الشرائح الإلكترونية.. وسيلة تواصل سكان غزة مع العالم في ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت
الثلاثاء، انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت بالكامل في القطاع المحاصر، للمرة الثامنة منذ اندلاع الحرب

أصبحت الشريحة الإلكترونية (eSIM) الوسيلة الوحيدة للكثير من سكان غزة للتواصل مع أقاربهم أو نقل مجريات الحرب التي تشنّها إسرائيل على القطاع منذ 82 يومًا، في ظل الانقطاعات المتكررة لشبكتي الهاتف والإنترنت.
والثلاثاء، انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت بالكامل في القطاع المحاصر، للمرة الثامنة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قبل إعلان عودتها اليوم بشكل تدريجي.
وأصبحت هذه الشرائح وسيلة اتصال بالعالم للكثير من سكان القطاع حيث يبتاعها لهم أقارب أو معارف في الخارج. وتعمل الشرائح وفق مبدأ بسيط: لتشغيلها، يتعيّن على المستخدم مسح “رمز الاستجابة السريعة” (QR code) المرسل من الخارج باستخدام كاميرا الهاتف النقال، ما يتيح وصله بشبكة اتصالات هاتفية خارجية، غالبًا ما تكون إسرائيلية، وأحيانا مصرية.
وقال الصحفي هاني الشاعر (35 عامًا) لوكالة الصحافة الفرنسية “لا خيار أمامنا في ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت في القطاع سوى استخدام هذه الشرائح”، مؤكدًا أهميتها في المساعدة على “نقل الصوت والصورة”، اعتبر أنه “لولا هذه الخدمة لانقطعنا عن العالم على الصعيد المهني والشخصي أيضًا، وهي القشّة التي نتعلق بها للتمكن من العمل”.
“يفي بالغرض”
وشنّت إسرائيل عدوانًا غير مسبوق على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل أسفرت عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي وأسْر قرابة 250 لا يزال نحو نصفهم في غزة، في حين اقتربت حصيلة الشهداء في غزة إلى 21 ألفًا -معظمهم من الأطفال والنساء- وزهاء 55 ألف مصاب.
وتسببت الحرب في غزة بأزمة إنسانية حادة شملت نزوح 1.9 مليون شخص يشكلون 85% من إجمالي سكان القطاع، وفق الأمم المتحدة. كما شددت إسرائيل حصارها وقيّدت إدخال المساعدات.

وفي ظل الدمار الواسع الذي طال مناطق واسعة، أكدت النازحة سمر لبد التي كانت تقطن مدينة غزة بشمال القطاع وتوجهت إلى رفح رفقة أولادها الثلاثة، أنها فقدت الاتصال مع الجميع لأكثر من أسبوع، وأن شقيقها المقيم في بلجيكا قام بإرسال شريحة الكترونية لها لتوفير الإنترنت “لنتمكن من الاتصال ببعضنا بعضا”.
وتابعت “الاتصال ليس ثابتًا لكنه يفي بالغرض”. وعلى الرغم من ذلك، لا تتمكن سمر من الاتصال بأقارب آخرين موجودين حاليًا في خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع وحيث تتركز العمليات العسكرية منذ أيام. وأضافت “لكني أطمئن عليهم عبر هذه الخدمة”.
ولا يضمن الحصول على الشريحة الالكترونية توافر خدمة الاتصال، اذ إنها غير ممكنة سوى في المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل، أو تتطلب الانتقال الى أماكن مرتفعة للتمكن من التقاط إشارة جيدة.
وأكد إبراهيم مخيمر -صاحب متجر للهواتف النقالة في رفح- أن الصحفيين والمراسلين “أكثر فئة تستخدم الشريحة الالكترونية بسبب نقل الصورة الصحفية الى العالم الخارجي في ظل سعي الاحتلال للتعتيم على ما يحدث داخل القطاع الذي لا يتمتع بأي من مقومات للحياة.
ووفق مخيمر، تلقى هذه الشرائح إقبالا أيضًا من عناصر “الإسعاف والدفاع المدني الذين يريدون معرفة أماكن القصف لنجدة من يمكن أن يقدموا له المساعدات”، إضافة الى عاملين مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) “من أجل توجيه البضائع والمساعدات الى الأماكن الصحيحة لإنقاذ الناس”.
“أماكن مرتفعة ومفتوحة”
وفي حين أن الشرائح تهدف لتعويض انقطاع الاتصالات، تبقى المفارقة في أن تشغيلها رهن توافر الإنترنت، وهو ما يتطلّب “ساعتين أو ثلاث ساعات”، وفق المصور الصحفي ياسر قديح، مبينًا أن هذه الشرائح تتطلب الوجود في أماكن مرتفعة ومفتوحة لتكون الاشارة جيدة.
وأوضح قديح أن سعر الشريحة “يتراوح بين 15 و 70 دولارًا حسب سرعتها ومدتها” بين أسبوع وشهرين.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد حذرت أواخر أكتوبر من أن انقطاع الاتصالات في غزة قد يكون بمثابة “غطاء لفظائع جماعية ويسهم في الإفلات من العقاب على انتهاكات لحقوق الإنسان”.