إحصائيات مستقلة: قتلى الحرب من المدنيين بالسودان أكثر من ضعفي الأرقام الرسمية

كشفت حصيلة لأعداد القتلى سجلها نشطاء وجماعات تطوع، أن عدد القتلى المدنيين في ولاية الخرطوم، قد يكون أكثر من ضعفي العدد الرسمي، مما يسلط الضوء على التأثير المدمر للحرب الدائرة هناك.
وقدّر تقرير لوزارة الصحة، تم توزيعه على وكالات الإغاثة، عدد القتلى في ولاية الخرطوم حتى الخامس من يوليو/ تموز الجاري بـ234 قتيلًا مدنيًّا، وذكر التقرير أن البيانات جُمعت فقط من المستشفيات المدنية.
لكن في أنحاء ولاية الخرطوم “العاصمة المثلثة” التي تضم العاصمة ومدينتي أم درمان وبحري، سجل النشطاء ومجموعات المتطوعين نحو 580 قتيلا على الأقل في صفوف المدنيين حتى 26 يوليو/ تموز جراء الغارات الجوية والقصف المدفعي وإطلاق النار.
ويشير التفاوت في الأرقام بولاية الخرطوم إلى أن العدد الرسمي للقتلى على مستوى البلاد، الذي تقدره وزارة الصحة بنحو 1136 حتى الخامس من يوليو/ تموز، قد يكون أيضا أقل من العدد الحقيقي.
وقال مسؤول بوزارة الصحة السودانية لرويترز إن الرقم الرسمي “قمة جبل الجليد”، وعزا ذلك إلى أن كثيرًا من المدنيين قُتلوا في أحيائهم أو في منازلهم، ولم يصلوا إلى المستشفيات، ومن ثم لم يسجّلوا في السجلات الرسمية.
“الموت بأسباب متعددة “
ويموت المدنيون في السودان جراء الحرب، بنتيجة غير مباشرة للصراع، الذي ألحق الضرر بنظام الرعاية الصحية، الذي كان يرزح بالفعل تحت الضغط، وبمرافق البنية التحتية الأخرى.
وأفادت رويترز في مايو/ أيار أن عشرات من الرضع والأطفال الصغار لقوا حتفهم في دار للأيتام بالخرطوم بعدما حال القتال دون قدوم العاملين فيها، وتسبب في حالات انقطاع للتيار الكهربائي.
ويقول النشطاء والمجموعات التطوعية إن المدنيين يموتون كل يوم تقريبا في أنحاء العاصمة جراء الصراع في ظل استمرار الضربات الجوية والقصف المدفعي من دون هوادة.
وفي أوائل مايو، هزّ انفجار قوي حي شمبات الواقع شمالي العاصمة السودانية الخرطوم، وهرع السكان لإخماد النيران التي التهمت مسكنا عشوائيا قالوا إنه اشتعل جراء غارة جوية.
ولكن فات الأوان، فقد وجدوا وسط الحطام المحترق جثثا متفحمة لامرأة حامل ورجل و5 أطفال، حسبما قال 5 شهود، وقال اثنان منهم إنه بعد الهجوم الذي وقع في السابع من مايو، دُفنت المرأة والأطفال في الموقع والرجل في مقبرة قريبة.
ونقلت رويترز عن عشرات من السكان قولهم، إن الحياة أصبحت جحيما بالنسبة لمن بقوا في مناطق مثل منطقة شمبات في مدينة الخرطوم بحري، التي تندلع فيها الاشتباكات كثيرا بين الطرفين المتحاربين.
وتركزت أعنف المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولاية الخرطوم المكتظة بالسكان، التي تحولت إلى منطقة حرب.
ويقول سكان محليون إن قوات الدعم السريع انتشرت في مناطق سكنية وهي مسلحة بالبنادق والمدفعية المثبتة على عربات، وتمركز جنودها في مبان مثل المنازل والمدارس، أما الجيش الذي يسيطر على الأجواء ويملك مدفعية أثقل، فيقصف أهدافا بولاية الخرطوم من بعيد.
في مرمى النيران
وتقول لجان النشطاء المحلية ومجموعات غرف الطوارئ إن الهجمات المميتة في المناطق السكنية أصبحت أمرا مألوفا منذ اندلاع القتال.
وتفيد بيانات على وسائل التواصل الاجتماعي صادرة عن غرفة طوارئ جنوب الحزام -وهي مجموعة متطوعة- بأن أكثر من 50 شخصا قتلوا في 3 هجمات فحسب بجنوب الخرطوم المكتظ بالسكان في أواخر مايو وفي يونيو/ حزيران.
ويقول السكان إن الغارات الجوية والقصف المستمر أصاب أطفالهم بصدمات نفسية وألحق أضرارا بمنازلهم، في وقت لا يتوقعون فيه انتهاء القتال قريبا، ويقولون إن المعركة بين الجيش وقوات الدعم السريع وصلت إلى طريق مسدود على ما يبدو.
وأخفقت محاولات للوساطة من قوى إقليمية ودولية في إيجاد مخرج من الصراع الذي يزداد تعقيدا، وكان آخر إخفاق لتلك المحاولات، عودة وفد تفاوض الجيش السوداني إلى البلاد “للتشاور”.
وقال أب لطفلين يبلغ عمره 40 عاما من منطقة شمبات بمدينة الخرطوم بحري “لا يمكنك الفوز بمعركة بهذه الطريقة إلا إذا كنت تريد تدمير المنطقة بأكملها”.

تبادل الاتهامات
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش بإيذاء المدنيين باستخدامه الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة لقصف ولاية الخرطوم، وبدوره يتهم الجيش تلك القوات شبه العسكرية بقتل مدنيين بإطلاق الصواريخ على مناطق سكنية ثم إلقاء اللوم عليه في تلك الهجمات، وأيضا بقتل أشخاص خلال نهبها المنازل والمتاجر.
كما أدت الحرب المستمرة بين الطرفين المتنازعين، إلى إصابة أكثر من 12 ألف شخص بإصابات بعضها بليغة، وتشريد ما يربو على 3.5 ملايين، وفقا للأمم المتحدة، فيما تصفه المنظمة بأنه إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.