بعد مقتل ابنته.. من هو “عقل بوتين” المفكر ألكسندر دوغين؟

ألكسندر دوغين يلقي كلمة خلال حفل تأبين لابنته داريا (رويترز)

تعهدت روسيا بالتعامل “بلا رحمة” مع المسؤولين عن مقتل ابنة المفكر المؤيد للكرملين ألكسندر دوغين، في عملية تعتبر موسكو أنها من تدبير الاستخبارات الأوكرانية.

وقُتلت داريا دوغين (29 عامًا) -وهي صحفية ومحللة سياسية- السبت، إثر انفجار عبوة زُرعت في السيارة التي كانت تقودها على طريق سريع في ضواحي موسكو.

وألكسندر دوغين (60 عامًا) هو مفكر تميز باعتناقه عقيدة “الأوراسية الجديدة” المناهضة لليبرالية. ودعمت داريا -على غرار والدها- بشدة الهجوم الروسي في أوكرانيا.

كانت داريا عائدة مع والدها، كلٌّ في سيارة، من مهرجان ثقافي في ضواحي موسكو، عندما لقيت حتفها في انفجار سيارتها.

ومنذ 2014، يفرض الاتحاد الأوربي عقوبات على مروّج الحركة الأوراسية (وهو ائتلاف بين أوربا وآسيا تحت القيادة الروسية) ألكسندر دوغين، كما استهدفت عقوبات أمريكية ابنته منذ مطلع مارس/آذار الماضي.

ويُعدّ دوغين -الذي له إطلالات تلفزيونية كثيرة والمعروف بلحيته الطويلة- مؤثرًا على جزء من اليمين المتطرف في أوربا.

ويرى كثيرون أن دوغين أدى دورًا في توتر العلاقات بين بوتين والغرب، وأطلقوا عليه لقب “عقل بوتين”.

واعتنق الفيلسوف القومي ألكسندر دوغين وابنته داريا العقيدة عينها، وحظيا بتغطية إعلامية واسعة.

وذاع صيت ألكسندر في روسيا في التسعينيات في خضم الفوضى الفكرية التي خلّفها انهيار النظام الشيوعي.

ويتباهى دوغين بأن له تأثيرًا أيديولوجيًّا على بوتين.

وقال الرجل الذي لفت أيضًا أنظار الغرب إليه بإنجليزية متقنة عام 2017 في مقابلة مع قناة (سي بي إس) الأمريكية “أنا من أنصار بوتين، وأنقل رغبة المجتمع المحافظ والهوية الروسية، ولا أصوغ ذلك بشكل فردي”.

لكن نظرًا لتكتم النظام الحاكم في روسيا، يشكّك مراقبون في الروابط الفعلية التي تربطه بالكرملين، فبوتين لم يظهر يومًا برفقته علنًا، وانتقد في السابق القوميين المتشددين الذين يرى فيهم خطرًا على روسيا، البلد متعدد العرقيات.

على خطى الأب

وخطت داريا المولودة سنة 1992 على خطى والدها، وسطع اسمها في السنوات الأخيرة بوسائل الإعلام الروسية. وتعاونت -مستعيرة اسم داريا بلاتونوفا- مع شبكة روسيا اليوم الحكومية وقناة (تسارغراد) المحافظة.

ونسجت -مثل والدها- علاقات مع شخصيات من اليمين المتطرف في أوربا الغربية، وخالطت خلال فترة دراستها في بوردو في جنوب غربي فرنسا أشخاصًا مقرّبين من زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن.

وأُوفِدت داريا لإعداد تقارير صحفية في الأراضي الانفصالية بالشرق الأوكراني في خضم العملية العسكرية التي شنتها القوات الروسية على أوكرانيا والتي أيدها دوغين -الأب والابنة- بشدة.

وفي مقابلتها الأخيرة التي سُجّلت قبل بضع ساعات من مقتلها، نددت بـ”العنصرية” في حقوق الإنسان والمثلية الجنسية، مؤكدة أن “نظامًا استبداديًّا غربيًّا خطرًا وصل إلى نهايته” بفضل الهجوم على أوكرانيا.

وحظرت أوكرانيا في السنوات الأخيرة العديد من كتب والدها، ومنها “أوكرانيا.. معركتي.. يوميات جيوسياسية” و”انتقام روسيا الأوراسي”.

كما استهدفت عقوبات بريطانية داريا منذ يوليو/تموز، واتهمتها لندن بنشر “معلومات مضللة عن أوكرانيا” على الإنترنت.

المفكر والمُنظّر الروسي ألكسندر دوغين

روسيا تتهم أوكرانيا

واتهمت أجهزة الأمن الروسية “الأجهزة الخاصة” الأوكرانية بقتل داريا، وفق وكالات أنباء روسية.

وقال الأمن الروسي إن السيارة التي كانت تقودها دوغين حوصرت من قِبل امرأة تحمل الجنسية الأوكرانية ومولودة عام 1979 تُدعى ناتاليا فوفك، وإلى أن هذه الأخيرة تبعت دوغين بسيارة “ميني كوبر” تحمل لوحات تسجيل صادرة في كازاخستان وأوكرانيا وفي “جمهورية دونيتسك الشعبية” الانفصالية في شرقي أوكرانيا.

وأشارت أجهزة الأمن الروسية إلى أن فوفك استأجرت أيضًا شقة في المبنى الذي كانت تعيش فيه دوغين، وذهبت السبت إلى مهرجان ثقافي كانت جارتها موجودة فيه أيضًا.

ولفت المصدر إلى أن هذه المرأة الأوكرانية فرّت بعد ذلك إلى إستونيا مع ابنتها.

ونفت أوكرانيا، الأحد، أي علاقة لها بمقتل دوغين. وقال ميخايلو بودولياك، وهو أحد مستشاري الرئاسة الأوكرانية “من المؤكد أن أوكرانيا ليس لها علاقة بالانفجار، لأننا لسنا دولة إجرامية”.

وكان دوغين قد قال خلال مقابلة مع الجزيرة مباشر في مارس/آذار الماضي، إن العملية العسكرية ضد أوكرانيا كانت ضرورية للغاية لوقف الهجوم الذي أُعِد سابقًا لاستهداف إقليم دونباس وشبه جزيرة القرم.

واستبعد الفيلسوف الروسي أن تكون لهذه الحرب تداعيات استراتيجية سلبية على روسيا، مؤكدًا أنه “بعد انتصار روسيا ستنتهي الأحادية القطبية، وسيكون العالم أحسن مما كان عليه قبل الحرب”.

وأشار إلى أن “احتمال هزيمة روسيا غير وارد، وإن حدث فإنه سيشكل نهاية بوتين ونهاية روسيا، لأننا غامرنا بكل شيء، لذلك يجب الإصغاء جيدًا لتصريحات بوتين بشأن إمكانية استعمال السلاح النووي”.

وقال خلال المقابلة “إما أن تنتصر روسيا أو يزول العالم عبر السلاح النووي”.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات