استمرار القتال في الخرطوم وسط أوضاع إنسانية صعبة وسكان يتخوفون من حصار كامل (فيديو)

هز دوي انفجارات وأصوات اشتباكات جدران المنازل في الخرطوم مع تواصل المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، حسب ما نقلت فرانس برس عن شهود أبدوا تخوفهم من وقوع سكان في العاصمة تحت “حصار كامل”.

واندلعت اشتباكات في منطقة جبرة ومحيط مقر سلاح المدرعات جنوبي العاصمة الخرطوم، مع إطلاق قوات الدعم السريع مضادات الطيران.

وذكر شهود عيان أن طائرات عسكرية حلقت في سماء الخرطوم بكثافة، مع سماع دوي مدافع وانفجارات قوية، وتصاعد ألسنة اللهب والدخان من مناطق متفرقة بالمدينة، وذكروا أن الجيش حاصر ولاية الخرطوم من جميع المحاور.

مصاب يعالَج في منزل وسط نقص الخدمات – الخرطوم 6 يونيو (AFP)

وللأسبوع الثامن على التوالي، تتواصل المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، مع تحذير منظمات الإغاثة من “أزمة إنسانية هائلة” في السودان.

وأفاد سكان في العاصمة بوقوع اشتباكات بكل أنواع الأسلحة في جنوب الخرطوم شملت منطقة الكلاكلة وشارع الهواء، متحدثين عن سماع “أصوات انفجارات اهتزت لها جدران المنازل”.

كما تحدث شهود عن اشتباكات في حيَّي العمارات والديم وسط العاصمة، وسماع قصف بالمدفعية الثقيلة من مراكز للجيش في أم درمان (شمال غرب).

مصاب جراء القتال بين العسكريين يعالَج في منزل – أم درمان 6 يونيو (AFP)

“توتي تحت الحصار”

وفي وسط العاصمة، دق مدنيون وناشطون ناقوس الخطر بشأن وضع جزيرة توتي الواقعة عند ملتقى النيلين الأبيض والأزرق والتي يُقدَّر عدد سكانها بنحو 30 ألف نسمة.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن شهود قولهم إن قوات الدعم منعت سكان الجزيرة من عبور الجسر الوحيد الذي يربطها بالمدينة، وحالت دون استخدامهم قوارب العبور إلى ضاحية منطقة الخرطوم بحري.

وقال محمد يوسف الذي يقطن في الجزيرة “هذا حصار كامل، إذا استمر لأيام ستنفد المواد الغذائية من المتاجر، وأصبح من غير الممكن نقل أي مريض إلى مستشفى خارج الجزيرة” التي يخدمها مركز صحي صغير.

وحذر (محامو الطوارئ) وهو جسم قانوني غير حكومي، من تفاقم الوضع الإنساني في الجزيرة، مشيرين الى أن التضييق عليها بدأ منذ أيام.

وأوضحت المجموعة التي شُكّلت خلال احتجاجات ديسمبر/كانون الأول عام 2018 ضد الرئيس السابق عمر البشير، أن قوات الدعم تمنع “خروج الحالات المرضية والحرجة والوصول إلى المستشفى” وتقوم “بإطلاق النار على كل من يقترب من النيل” في محاولة لمغادرة الجزيرة.

وحذرت في بيان من “تفاقم الوضع الإنساني في توتي حيث نفدت المواد الغذائية والأدوية من الصيدليات والدقيق من المطاحن، مما ينذر بكارثة إنسانية تتحمل عواقبها قوات الدعم السريع التي تحاصر المنطقة”.

ضحايا القتال في السودان

وأسفرت المعارك التي اندلعت في 15أبريل/نيسان عن مقتل أكثر من 1800 شخص، وفق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها، إلا أن الأرقام الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.

