من الحجارة إلى “طوفان الأقصى”.. 36 عاما على الانتفاضة الفلسطينية الأولى
كان من أهم نتائج انتفاضة الحجارة عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وبروز حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي

“انتفاضة الحجارة” أو “الانتفاضة الأولى” أو “انتفاضة 1987” كلها مسميات رديفة لهبّة فلسطينية شاملة اندلعت قبل 36 عامًا وامتدت لـ7 سنوات، متخذة من الحجارة سلاحًا لمواجهة مركبات جيش الاحتلال وعتاده والمستوطنين.
ويحيي الفلسطينيون في الثامن من ديسمبر/كانون الأول من كل عام ذكرى اندلاع أوسع انتفاضة شعبية ضد الاحتلال عام 1987، وكان من أهم نتائجها عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وبروز حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي.
بدأ الفلسطينيون ثورتهم بالحجارة وانتقلوا إلى الكفاح المسلح، ثم أخذت القدرات العسكرية تتطور إلى الصواريخ وصولًا إلى معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. في المقابل، تراوحت ردود الاحتلال بين القتل والاعتقال والقمع وهدم البيوت، وصولًا إلى ما يحدث الآن في غزة.
" فليسقط غصن الزيتون ولتحيا البندقيّة "
-انتفاضة الحجارة
8-12-1987 https://t.co/MhS2kKU3TJ pic.twitter.com/YNcKmqh1mO— T A L A (@douneedmyname_) December 8, 2023
شرارة الثورة
اندلعت شرارة الانتفاضة في جباليا بقطاع غزة، عندما دهست شاحنة عسكرية إسرائيلية مركبة تقل عمالًا فلسطينيين عائدين إلى القطاع من أماكن عملهم في إسرائيل، فاستشهد 4 منهم وجرح 7 آخرون، وسرعان ما تفجر الغضب الشعبي وانطلقت المظاهرات العفوية التي تحولت إلى مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال فيما عرف بالانتفاضة الأولى، وانتقلت إلى الضفة الغربية متخذة من الحجارة سلاحًا.
وتشير معطيات فلسطينية رسمية إلى استشهاد 1550 خلال الانتفاضة، واعتقال 100-200 ألف فلسطيني خلالها، وجرح ما يزيد عن 70 ألفًا، كما كشفت مؤسسة التضامن الدولي أن 40 فلسطينيًا استشهدوا خلال الانتفاضة داخل السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية جراء التعذيب.
في حين أشارت منظمة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية إلى هدم وإغلاق 741 منزلًا فلسطينيًا كعقوبة ضد نشطاء الانتفاضة، وهدم 81 خلال عمليات “البحث عن مطلوبين” إضافة إلى نحو 1800 منزل هُدم بحجة البناء دون ترخيص، ولفتت “بتسيلم” إلى تعذيب عشرات آلاف الفلسطينيين خلال اعتقالهم، ومقتل 383 مستوطنًا وجنديًا إسرائيليًا.
في مثل هذا اليوم قبل 36 عاماً , قرر الشعب الفلسطيني أن ينطلق من أجل الحصول على حريته وكرامته وعزته , في مثل هذا اليوم كانت الإنتفاضة الأولى "إنتفاضة الحجارة" , شارك فيها كُل الأشبال والشبان والرجال والنساء للدفاع عن أرضنا , واليوم نحمد الله أن رزق شعبنا "القسام والسرايا والأقصى… pic.twitter.com/QBMEOFahjF
— غزة الآن – Gaza Now (@nowgnna) December 8, 2023
معارك مستمرة حتى “الطوفان”
لم تتوقف ثورة الفلسطينيين عند انتفاضة الحجارة، بل هبوا بعد ذلك نصرة للمسجد الأقصى عام 1996، وانتفضوا نصرة له أيضًا عام 2000، وبينما شهدت الضفة سلسلة هبّات شعبية، خاضت غزة حروبًا متتالية.
وفي حين ذهبت حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى المفاوضات مع إسرائيل وصولًا إلى اتفاقية “أوسلو” للسلام عام 1993 وإقامة السلطة الفلسطينية كسبيل لإقامة الدولة، واصلت حركتا “حماس” و”الجهاد” تمسكهما بالمقاومة وتطوير سلاحهما.
وبينما أجهزت إسرائيل على “أوسلو” بإعادة احتلال أراضي السلطة الفلسطينية في الانتفاضة الثانية، واصلت “حماس” و”الجهاد” تطوير سلاحهما بدءًا من البنادق ومرورًا بالعلميات التفجيرية وصولًا إلى الصواريخ.
“ملحمة تاريخية”
وتأتي الذكرى الـ36 للانتفاضة اليوم في ظل عدوان إسرائيلي مستمر منذ أكثر من شهرين على قطاع غزة “لم يفلح في تحقيق أي من أهدافه”، بحسب بيان أصدرته “حماس”، الجمعة.
واعتبرت “حماس”، انتفاضة الحجارة “محطّة مهمّة” في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني إذ استطاعت إعادة قضيته الوطنية إلى حضورها عربيًا وإسلاميًا ودوليًا.
وقالت حماس إن معركة طوفان الأقصى انطلقت “لتجدّد جذوة هذه الانتفاضة في الوقت الذي خطط فيه الأعداء لطمس معالم قضيتنا الوطنية وتغييب حقوقنا المشروعة والاستفراد بقدسنا وأقصانا”.
ودعت الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى الاستمرار في حراكهم التضامني مع قطاع غزة، والخروج في مسيرات ومظاهرات في الساحات كلها “رفضًا للعدوان وتأييدًا لعدالة القضية الفلسطينية وحق شعبنا في الحرية وتقرير المصير بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس”.