الأخبار|تركيا

جيولوجي تركي يكشف حقائق مخيفة عن زلزال كهرمان مرعش

تشققات عميقة على الطريق البري الواصل بين منطقتي أنطاكيا وجيلوة غوزو الواقع على خط صدع في ولاية هاطاي جنوبي تركيا (الأناضول)
16/2/2023-|آخر تحديث: 16/2/202312:40 PM (بتوقيت مكة المكرمة)

لا يزال الدمار الذي خلفه الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا مؤخرًا، يلقي بظلاله على دائرة الأحداث، ويطرح تساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى وقوعه، وتداعياته الجيولوجية على القشرة الأرضية.

في تقرير نشرته وكالة الأناضول، يجيب الدكتور أوقان تويسز مهندس الجيولوجيا التركي والعضو المتقاعد في الهيئة التدريسية بجامعة إسطنبول التقنية، عن 3 تساؤلات مهمة حول الزلزال الذي يوصف بأنه “كارثة القرن”.

مقارنة بالزلازل الأخرى، ما الخصائص التي يتسم بها زلزال كهرمان مرعش؟

في 6 فبراير/ شباط 2023 عند الساعة 04:17 بتوقيت تركيا، ثم في الساعة 13:24، وقع زلزالان بقوة 7.7 درجات و7.6 درجات في منطقتي بازارجق وألبستان بكهرمان مرعش.

وقع الزلزال الأول على عمق 8.6 كيلومترات، والثاني على عمق 7 كيلومترات، ولهذا يعد كلاهما “زلزالين ضحلين” لقربهما من سطح الأرض، ولهذا كانت الأضرار أكبر نسبيًّا.

زلزال بازارجق وقع على جزء من صدع “نارلي” في منطقة صدع شرق الأناضول، وأثّر بشكل كبير في الصدوع الأخرى في المنطقة، محفّزًا زلزال ألبستان على صدع “جارداق”، علمًا بأن المسافة بين بؤرتي الصدعين نحو 90 كيلومترًا.

تأثير (تحفيز) الزلازل الكبيرة وإحداثها زلازل صغيرة، هي ظاهرة جيولوجية تمت دراستها في صدع سان أندرياس بالولايات المتحدة، وصدع شمال الأناضول بتركيا، أما عكس ذلك فهو أقل شيوعًا، أي أن الزلازل الصغيرة نادرًا ما تؤدي إلى تحفيز زلازل كبيرة.

زلزال كولجك (شمال غرب تركيا) الذي وقع في 1999، أدى إلى تحفيز زلزال دوزجة (شمال غرب) بعد نحو 3 أشهر. كما تسبب الزلزال الذي ضرب أرزينجان بتركيا أواخر 1939 بقوة 7.9 درجات، في وقوع 4 زلازل في أعوام لاحقة.

غير أن الاختلاف الأكثر أهمية في زلزال كهرمان مرعش هو أن المدة بين الزلزالين الرئيسين لم تتعد 9 ساعات، كما أن الزلزل الأول وقع في منطقة الصدع الرئيس والثاني في منطقة الصدع المتفرع عنه خلافًا لما وقع في الزلازل السابقة إذ كان الضغط ينتقل عبر خطوط الصدع.

وزلزال كهرمان مرعش أصغر قليلًا من زلزال أرزينجان عام 1939، الذي كان أكبر زلزال في تاريخ تركيا، وبلغت قوته 7.9 أو 8 درجات. وتسبب في وقوع تصدّعات في سطح الأرض مسافة 370 كيلومترًا وانزلاقات أرضية تصل إلى 7.5 أمتار.

وأودى ذلك الزلزال بحياة نحو 33 ألفًا وأصاب أكثر من 100 ألف آخرين علمًا بأن عدد سكان تركيا آنذاك كان حوالي 17 مليون نسمة، لذلك يحتل زلزال أرزينجان المرتبة الثامنة بين أكبر زلازل العالم خلال القرن الـ20.

وفي زلزال كهرمان مرعش الذي يوصف بأنه “متعدد الطوابق” أي أنه ذو قوة تدميرية كبيرة بعكس أرزينجان، وقعت هزتان كبيرتان متتاليتان، مما أدى إلى تضرر المباني وأثر في منطقة جغرافية شاسعة شملت 10 ولايات يبلغ عدد سكانها نحو 13.5 مليون نسمة في وقت يبلغ فيه عدد سكان تركيا قرابة 86 مليون نسمة.

كما زادت الطبيعة الهشة لبنية التربة القدرة التدميرية للزلزال، ومع ذلك فلا يزال من المبكر إجراء مقارنة واضحة من حيث الخسائر في الأرواح وعدد الجرحى ومعدلات الأضرار، فالأضرار النهائية لا تزال غير معروفة.

ويعد تسارع الأرض الناتج عن الزلازل أهم عامل في قياس شدة الزلزال وتأثيره في البنى التحتية والفوقية. وبالنسبة لزلزال كهرمان مرعش، فقد بلغ تسارع الأرض أكثر من 0.7 غرام، والتسارع الطيفي أكثر من غرامَين (2 غ)، مما يعني أن القوة التدميرية للزلزال أشد بكثير مما كان متوقعًا.

وسنويًّا، يشهد العالم من 10 إلى 18 زلزالًا بقوة 7 إلى 8 درجات، وجرى تصنيف زلازل كهرمان مرعش ضمن قائمة عام 2023، وهو من أكبر الزلازل في القرن الـ21.

كيف كان تأثير الزلزال الثاني والهزات الارتدادية؟

تظهر كل من البيانات الأولية وتوزّع الهزات الارتدادية أن المساحة المتأثرة بالزلزال تبلغ 350 كيلومترًا على خط صدع شرق الأناضول و150 كيلومترًا على صدع جارداق.

وخلال الأيام الماضية، تم تحديد مناطق شهدت حدوث انزياحات في طبقات الأرض بحوالي 3 أمتار، وذلك باستخدام صور الأقمار الصناعية، إذ تم تحديد مقطع صدعي بطول 250 كيلومترًا على الفرع الرئيس لخط صدع الأناضول الشرقي الممتد من قرق خان (هاطاي) إلى أركنك (ملاطيا). وجرى الكشف عن حدوث تصدعات في أجزاء الصدع الرئيس.

ويتميز صدع شرق الأناضول بالتحرك إلى اليسار، وتوجد صدوع أخرى تنزلق نحو الجانب الأيمن، وقد أحدث زلزالَا كهرمان مرعش تصدعات سطحية يزيد عرض بعضها على 3 أمتار، ومن المتوقع أن تكون هناك صدوع أخرى يزيد عرضها على 6 أمتار.

وتُظهر دراسات أنه يمكن توقع حدوث زلازل جديدة بسبب انتقال الضغط إلى نهايات الصدوع التي تحطمت في الزلزالين، ويمكن أن تحدث في وقت قريب جدًّا أو بعد سنوات، ويجب استكمال جميع الدراسات الميدانية حول بيانات التصدعات.

كيف أثر زلزال كهرمان مرعش في الخريطة الزلزالية لتركيا؟

رغم أن الزلزال الثاني وقع على بعد حوالي 90 كيلومترًا شمال الزلزال الأول، فإنه تسبب في هزة قوية في المناطق الشمالية المتضررة من الزلزال الأول.

وهذا يدل على أن المناطق السكنية داخل المناطق المشمولة (مثل آديمان وكولباشي) تضررت بشدة جراء الزلزالين، كما يُلاحظ أن تأثير الثاني انخفض حتى أنطاكيا، وهي المدينة التي تعرضت لأكبر قدر من الأضرار.

المصدر : الأناضول