وعانى المقيمون في العاصمة الذين يُقدَّر عددهم بنحو 5 ملايين نسمة، كغيرهم من سكان البلاد، من تراجع حاد في مستوى الخدمات والمواد الغذائية منذ بدء النزاع، وتشير التقديرات الى أن مئات الآلاف منهم تركوا الخرطوم.

وتسببت الحرب في نزوح أكثر من مليون ونصف المليون شخص، بينهم 425 ألفًا لجؤوا إلى الدول المجاورة، في حين تؤكد الأمم المتحدة أن 25 مليون شخص -أي أكثر من نصف تعداد سكان السودان- باتوا الآن بحاجة إلى المساعدة والحماية.

“نقص كبير ومعاناة شديدة”

ولم يفِ طرفا القتال بتعهدات متكررة بوقف إطلاق النار يتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية.

وتُكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان الذي يعاني أزمات سياسية واقتصادية كبيرة حتى قبل اندلاع المعارك الأخيرة.

وطالت المعارك الأخيرة على وجه الخصوص الخرطوم وإقليم دارفور (غرب) الذي يعاني بدوره نزاعًا بدأ عام 2003. وفي نيالا مركز ولاية جنوب دارفور، أفاد أطباء بنقص في الأجهزة والأدوية الأساسية.

وقال الطبيب آدم محمد من مستشفى ميداني “ثمة نقص كبير ومعاناة شديدة” مع النقص الكبير في المسكنات والمعقمات والمضادات الحيوية.

من جانبه، أكد نائب المدير الإقليمي في أفريقيا للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بيير كريمر “نحن نواجه أزمة إنسانية هائلة تزداد سوءًا مع انهيار الاقتصاد، ونظام الرعاية الصحية”.

وحذر في تصريحات للصحفيين بجنيف من أن التحديات ستزيد مع “اقتراب موسم الفيضانات، وأزمة الجوع التي تلوح في الأفق، وتفشي الأمراض التي قد تصبح حتمية أكثر”.

ويبدأ موسم الأمطار بالسودان في يونيو/حزيران، وحذر عاملون في المجال الطبي والإغاثي من أنه قد يعزل أجزاء من البلاد ويزيد من خطر تفشي أوبئة وأمراض مثل الملاريا والكوليرا.

وكان مكتب بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) قد حذر، يوم الاثنين، من أن الوضع في العاصمة السودانية ومحيطها “لا يزال مبعث قلق كبير”.

كما أشار الى أن الأوضاع في إقليم دارفور غربي البلاد تستمر في التدهور، مؤكدًا أن مسؤولي حقوق الإنسان “يوثقون حاليًّا عشرات الحوادث بما في ذلك القتل والاعتقالات وحالات الاختفاء المحتملة والهجمات على المستشفيات والعنف الجنسي وغيرها من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، التي ارتكبها طرفا النزاع”.

وعلى الرغم من إبرام الطرفين أكثر من هدنة خلال الفترة الماضية، فإنهما دائمًا ما تبادلا الاتهامات بخرق كل منها، وشهد الأسبوع الماضي تعليق مباحثات استضافتها مدينة جدة بوساطة سعودية-أمريكية بعد انسحاب الجيش منها.

إلا أن السعودية والولايات المتحدة دعتا يوم الأحد إلى العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد، وأفاد مجلس السيادة السوداني أمس الثلاثاء بتلقي البرهان اتصالًا هاتفيًّا من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

وبينما أكد البرهان “الثقة في منبر جدة بما يقود إلى سلام مستدام”، شدد على ضرورة “التزام المتمردين بالخروج من المستشفيات والمراكز الخدمية ومنازل المواطنين وإجلاء الجرحى وفتح مسارات تقديم المساعدات الإنسانية حتى يحقق منبر جدة نجاحه”.

ويأتي ذلك بعد يومين من إعلان قوات الدعم تلقي محمد حمدان دقلو اتصالًا من وزير الخارجية السعودي، أكد فيه قائد الدعم السريع أيضًا “دعمه لمنبر جدة”.

المصدر : وكالات

إعلان