كيف سقط الرئيس السريلانكي بعد 15 عامًا في القمة وأنهى الحكم السياسي للعائلة؟
بعد تجربة حكم سياسي امتد لأكثر من 15 عامًا اضطر الرئيس السريلانكي غوتابايا راجاباكسا للتنحي عن الحكم تحت ضغط الشارع، وأرسل استقالته عبر البريد الإلكتروني إلى رئيس البرلمان.
وبعث راجاباكسا بخطاب استقالة عبر البريد الإلكتروني إلى رئيس برلمان البلاد، مساء اليوم الخميس. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الرسالة أُرسلت بعد وقت قصير من وصول راجاباكسا إلى سنغافورة أم بعد انتقاله لجهة أخرى.
فعلى مدار أسابيع هتف المتظاهرون في سريلانكا “غوتا.. عد إلى بيتك” ها هو غوتابايا راجاباكسا، يبحث عن مكان آمن للعيش بعيدًا عن بلاده بعد ما تنقل بين أكثر من محطة شملت سنغافورة وجزر المالديف، وقد تكون الإمارات العربية المتحدة وجهته النهائية.
وكان سقوط عائلة راجاباكسا مذهلًا، وخلّف صدى في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.
سلالة وفساد
وتبدأ القصة بشقيق غوتابايا راجاباكسا، ماهيندا، الذي تولى السلطة عام 2005 كسياسي بسيط من الريف الجنوبي يقف ضد النخبة السياسية الغربية المتنفذة في العاصمة كولومبو، ولأنه وعد بإنهاء عقود من الحرب الأهلية الدموية ضد الانفصاليين التاميل في شمال البلاد فقد تحول لرجل المرحلة.
وقالت صحيفة الغارديان إن ماهيندا راجاباكسا سعى منذ توليه الحكم إلى توجيه موجة الدعم وتكثيفه لأبناء الأغلبية السنهالية في سريلانكا، وعندما تمكن من دواليب السلطة شرع في إنفاق مبالغ ضخمة اقترضها لتنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة مشكوك فيها، ومع ذلك فاز ماهيندا بدورة رئاسية ثانية في عام 2010.
وفي عام 2019، تمكن غوتابايا راجاباكسا من استعادة السلطة لعائلة راجاباكسا، وهزم حكومة ائتلافية متعثرة ومنقسمة من خلال تقديم قيادة قوية وتكنوقراطية للناخبين، كما تمكن من جذب جمهور غربي متعلم ومتمرس في التكنولوجيا، لكنه مكون في الغالب من القومية السنهالية.
وأضافت الصحيفة أن ما لم يتوقعه أحد هو أن حكم غوتابايا راجاباكسا أبان عن عدم كفاءة واضحة. حيث تم تخفيض الضرائب وخفض أسعار الفائدة، والسعي للحصول على قروض جديدة ضخمة، وطباعة الأموال، لكن كل ذلك كان في الوقت الخطأ.
فقد تسبب فيروس كورونا في انهيار السياحة والتحويلات، وكلاهما مصدر كبير للنقد الأجنبي. في حين أن قرار جعل الزراعة في سريلانكا عضوية بالكامل مع عدم القدرة على تحمل تكلفة الأسمدة أدى إلى تحطيم القطاع بأكمله، وبعدها دخلت سريلانكا في حالة انهيار اقتصادي كامل.
وتابعت الصحيفة أن مزاعم الفساد أثارت موجات من الغضب الشعبي خاصة مع ارتفاعات هائلة في الأسعار وانقطاع التيار الكهربائي ونقص الأدوية.
ولأن رئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزير المالية وعشرات من كبار المسؤولين جميعهم ينتمون لعائلة واحدة، فإن أصابع الاتهام اتجهت بالكامل صوب سلالة راجاباكسا.
سقوط حر
واعتبرت الصحيفة أن ما وقع في سريلانكا قد لا يكون ثورة بالمعنى المعروف والمتداول للثورة، طالما أن البلاد كان لديها تقليد طويل وراسخ من الديمقراطية، لكن ما وقع في الأسابيع الأخيرة وردود فعل الشارع كشفت أن الأمر يتعلق بـ”ثورة هائلة، وأن احتمال عودة أسرة راجاباكسا إلى السلطة غير مرجح، على الأقل لسنوات عديدة”.
وقال شارولاتا هوغ من مركز “تشاتم هاوس” “هناك طاقة هائلة من الغضب والرفض تعم الشارع، وسيكون من الصعب الإبقاء على الوضع السابق في سريلانكا”.
وأضاف “لقد تم تدمير العلامة التجارية لسلالة راجاباكسا لفترة طويلة، إن لم يكن إلى الأبد”. موضحًا أن الأخبار الجيدة الأخرى هي أن حركة الاحتجاج قد نجحت في سد الانقسامات المجتمعية والطبقية في سريلانكا بطريقة لم يشهدها سوى القليل من دول جنوب شرق آسيا منذ عقود.
وخلصت الصحيفة إلى ما وقع في سريلانكا سابقًا مع سلالة راجاباكسا تحول إلى “وصفة نجاح يمكن نقلها لدول الجوار”، لكن ما وقع اليوم يبعث على القلق لدى الكثير من دول الجوار.