هآرتس تكشف عن شهادات مروعة لمعتقلين فلسطينيين عاشوها في سجن مجدو

جروح وكدمات على أجساد الأسرى الفلسطينيين لدى الجيش الإسرائيلي

ذكرت صحيفة (هآرتس) العبرية أن المعتقلين والسجناء المقيمين في سجن “مجدو” يشهدون على سلسلة من حالات العنف والإساءة الشديدة من قبل حراس السجن، والتي تشمل الركل واللكمات والضرب على الخصيتين والإذلال. وقال بعضهم إن أسيرًا تعرَّض للضرب حتى توفي متأثرًا بجروحه.

وحسب الشهادات، بعضها شخصي والبعض الآخر تم تقديمه من خلال محامي المعتقلين والأسرى، فإنه منذ بداية الحرب يتعرض الأسرى الفلسطينيون وكذلك معتقلون من الداخل الفلسطيني للضرب، ويفرض الحراس عليهم بالقوة أن يغنوا ويقولوا (شعب إسرائيل حي). وتشير الأدلة إلى أن هذا يجري في كثير من الأحيان أثناء تقييد أيدي السجناء.

وقال أحد السجناء مؤخرًا في شهادته أمام المحكمة “إنهم يأخذوننا إلى نقطة عمياء حيث لا توجد كاميرات، ويستقبلون السجناء الجدد بالضرب”. وفي الوقت نفسه، أفاد المعتقلون أنهم يُجبرون على ارتداء الملابس نفسها لأسابيع، وأنهم لا يحصلون على ملابس جديدة إلا عندما يُطلَق سراح أحدهم ويعطيهم ملابسه، بما في ذلك ملابسه الداخلية.

وأكد ضابط كبير في إدارة السجون في حديث مع “هآرتس” أن الإدارة على علم بالعنف الشديد الذي يتعرض له المعتقلون والسجناء في سجن مجدو.

وخلال الأسبوع الماضي، تم التحقيق في شبهة قيام 19 من حراس السجن بضرب أسير أمني حتى توفي في سجن كتسيعوت، في الوقت الذي استشهد فيه 6 فلسطينيين في السجون منذ اندلاع الحرب، وعُثر على اثنين على الأقل وعليهما علامات تعذيب. كما احتُجز سكان غزة لأسابيع، وحُرموا من العلاج الطبي والنوم.

وقدَّم أحد المعتقلين شهادته بشأن الانتهاكات في السجن إلى المحكمة، والمعتقل هو أحمد خليفة (41 عامًا) عربي من أم الفحم، روى ما حدث في السجن خلال جلسة الاستماع لطلب تمديد اعتقاله. وكان قد اعتُقل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد مشاركته في مظاهرة بالمدينة، ويقبع منذ شهرين في سجن مجدو.

وحسب لائحة الاتهام المقدمة ضده وضد محمد جبارين (31 عامًا)، فإن الاثنين قادا عملية التحريض. ووجهت النيابة إليهما تهمتي “الانضمام إلى منظمة إرهابية والتحريض على الإرهاب”، وتم إرسالهما إلى السجن وتصنيفهما معتقلَين أمنيَّين.

وقال خليفة الذي ليس لديه سجل جنائي خلال جلسة الاستماع “إنهم يقيدون السجناء في الأصفاد، ويجعلونهم يتحركون ويسحبونهم كما لو كانوا حيوانات. وإذا رفعوا رؤوسهم، يتعرضون للضرب عليها”.

أسرى في سجون الاحتلال (شؤون الأسرى)

وأضاف “لقد رأيت ذلك يوميًّا وأنا في زنزانة مع صبي عمره 18 سنة، ويمسكه الحراس وهو يبتسم، ويأخذونه إلى منطقة بها نقطة عمياء يعرفها السجن كله. في البداية الجميع كانوا يضربونه، لكن في الأسبوعين أو الثلاثة الأسابيع الماضية كانت هناك نوبة واحدة من الحراس تفعل ذلك، أخذوه إلى هناك، وداسوا على رأسه وصدره، وقاموا بكسر رجله وضربه بالقدم بين الساقين”.

ووصف خليفة أيضًا حالة تعرَّض فيها سجين، على حد قوله، للضرب ثم توفي متأثرًا بجروحه. وأضاف “في الزنزانة المجاورة لي، لا أعرف هل سأسميه ميتًا أم مقتولًا، لكنه حصل بسبب الضرب. أدخلوه وادعوا أنه تشاجر مع حارس، وضربوه وعاقبوه بوضعه في زنزانة. وضعوه هناك. كل خميس وجمعة وسبت يصرخ: أخي، معدتي، أمعائي، ويسكتونه فقط بكلمة (هش)”.

