موظفون ومهندسون في مهن بديلة.. الحرب في السودان تؤثر على حياة الناس (فيديو)

غيّرت الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع مسار حياة العديد من السودانيين، ومن أجل تأمين قوتهم اليومي، لجأ كثير منهم إلى أنشطة تجارية بديلة.

وفي منتصف إبريل/نيسان الماضي اندلع قتال بصورة غير متوقعة -بعد خلافات مكتومة- بين العسكريين في السودان، في العاصمة الخرطوم وبعض الأقاليم، حيث فرّ الآلاف من منازلهم وسط الاشتباكات.

الأمطار والسيول تفاقم معاناة السودانيين- شمال أم درمان 6 أغسطس (الفرنسية)

“المعاناة تخلق مبدعًا”

وفي مدينة ود مدني بولاية الجزيرة التي تعدّ بين أكبر مراكز استقبال الفارّين من العاصمة -وتبعد عنها جنوبا بنحو 200 كلم- يقول أستاذ الهندسة الجامعي علي سيف “المعاناة تخلق منك مبدعًا.. لقد لاحظت عدم توفّر الصابون في السوق واحتياج الجميع له، فقرّرت صنعه”.

وسيف هو واحد من 3 ملايين نازح من الخرطوم بسبب الحرب التي اندلعت بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وفرّ إثرها كثيرون إلى ولايات أخرى بعيدا عن القتال.

وبين الأواني التي يُخلط فيها سائل الصابون قبل أن يتمّ إفراغه في قوالب مكعبة الشكل من أجل المنتج النهائي، يجلس سيف في غرفته بمخيم مؤقت للنازحين، ويقول “لم أتقاضَ راتبا منذ مارس/آذار” مشيرا إلى تعطّل معظم المصارف والشركات بسبب الحرب.

وفي كشك صغير لبيع الطعام في ود مدني، يحضّر محمد علي القادم من الخرطوم والذي كان موظفا في مؤسسة عامة، الطعام لتقديمه للزبائن، وقال “اضُطررنا لإيجاد بدائل.. لذلك قررت مع بعض الأصدقاء فتح كشك صغير يقدم أصناف طعام من العاصمة غير منتشرة في مدني”.

ويقدّم محمد علي في محلّه الصغير الفلافل ووجبة “البوش” التي يتناولها سكان العاصمة بشكل شائع وعلى مدار اليوم وهي عبارة عن خبز مقطع في صحن كبير مضاف إليه الفول المدمس وبيض وجبن وبهارات.

“فقدت الأمل في الحياة”

وداخل كشك صغير آخر في سوق مدينة (الحصاحيصا) بولاية الجزيرة، تجلس السودانية (ميشيل إيليا) التي كانت تعمل معلمة بمدرسة في أمّ درمان، ضاحية غرب الخرطوم الكبرى، تصنع وتبيع رقائق الخبز.

قالت إيليا من وراء نظاراتها الطبية “بعدما كنت أطمح إلى أن أكون أستاذة كبيرة ينتهي بي الحال هنا.. لأول مرة أعمل في السوق”.

وأضافت بأسى “لقد فقدت الأمل في الحياة.. ولكن أنا مجبرة على ذلك حتى أتكفّل بأسرتي.. لا أشعر بالخجل أو الحزن مما أقوم به، ولكنها ظروف الحرب”.

وعلى مسافة من كشك إيليا الصغير، تقف (إشراقة موسى) التي غادرت منزلها في العاصمة أيضا جراء الحرب، وراء عربة صغيرة اشترتها لتبيع عليها المشروبات الساخنة لتدبير دخل يومها.

وقالت إشراقة “أتيت إلى هنا واشتريت هذه العربة لصنع الشاي حتى أتمكن من تحمل تكاليف المعيشة.. كبدتنا الحرب أضرارا كثيرة وتركنا منازلنا وكل ما نملك”.

وقبل الحرب، لم تمارس إشراقة هذا العمل بتاتا في مجتمعها المحافظ، وقالت بحسرة “الآن.. إذا تمكنت من إفطار أطفالي، قد لا أتمكن من تدبير وجبة الغداء”.

ويعدّ السودان من بين أكثر دول العالم في معدل الفقر -رغم موارده الكثيرة- ويعاني من أزمات سياسية واقتصادية مستفحلة حتى قبل اندلاع النزاع الحالي.

ويشهد الوضع الصحي في البلاد مزيداً من التدهور يوماً بعد يوم، وإضافة إلى الحرب، يتعيّن على الـ48 مليون سوداني التعامل مع أزمة الغذاء والفيضانات وما تجلبه معها من أوبئة من الملاريا إلى الكوليرا.

وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ “أكثر من 40% من السكان يعانون من الجوع، أي ضعف عدد العام الماضي، إضافة إلى نقص الأدوية والتجهيزات الصحية والكهرباء والماء.

المصدر : الفرنسية

إعلان