تعود لعهد الفنيقيين.. حرفي لبناني آخر صانع للبّادة من صوف الأغنام وصابون الزيتون (فيديو)

ينكب حرفي لبناني في ورشة منزلية بقرية حراجل في كسروان، على صنع القبعات الصوفية التي يعود عمرها إلى عهد الفينيقيين، ويقول إنه صانع “اللبادة” -وهو اسم القبعة المحلي- الأخير في لبنان بعد إهمال الحرفة.
يقول يوسف عفيفي لكاميرا الجزيرة مباشر التي زارت ورشته في جبال لبنان، إن القبعة اشتهرت في منطقتهم حيث تتساقط الثلوج بكثافة، حتى أصبحت من تراثها ثم انتشرت في لبنان.
يقف الحرفيّ الستيني أمام مدخل منزله مستقبلا زبائنه من الأجانب واللبنانيين، مرتديًا “الشروال” -السروال التقليدي الأسود- واضعا على رأسه لبّادة ذات لون بنيّ فاتح يثبّتها على جبينه بلفّة قماشية بيضاء، فيبدو وكأنه أحد شخوص كتاب تاريخ.
تُصنع اللبادة يدويا من صوف الأغنام تقي من البرد والأمطار، يُحيط بعفيفي عدد من الأطفال، تغوص أياديهم الصغيرة بين الصوف والصابون، في محاولة لتوريث حرفة أوشكت على الاندثار.
ويقول “المعلّم يوسف” للجزيرة مباشر، إنه يشتري الصوف من الرعاة (دولاران للكيلوغرام)، يغسله وينشره تحت أشعة الشمس لأسبوع كامل، يمرّر الصانع الصوف في آلة الندف حتى يصبح منفوشا.
تأتي بعد هذه المراحل المرحلة الأخيرة والأهم، يضع الحرفي الصوف على الطاولة وإلى جانبه وعاء فيه ماء معتدل الحرارة وصابون من زيت الزيتون، يدوّر المعلّم يوسف الصابونة مرات عدة بين يديه بعد أن غمرهما بالماء، ليبدأ باستخراج الرغوة، فتتكاثر فوق الصوف وتجعله كتلة واحدة يسهل تشكيلها.
وتحتاج كل لبادة إلى نحو 400 غرام من صوف الأغنام المنفوش، وتستغرق صناعتها ساعة ونصف، ويقول عفيفي “بقدر ما أخصص لها وقتاً، تكون أجمل”.
ويراوح لون اللبّادات بين الأبيض المكسور والرمادي وتموّجات الأسود وتدرجات البنيّ، ولا يكتفي المعلم يوسف بالقبعات فقط بل يصنع جوارب ومحفظات من الصوف، في محاولة منه لتطوير الحرفة.
ويقول للجزيرة مباشر، إن “كثرة استعمال الصابون والماء تُسبّب جفاف اليدين واحمرارهما وتشققاتٍ بارزة في راحتيهما وأصابعهما”، لكن الحرفيّ الشغوف لا يستخدم قفازات خلال عمله، بل يجد متعةً في أن تلامس يداه الصوف والصابون.
يعتبر المعلم يوسف أن الدولة تُهمل هذه الصنعة، قائلا إنها لا تُدرج في معارض الصناعة التقليدية، ولا تسهم في الترويج لها ومحاولة الحفاظ عليها، فيما يقبل السياح على ما يعرضه الحرفي في منزله من مصنوعات.