وتابع خليفة قائلًا “يوم الجمعة، توقف السجين نفسه حتى يوم السبت ولم يستطع، وصرخ مرة أخرى: بطني، أمعائي. ولا أزال أستطيع سماع صوته. لقد أخذوه. اعتقدت أن لدي القليل من الإيمان وأنهم سيأخذونه للعلاج”. لكن بحسب خليفة، فإن الحراس “وضعوه في زنزانة منفصلة وتوفي هناك تلك الليلة”. وفي هذه اللحظة، انفجر خليفة -وهو محامٍ- بالبكاء في المحكمة قائلًا “لقد مات في الزنزانة المجاورة لي. فقط عندما صمت وتوقف عن القول إن معدته تؤلمه، فتح مدير السجن الزنزانة ورآه ملقى على الأرض، واستدعى سيارة إسعاف بعد وفاته”.

وفي الشهرين الماضيين، توفي سجينان في سجن مجدو، لكن لم يتضح من شهادة خليفة أي منهما كان يقصد. أولهما عمر دراغمة (58 عامًا) الذي توفي في 23 أكتوبر/تشرين الأول. والثاني هو عبد الرحمن مرعي (33 عامًا) وتوفي في 13 نوفمبر/تشرين الثاني. وعلى جسد مرعي ظهرت آثار عنف شديدة، وبحسب طبيب نيابة عن أسرته شارك في تشريح الجثة، فقد كانت هناك كدمات على صدره وكُسرت أضلاعه وعظم القفص الصدري.

ووصف معتقل أُطلق سراحه وشهد الاعتداء عليه -حسب كلامه- تعرُّضه للضرب بأيدي 15 حارسًا “ضربوه ضربًا مبرحًا لمدة 5 دقائق، وركزوا على ضربه على رأسه. أخذوه ومنذ ذلك الحين لم نعرف أي شيء عنه”. ومؤخرًا، أمرت محكمة الصلح في الخضيرة بإجراء تحقيق في ملابسات وفاته.

واستمرارًا لشهادة خليفة، وصف إساءة معاملة السجناء الجدد قائلًا “الغرفة رقم 8 قريبة من تلك النقطة العمياء، وهناك أستطيع أن أصف ما أسمعه طوال الليل. يتم استقبال كل شخص جديد يصل”.

وحسب قوله، فإن السجناء يغنون للمعتقلين أغنية مألوفة للأطفال باللغة العربية، ويجبرونهم على الغناء معها “يتم الطلب من أربعة أو خمسة بالغناء، وإذا لم يتعاون المعتقلون، يضربهم الحراس ويضحكون عليهم”. وأضاف “هناك أشخاص محظوظون لا يمرون بهذه المرحلة، كل هذه الأشياء تحدث أمام عيني”.

كما شهد صديق خليفة، جبارين، أمام المحكمة بشأن عنف الحراس. وأضاف “منذ اليوم الأول لدخولنا السجن نتعرض للإذلال والتهديد والشتائم، وأيدينا مقيدة خلف ظهورنا. يقولون لنا “تريدون طعامًا، اجلسوا على ركبكم. يعطوننا الطعام، ويخرج لنا فأر من داخل الأرز”.

أحد سجون الاحتلال (شؤون الأسرى)

ويقول جبارين “نحن 16 أسيرًا في زنزانة لا تحتوي إلا على 9 فرشات. ننام على الأرض، ولا توجد نوافذ في الغرفة. ويوجد نايلون، ومن خلاله تدخل الرياح والأمطار. يقول له السجانون إنكم قتلتم الأولاد والفتيات. فيجيبهم أنا من هنا من إسرائيل، شاركت في مظاهرة لوقف الحرب، ولست إرهابيًّا”.

وقال خليفة وجبارين، كغيرهما من المعتقلين والسجناء، إنه لم يتم تزويدهما بالملابس في السجن، وإنهما حصلا على ملابسهما من محامي الدفاع عنهما. وقال جبارين “لم أستحم لمدة شهرين، ولم أحلق، يعطونني بنطالًا واحدًا في الشهر وقميصًا واحدًا، ومنشفة واحدة. وأرتدي قميصًا قصيرًا”.

