيس كل يوم؛ إنه يعمل كعقل أو جامع حواس”.
وكان ليتفين في خضم السياسة الأوكرانية لبعض الوقت. حيث عمل محللًا سياسيًا داخل حزب زيلينسكي، وخصمًا مريرًا لبيترو بوروشينكو، سلف زيلينسكي كرئيس.
وقال أحد زملائه السابقين إن هجمات ليتفين على قيادة البلاد بعد عام 2014 بعد انتفاضة (ميدان) الموالية لأوربا أدت إلى انقسام المجتمع الأوكراني. مضيفًا “أنا لست من المعجبين به، لكنه رجل ذكي”.
وقالت (أوريسيا لوتسفيتش) مديرة منتدى أوكرانيا في مركز أبحاث السياسة الخارجية (تشاتام هاوس)، إن مسيرة زيلينسكي السابقة ممثلًا وكوميديًا كانت مفتاح نجاحه.
وأضافت “اعتاد المشاهدون على رؤيته في أدوار مختلفة على شاشة التلفزيون، وبالتالي كانوا قادرين على قبوله”.
وتابعت “إنهم يعرفون أنه رجل دولة معاصر جاء من عالم الترفيه، والناس من حوله يفهمون قوة السرد أثناء الحرب”.
وأضافت أوريسيا لوتسفيتش إن زيلينسكي ورفاقه خلقوا إحساسًا بـ”المهمة التاريخية”، التي ربطت الصراع الحالي في أوكرانيا بالمعارك السابقة ضد موسكو. وكانوا على دراية جيدة بالثقافة الشعبية، حيث قدّموا الحرب على أنها “نور مقابل الظلام”، في دراما أوكرانية على غرار ملحمة “سيد الخواتم”.
كوكبة رومانسية
وأوضحت الصحيفة أن العديد من كبار مستشاري زيلينسكي جاءوا من التلفزيون، وعملوا معه سابقًا في استوديو الإنتاج الخاص به، وأن الطبيعة الواضحة للحرب الروسية على أوكرانيا ساعدتهم في تقديم صورة متكاملة للعالم مضمونها “أن أوكرانيا هي الضحية، وإنها تقاتل من أجل البقاء”. وهذا يجعل زيلينسكي زعيمًا لما يسميه عالم السياسة إيفان كراستيف “كوكبة رومانسية”.
وكشفت الصحيفة أن زيلينسكي يبدو مرتاحًا أمام الكاميرا. مضيفة أنه عندما انتخب عام 2019، لم يكن لديه سوى القليل من الأفكار السياسية الملموسة، لكنه حاول تمييز نفسه عن أسلافه من خلال عقد مؤتمرات صحفية مطوّلة. ومنذ الأيام الأولى للحرب صارت تفاعلاته أكثر ذكاءً وخطاباته اليومية “تلقى صدى جيدًا”.
وقال (إيهور تودوروف) أستاذ العلاقات الدولية بجامعة (أوزهورود) غربي أوكرانيا، إن زيلينسكي قد يكون عاطفيًا وغير دبلوماسي، وغالبًا ما تشبه رئاسته المبكرة “خادم الشعب”، المسلسل الهزلي التلفزيوني الأوكراني الشهير حيث لعب زيلينسكي دور مدرّس التاريخ الذي صار رئيسًا عن طريق الصدفة.
وأضاف أن الحرب غيّرت زيلينسكي، كما فعلت مع ستالين عام 1941.
وتابع قائلًا “زوجة الرئيس، أولينا، كانت لها علاقة كبيرة بالنبرة العاطفية لخطاباته، وهناك أشخاص آخرون شاركوا في الأمر، بما في ذلك (يوري كوستيوك) أحد كتّاب سيناريو مسلسل خادم الشعب”.
وخلص توردوروف إلى القول بأن أي مقارنة بين زيلينسكي ورئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل مبالغ فيها لأن “تشرشل كان يتمتع بشخصية قوية وجذابة، لكن زيلينسكي كان فعالًا للغاية”.