يطهون على الحطب ويركبون الحمير.. الحرب في غزة تعيد القطاع إلى الحياة البدائية

لم يجد أهل غزة سوى الحطب لطهي طعامهم (رويترز)
لم يجد أهل غزة سوى الحطب لطهي طعامهم (رويترز)

أعادت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 34 يوما، ظروف الناس فيه إلى الحياة البدائية بكل معنى الكلمة، فالطعام بات يُطهى على النار، والمياه أصبحت بعيدة المنال، ووسائل النقل تحولت إلى عربات تجرها الحيوانات.

في القطاع المحاصر يعتمد المواطنون في الطهي على إشعال النار باستخدام ورق الكرتون أو الحطب إن توفرت لديهم المواد الغذائية التي تشهد نقصا شديدا للغاية خاصة في المناطق الشمالية.

كما ينقلون المياه اللازمة للاستخدام اليومي عبر الدلاء والأوعية البلاستيكية إن وجدت، بينما تعاني شريحة واسعة في مختلف أنحاء القطاع من ندرة المياه الصالحة للشرب.

وفي تنقلاتهم إلى الأماكن البعيدة بات الفلسطينيون في غزة يعتمدون على العربات التي تجرها الحيوانات؛ حتى وصل بهم الأمر إلى نقل المصابين وضحايا القصف الإسرائيلي إلى المستشفيات بواسطة هذه العربات.

فلسطينية من خان يونس تجمع أغصان الأشجار، وسط نقص الوقود وغاز الطهي (رويترز)
فلسطينية من خان يونس تجمع أغصان الأشجار، وسط نقص الوقود وغاز الطهي (رويترز)

الطهي

ويعاني سكان غزة حاليا من وضع إنساني وصحي كارثي، إذ نزح نحو 1.4 مليون نسمة من أصل 2.3 مليون من منازلهم، ومنع الاحتلال عنهم إمدادات الغذاء والماء والأدوية والكهرباء والوقود، مع استمرار القصف العنيف بلا توقف.

وفي مدينة رفح جنوب القطاع، يخرج أطفال بين أزقة الشوارع في رحلة يومية صباحية للبحث عن أوراق الكرتون اللازمة للطهي.

وتعتمد عائلات هؤلاء الأطفال على الورق المقوى (الكرتون) في إشعال النار لطهي ما يتوفر من طعام زهيد وبسيط، في ظل الشح الشديد في المواد الغذائية.

وكان متحدث باسم وزارة الداخلية في القطاع، قد أعلن أول أمس الثلاثاء عن  توقف عمل جميع المخابز في غزة بسبب قيام الطائرات الإسرائيلية باستهدافها بشكل مباشر وقال المتحدث إياد البزم إن عدم توافر الوقود والدقيق، يهدد بالتسبب بـ”كارثة خطيرة”.

كل هذا دفع الكثير من سكان هذه المناطق إلى الاعتماد في طعامهم على المواد الغذائية المعلبة إن وجدت، حيث قلصوا وجباتهم لواحدة يوميا كي يحافظوا على ما تبقى لديهم من مخزون. والبعض ممن يتوفر لهم بعض الدقيق، يشعلون الفحم الأسود في صناعة الخبز.

أما الحال في مدينة غزة ومناطق الشمال فيبدو مختلفا، إذ باتت تعاني من نفاد المعلبات وأصبح غالبية المواطنين لا يجدون طعاما يتناولونه.

أحد سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، قال لوكالة الأناضول التركية، إن ما تبقى لدى عائلته من مخزون الطعام هو رغيف خبز واحد، تم تخصيصه للأطفال فقط الذين لا يتحملون الجوع.

وأضاف “يومان أو أكثر وسندخل في مجاعة، ونتخوف من عدم توفر المياه الموجودة بشكل شحيح أصلا في وقت لاحق”.

المواصلات

انعدام الوقود هو الآخر أثر على حالة المواصلات في جميع أنحاء القطاع، حيث يضطر آلاف المواطنين إلى التنقل من مكان لآخر سيرا على الأقدام.

ومؤخرا، بات أصحاب العربات التي تجرها الحيوانات يقدمون خدمة “المواصلات” بأسعار زهيدة.

واستخدمت هذه العربات في نقل عدد من الجرحى وجثامين الشهداء إلى المستشفيات في ظل الضغط الشديد على سيارات الإسعاف وصعوبة الوصول إلى مناطق الاستهداف.

عربات (الكارو) باتت بديلا للمواطنين من أجل التنقل في أنحاء القطاع (رويترز)
عربات (الكارو) باتت بديلا للمواطنين من أجل التنقل في أنحاء القطاع (رويترز)

نقل المياه

كما يواجه سكان غزة صعوبة كبيرة في نقل المياه من محطات التعبئة إلى المنازل، وباتوا يعتمدون في ذلك على نقلها باستخدام الدلاء والأوعية البلاستيكية والخزانات الصغيرة.

فيضطر الشخص الواحد إلى التوجه لمحطة التعبئة مرات عدة للحصول على كمية من المياه تكفي للاستخدام اليومي، إن توافرت المياه.

وفي المقابل، فإن مركبات نقل المياه تعجز عن الوصول إلى منازل المواطنين بسبب نفاد كميات الوقود المتوفرة لديها.

محمد من مدينة رفح، قال للوكالة “نهاتف محطة تعبئة المياه، فتقول لنا وفروا وقودا أو غازا كي ننقل إليكم المياه، ونرفعها إلى سطح منزلكم داخل الخزانات”.

ويضيف “هذا أمر في غاية الصعوبة، الوقود والغاز غير متوفرين نهائيا وإن حصل البعض عليه يكون بأسعار مرتفعة جدا، فنضطر إلى نقل المياه بشكل يدوي وهو أمر مرهق للغاية”.

وفي بعض الأحيان، يتنقل مجموعة من الأفراد لبيع المياه (المالحة) عبر العربات التي تجرها حيوانات، لتسهيل وصولها إلى المواطنين، مقابل مبالغ زهيدة أيضا.

لكن هذه المياه، سببت وفق إفادات مواطنين وأطباء وجهات رسمية، أمراضا مثل النزلات المعوية، والمغص الحاد، والالتهابات في مجرى البول، وحالات الإسهال.

أوضاع كارثية

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قالت يوم الأحد الماضي، إن “الوضع الإنساني في قطاع غزة كارثي ويزداد سوءا كل لحظة”.

وأضافت في بيان “المدنيون في قطاع غزة يتحملون التكلفة الإنسانية الباهظة خاصة النساء والأطفال. طال التدمير البنى التحتية للمياه والمياه العادمة، حيث خرج معظمها عن الخدمة مما ينبئ بكارثة بيئية”.

وتابعت “الحصول على نقطة ماء نظيفة للشرب أو رغيف خبز في غزة رحلة محفوفة بالمخاطر وتستمر لساعات. نصف سكان القطاع نزحوا للجنوب في ظل غياب المقومات الأساسية للحياة”.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول يشن جيش الاحتلال حربا على القطاع، دمر خلالها أحياء كاملة على رؤوس سكانها، واستهدفت طائراته المستشفيات والمدارس والمساجد، واستشهد على أثرها أكثر من 10 آلاف و569 فلسطينيا، بينهم 4324 طفلا، و2823 امرأة، و649 مسنا، بينما أصيب أكثر من 26 ألفا آخرين، بحسب مصادر رسمية.

المصدر : الأناضول

إعلان