كما روى معتقل آخر، وهو مواطن إسرائيلي من أم الفحم، متهم بالتحريض بسبب منشور نشره في بداية الحرب، في إحدى المناقشات حول منع تغيير الملابس. ووفقًا له، فهو يرتدي الملابس الداخلية نفسها والملابس التي كان يرتديها منذ اعتقاله في أوائل أكتوبر. وذكر المحتجز أنه “لا يجرؤ” على أن يطلب من الحراس ملابس جديدة. وقال لمحاميه “ردهم سيكون بالضرب”.

وتقول المحامية سوزان الزهار التي تُمثل بعض المعتقلين في مجدو “رفض إعطاء ملابس نظيفة للأسرى منذ اعتقالهم وحتى اليوم، إلى جانب أقسى ظروف اعتقالهم، يُشكل معاملة غير إنسانية ومهينة”. وتنتهك إسرائيل التزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية التي تحظر التعذيب والمعاملة المهينة بالكرامة للمعتقلين والأسرى.

كما وصف خليفة للمحكمة الطعام المقدم للسجناء، قائلًا “هناك حراس يدفعون الأرز بأقدامهم. نجد أشياء في الأرز ونبدأ في التنظيف. ولهذا السبب الطعام المفضل لدى الجميع هو البيض، لأنه لا يمكنك وضع الأشياء فيه. أعطينا ثلاثة أشخاص طبقًا أبيض لتناول الإفطار، وقال: في الأجنحة، كنا 11 شخصًا على نفس الطبق الأبيض، ورأيت الناس يتقاتلون على شرائح الخبز. حتى لو تمت إدانتي، فأنا لم أغتصب، ولم أقتل، ولم أطلق النار، ولم يتم القبض علىَّ وبحوزتي سلاح”.

وبحسب المحامية ميسانا موراني من مركز “عدالة”، فإن الأدلة التي وصلت إلى المحكمة فقط هي أن مواطنين إسرائيليين مسجونين في الأجنحة الأمنية. وقالت “معظم المسجونين في الأجنحة الأمنية هم فلسطينيون من الأراضي المحتلة، وهناك موجة غير مسبوقة من الاعتقالات للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بسبب تصريحاتهم ضد الحرب، خلقت وضعًا يتم فيه الاستماع إلى شهادات نادرة مثل هذه لأنها جاءت إلى محاكم غير عسكرية”.

وقال مصدر في إدارة السجون إنه في الأسابيع الأخيرة تم إيقاف ما لا يقل عن 10 حراس عن العمل بعد ظهور أدلة على اعتداءات على السجناء.

وتضاف هاتان الشهادتان إلى شهادات أخرى وصلت إلى “هآرتس” في الأسابيع الأخيرة بشأن ما يحدث في سجن مجدو. وتُظهر الأدلة أن الحراس عادة ما يضربون السجناء الجدد حتى ينزفوا وهم مقيدون بالسلاسل. وقال أحد السجناء لمحامي الدفاع عنه إن السجناء أُجبروا مرات عدة على الاستلقاء على الأرض، وفُرض عليهم قول “شعب إسرائيل حي”، وإلا لكانوا قد تعرضوا للضرب.

وقال أحد المعتقلين “عندما وصلنا إلى السجن، قسمونا إلى مجموعتين منتظرتين”. جاء نحو 40 حارسًا وضربونا ضربًا مبرحًا. وبعد ذلك تم تقييدنا إلى الخلف في الزنازين لمدة تسع ساعات، وفي المساء يأتون ويضربون جميع نزلاء الزنزانة. هناك أشخاص مصابون بكسور. ولمدة 35 يومًا لم أتمكن من أن أستلقي على ظهري”.

وقال السجين (أ. ب) من القدس “أنت تشعر بالإهانة. 3 مرات في اليوم، يتم إحصاء السجناء، وتجلس على ركبتيك ووجهك مقابل الحائط، ويضربك الحراس تحت اسم التفتيش. وبعد وفاة أحد السجناء توقف الضرب، لكن القائد قال إنه سيعيده”.

واتصل عدد من منظمات حقوق الإنسان بأمين المظالم لتقديم شكاوى خطيرة بشأن الانتهاكات والعنف في مرافق السجون. وقال مصدر في منظمة لـ”هآرتس” إنه في الأسابيع الأخيرة تم إيقاف ما لا يقل عن 10 حراس سجن بمبادرة منهم بعد أن تلقت لجنة السجون أدلة على اعتداءات على السجناء.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان