صحيفة إسبانية: مدريد على بعد خطوات قليلة من الاعتراف بدولة فلسطين

متظاهرون إسبان يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة (رويترز)

نشرت صحيفة “الكونفيدينسيال” الإسبانية مقالا للصحفي إغناسيو سيمبريرو، قال فيه إن مدريد باتت على بعد خطوات قليلة من الاعتراف بدولة فلسطين.

وأشار الكاتب إلى أنه بعد أسابيع من سفر قادة 6 دول أوروبية إلى إسرائيل، قرر رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بدوره زيارة الدولة العبرية، ولكن لغرض مختلف، وهو إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن إسبانيا ستعترف قريباً بدولة فلسطين، وفقاً لمصادر على اطلاع ببرنامج الزيارة.

ووفقا للصحيفة، سيزور سانشيز تل أبيب للمرة الأولى يوم الخميس، رفقة رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دي كرو، والذي كتب على حسابه بمنصة إكس يوم الإثنين “نريد أن نسهم بشكل فعّال في الحدّ من العنف والتوصل إلى حل سياسي”. وبالإضافة إلى نتنياهو، سيتم استقبالهما من قبل الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتزوغ، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس.

وستشمل الرحلة زيارة إحدى المستوطنات القريبة من قطاع غزة، والتي تعرضت لهجوم من قبل حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وسيزور سانشيز معبر رفح أيضاً. وستكون القاهرة هي المحطة الأخيرة للزيارة، حيث سيلتقي الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.

وتنقل الصحيفة أن المسؤوليْن يسافران معاً لأن سانشيز يتولّى حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وسيتولى دي كرو المنصب اعتباراً من يناير/كانون الثاني المقبل، مشيرة إلى أن هناك سببا آخر لتفسير هذه الزيارة المشتركة، وهي أن حكومتي إسبانيا وبلجيكا، إلى جانب حكومات أيرلندا وسلوفينيا ولوكسمبورغ، هي الدول الأوروبية الأكثر انتقاداً لإسرائيل منذ بدء حربها على غزة.

وأجرى سانشيز كذلك بحسب الصحيفة، خلال جلسة تنصيبه كرئيس للحكومة الإسبانية، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، مقارنة بين “الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان من قِبَل بوتين في أوكرانيا” و”الحق الإنساني الذي لا يُحترم اليوم في غزة”، معلنا أن حكومته ستعمل “في أوروبا وفي إسبانيا على الاعتراف بالدولة الفلسطينية”.

وأشار الكاتب إلى أن هذا الاعتراف يظهر بالفعل في البرنامج الحكومي الموقّع في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، بين الحزب الاشتراكي العمالي وحزب سومار. وتم التعبير عن رغبة الحكومة الإسبانية في اتخاذ هذه الخطوة أيضاً في اقتراح غير قانوني وافقت عليه جميع الأحزاب الإسبانية الممثلة في البرلمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2014.

وأوضح الكاتب أن سانشيز سيؤكد لنتنياهو أنه إذا انتهى غزو قطاع غزة دون إعادة تنشيط مفاوضات الحل النهائي المفضي لإنشاء دولة فلسطينية كما في اتفاقيات أوسلو عام 1993، فإن حكومته ستعترف بدولة فلسطين، لكنها لن تفعل ذلك قبل نهاية الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي، حتى لا يؤدي ذلك إلى تشرذم المواقف الأوروبية بشأن الصراع.

وسيشرح رئيس الحكومة الإسبانية لنتنياهو أن هذا الاعتراف سيكون مساهمة إسبانية صغيرة لتعزيز التعايش بين دولتين ديمقراطيتين ومستقلتين لهما الحق في العيش في سلام وأمن بحدود معترف بها بشكل متبادل، بحسب المصادر التي نقلت عنها الصحيفة.

ومن غير المرجح أن يتم إطلاق مفاوضات السلام، التي أصيبت بالشلل منذ مؤتمر أنابوليس في عام 2007، لا سيما بوجود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل.

