السودان.. مخاوف من تصعيد كبير وواشنطن مستعدة لاستئناف وساطتها عندما يكون طرفا النزاع “جدّيين”

أكدت الولايات المتحدة، أنها ما زالت مستعدة للوساطة بين طرفي النزاع في السودان بشرط أن يكونا “جديين” في مسألة الهدنة، وجاء ذلك بعد تعليق الجيش مشاركته في محادثات لإرساء هدنة إنسانية يعقبها حوار لحل الصراع.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان اليوم الخميس إنه “بمجرد أن تثبت القوات المتنازعة من خلال أفعالها أنها جدّية في الالتزام بوقف إطلاق النار، فستكون الولايات المتحدة والسعودية على استعداد لاستئناف المحادثات المعلقة للتوصل إلى حل لهذا الصراع”.
In moments of crisis, every second counts. @WFP is delivering emergency cash assistance to Sudanese refugees arriving in #Egypt – many of whom fled violence with nothing more than the clothes on their backs.
In just minutes, they can purchase food, shelter & other essentials: pic.twitter.com/ifqu5nQLaX
— Cindy McCain (@WFPChief) May 30, 2023
يأتي ذلك في وقت قال فيه مراقبون إن الوسطاء يسعون لتجنّب انهيار كامل للمحادثات، خشية تصعيد ميداني كبير، وسط ظروف إنسانية شديدة الصعوبة يعيشها السكان في الخرطوم وولايات أخرى بسبب استمرار الاشتباكات.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية خلال زيارة من وزير الخارجية أنتوني بلينكن لأوسلو إن الولايات المتحدة والسعودية “مستعدتان لاستئناف تسهيل المحادثات المعلقة لإيجاد حل تفاوضي لهذا الصراع عندما تظهر القوات بوضوح من خلال أفعالها أنها جديّة في التزام وقف إطلاق النار”.
ومساء أمس الأربعاء تجددت الاشتباكات في الخرطوم وولايات أخرى، في ظل هدنة اتفق عليها الطرفان في وقت سابق، وقصف الجيش قوات الدعم السريع بالمدفعية الثقيلة في الخرطوم.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن هناك “انتهاكات خطيرة لوقف إطلاق النار من كلا الجانبين”.
وأضاف أن “هذه الانتهاكات دفعتنا بوصفنا مسهّلا لهذه المحادثات، إلى التساؤل بجديّة عمّا إذا كانت الأطراف مستعدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها نيابة عن الشعب السوداني”.
حاجة ماسّة إلى الغذاء والماء والدواء
وأعربت الإدارة الأمريكية أمس الأربعاء، عن أسفها إزاء قرار الجيش السوداني الانسحاب من محادثات السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة والسعودية لحل الصراع في السودان.
وقال متحدث مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي في إفادة صحفية “من المؤسف للغاية أن الجيش السوداني اختار الانسحاب. نريد أن نرى توقف القتال”.
وأشار إلى أن هذا القرار يؤثر في ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى العاصمة الخرطوم وغيرها من المناطق، مشيرا إلى أن الناس هناك بحاجة ماسة إلى الغذاء والماء والدواء.
وقال “نريدهم أن يأخذوا فرصة السلام على محمل الجد، ونحن جادون في هذا الأمر، وبالفعل نساعد على إجراء هذه المحادثات وتسهيلها”.
Heroes. Sudanese obstetrician (and her daughters) deliver dozens of babies amid clashes https://t.co/LfKR3ENJLg via @AJEnglish
— Aly Verjee (@alyverjee) May 5, 2023
قتال عنيف وقتلى
وأعلنت نقابة أطباء السودان أمس الأربعاء، سقوط 17 قتيلا وإصابة 106 أشخاص جراء قصف عنيف بمنطقة (مايو) جنوب العاصمة الخرطوم.
وناشدت النقابة جميع الأطباء والكوادر الطبية الموجودة قرب المستشفى، تقديم يد العون قدر الاستطاعة لزملائهم المرابطين في مستشفى بشائر، بسبب نقص الكوادر الطبية.
وفي وقت سابق الأربعاء، تجددت الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عدة مناطق بالخرطوم، وقال مراسل الجزيرة مباشر إن العديد من أحياء جنوب الخرطوم يشهد قصفًا واشتباكات عنيفة بين الطرفين المتحاربين.
أوضاع إنسانية شديدة الصعوبة
يأتي ذلك في وقت تشتدّ فيه معاناة سكان العاصمة، مع استمرار القتال العنيف وانعدام الخدمات الأساسية بما فيها الماء والكهرباء ونقص الدواء وخروج مستشفيات من الخدمة.
وقال سكان لوكالة فرانس برس مساء أمس الأربعاء، إن “المدفعية الثقيلة من معسكرات للجيش في شمال أم درمان تنفذ قصفا في اتجاه الخرطوم بحري”.
وأكد آخرون تعرض “معسكر قوات الدعم السريع الكبير في الصالحة جنوب الخرطوم لقصف مدفعي عنيف”.
Conflict, climate extremes, and economic shocks continue to drive more and more communities into crisis.
Unless immediate action is taken, hunger is expected to soar in 18 hotspots around the world.
We need urgent action to save lives. https://t.co/olgeAGVqDo
— António Guterres (@antonioguterres) May 31, 2023
مخاوف من انهيار
وفي هذا السياق قال الباحث المتخصص في الشأن السوداني بجامعة غوتنبرغ السويدية (ألي فيرجي) لفرانس برس، إن الوسطاء يسعون لتجنّب انهيار كامل للمحادثات، خشية تصعيد ميداني كبير.
وأكد أن “الوسطاء يعرفون أن الوضع سيّئ لكنهم لا يريدون إعلان أن وقف إطلاق النار انتهى خشية تدهور الوضع أكثر”، وقال “الأمل هو أنه عبر إبقاء الطرفين على طاولة المحادثات، ستتحسن في نهاية المطاف آفاق وضع ترتيبات يمكن احترامها بشكل أفضل”.
من جانبه قال المتحدث باسم الاتحاد الأفريقي محمد الحسن لبات لوكالة فرانس برس الأربعاء إن انسحاب الجيش “لا ينبغي أن يحبط الولايات المتحدة والسعودية” واصفا خطوة الجيش بأنها “ظاهرة كلاسيكية في المفاوضات الصعبة”.
وفي نيويورك، جدّد الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش تأكيد دعمه لمبعوثه الخاص إلى السودان فولكر بيرتيس. وقال غوتيريش إنّ الأمر متروك لـ”مجلس الأمن ليقرّر ما إذا كان يدعم استمرار مهمة المساعدة لفترة أخرى أو أنّ الوقت حان لوضع حدّ لها”.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، قد اتّهم بيرتيس بالمساهمة بسلوكه “المنحاز” وأسلوبه “المضلل” في اندلاع النزاع الدامي في بلاده، مطالبًا الأمم المتّحدة باستبداله.