ويود سانشيز اتخاذ مثل هذه المبادرة برفقة الحكومات الأوروبية الأخرى. ومن الممكن أن يتم تشجيع البلجيكيين لاتخاذ خطوة مماثلة، إذ كانت حكومة بروكسل على وشك القيام بذلك في يونيو/حزيران عام 2020، لكن القرار المقدم في مجلس النواب البلجيكي من قبل الاشتراكيين ودعاة حماية البيئة قد خُفِّفَ من خلال تعديلات الليبراليين الذين يملكون الأغلبية في البرلمان. وفي بداية العام المقبل من المتوقع أن تكون هناك مناقشة جديدة.

وأكد سيمبريرو أن البرلمان البلجيكي سيناقش قانوناً يقدّمه الحزب الفلمنكي المسيحي الديمقراطي، الذي سيقترح حظر التجارة مع المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة. ومعروف أن التجارة الخارجية هي من الصلاحيات الحصرية للمفوضية الأوروبية، لكن يمكن للدول الأعضاء أن تطلب استثناءات لأسباب تتعلق بالنظام العام.

وحتى قبل أسبوعين، كان سانشيز يثق في أنه، بالإضافة إلى بلجيكا، يمكن أن تُقدِم البرتغال أيضاً على الاعتراف بفلسطين وبذلك ترافق إسبانيا في هذه المبادرة الدبلوماسية، لكن استقالة رئيس الوزراء الاشتراكي، أنطونيو كوستا، والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة أحبطت توقعاته.

ومن الواضح أن نتنياهو وهرتسوغ سيحاولان إقناع محاوريهما الأوروبيين بالتخلي عن خططهما. وتخشى إسرائيل من أنه إذا أقدمت تلك البلدان على هذه الخطوة، فسيكون لذلك تأثير الدومينو على المدى المتوسط في الاتحاد الأوروبي. وتعد إسبانيا رابع أهم دولة في الاتحاد. ويقول الإسرائيليون كذلك إن الاعتراف بفلسطين لن يساعد في تعزيز السلام لأن الفلسطينيين سيفسرونه على أنه إظهار للتقدير لكفاحهم “العنيف”.

وتعترف بعض البلدان في الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية كبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر. وكلها فعلت ذلك إبان حقبة الاتحاد السوفيتي. لكن دولة واحدة فقط هي السويد، اتخذت هذه الخطوة في أكتوبر/تشرين الأول 2014، بعد سنوات من انضمامها إلى النادي الأوروبي.

وبشكل عام، لم تكن علاقات إسبانيا بإسرائيل ودّية للغاية منذ سنوات. والدليل على ذلك هو أنه لا سانشيز ولا وزير خارجيته، خوسيه مانويل ألباريس، زار إسرائيل منذ توليهما منصبيهما، رغم زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي لمدريد في شهر أبريل/نيسان الماضي.

كما تسببت الحرب الأخيرة التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول في العديد من الاحتكاكات بين مدريد وتل أبيب. وكان أبرزها ما وقع في 16 أكتوبر/تشرين الأول، بإصدار السفارة الإسرائيلية في إسبانيا بياناً ضد أيوني بيلارا، وزيرة الحقوق الاجتماعية، والتي تم استبعادها قبل أيام من الحكومة الجديدة.

ونددت الوزيرة بـ “الإبادة الجماعية” التي ارتكبت في غزة ورفعت صوتها أكثر مع زيادة عدد الضحايا الفلسطينيين. ورفضت الحكومة الإسبانية بشكل مطلق “الأكاذيب التي ادّعتها الدبلوماسية الإسرائيلية” بحسب بيان.

ومنذ يوم الثلاثاء، أصبحت سيرا عابد ريغو، وهي من أصل فلسطيني، وزيرة للشباب والطفولة في الحكومة الجديدة. ويقيم والدها وإخوتها في الضفة الغربية. وتحاول الصحافة الإسرائيلية الآن تشويه صورة الوزيرة من خلال إعادة نشر تغريداتها وتصريحاتها حول الصراع.

المصدر: الصحافة الإسبانية

إعلان