نيويورك تايمز: المدارس الحكومية في مصر خالية والآباء يدفعون الثمن

سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على أوضاع التعليم في مصر، قائلة إنه أصبح عملًا تجاريًّا رائجًا، يدر على معلمي الدروس الخصوصية عائدات تمكنهم من ركوب سيارات (بورش).
وقالت الصحيفة إن المدارس الحكومية باتت خالية من الطلاب خاصة في المراحل الثانوية، وأصبحت مراكز الدروس الخصوصية ملجأ لهم من خلال ملء الفراغ الذي خلفته المدارس العامة، التي كانت ذات يوم حجر الأساس لتقدم الطبقة الوسطى، على حد وصف الصحيفة.
ونقلت (فيفيان يي)، مديرة مكتب الصحيفة في مصر وكاتبة التقرير، عن محللين قولهم إن سوء إدارة الحكومة للاقتصاد أدى إلى تضاؤل الطبقة الوسطى التي كانت قوية في السابق، وهو ما أدى إلى جر الأسر نحو الفقر من خلال الأزمات الاقتصادية المتكررة وخفض الدعم.
وأضاف التقرير أن الحكومة المصرية تنفق أقل من الحد الدستوري المقرر للتعليم بنحو 4% من الناتج المحلي على الرغم من التدني البالغ للطلاب في التصنيف العالمي.
تخطي التدهور بالدروس الخصوصية
وذكر التقرير أن كثيرًا من الأسر المصرية من الطبقات المتوسطة تعتقد أن الدروس الخصوصية هي الطريق الوحيد لتأمين مستقبل أفضل لأولادهم وتجاوز التدهور في التعليم، حتى لو كان ذلك يتطلب التضحية باللحوم والفواكه والخضروات، وسط تضخم بنسبة 35%.
ونقلت الصحيفة تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن “مصر ليس لديها القدرة المالية” لتقديم تعليم أفضل للطلاب.
الآباء يدفعون الثمن
ونقل التقرير عن الكاتبة المتخصصة في شؤون التعليم هانية صبحي قولها إن المصريين ينفقون أكثر مما تنفقه الحكومة بمرة ونصف على التعليم قبل الجامعي، وهو مبلغ أعلى بكثير من البلدان الأخرى.
وذكر التقرير أن قلة الإنفاق على التعليم في مصر أدت إلى حلقة مفرغة، إذ إن الدروس الخصوصية تؤدي إلى تفكيك التعليم العام وسحب الطلاب من الصفوف العليا، ومكافأة المعلمين على ادخار طاقتهم للدروس الخصوصية بدلاً من بذلها في الفصول بالمدارس العامة.
وأضاف التقرير أن الآباء يدفعون ثمن ذلك وليست الحكومة. ونقل التقرير عن طالبة قولها إن وجبة الطعام في المنزل تتوقف على إذا ما كان لديها درس واحد فقط أم درسان في اليوم الذي يسبقها.
عضوية النوادي بدلًا من التقديرات
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم الوقت والمال والجهد المبذول على العملية التعليمية في مصر، فإنها لا تتمخض عن شيء ذي جدوى بالنسبة للغالبية العظمى من المصريين، إذ إن عددًا قليلًا من خريجي الجامعات يعملون في المجال الذي درسوا فيه، وينتهي المطاف بكثير منهم بدون وظائف على الإطلاق.
ونقل التقرير عن الدكتور راجي أسعد، الأستاذ في جامعة مينسوتا الأمريكية، قوله إن كثيرًا من أرباب العمل في مصر يوظفون المتقدمين وفقًا لعلاقاتهم والطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها، إذ يُسأل المتقدمون للعمل عن عضوية عائلاتهم في النوادي بدلًا من تقديراتهم العلمية، كوسيلة لاستبعاد الطبقات الأقل.
وذكر التقرير أن كثيرًا من خريجي الجامعات الذين لا يمتلكون هذه المؤهلات الإضافية يلجؤون إلى العمل سائقين في أوبر أو عمال بناء ونظافة لكسب قوتهم.
أرباح بالملايين
وأشار التقرير إلى أن صناعة الدروس الخصوصية في مصر متأصلة، لدرجة أن طلاب المدارس الخاصة باهظة التكلفة يتدفقون أيضًا على مراكز الدروس الخصوصية.
وقال التقرير إن المدرسين ينالون شهرتهم وفقًا لتوقعاتهم لأسئلة الامتحانات سواء من خلال خبرتهم أو الحصول عليها بالرشوة.
وأشار التقرير إلى أن المدرس المتميز لديه في الحصة الواحدة 400 طالب أو أكثر، ويجني معظم المدرسين المشهورين ما يكفيهم لشراء سيارات بورش الفارهة.
وبحسب التقرير، يلجأ أشهر المدرسين إلى توصيل المعلومات لطلابهم من خلال النكات أو الأغاني اللاذعة التي يألفونها بأنفسهم، بينما يبني آخرون سمعتهم اعتمادًا على ملازمهم وملخصاتهم التي يكتبون عليها أسماءهم ويضعون داخل كل ورقة علامة مائية أو رمز تصعب من عملية نسخها، بينما يتبارى معجبوهم بالدخول في جدال على صفحات فيسبوك بشأن أفضل المدرسين.
وقال التقرير إن مراكز الدروس الخصوصية تتبارى في جذب أشهر المدرسين، حتى إن أطباء اشتهروا بأنهم تركوا مهنة الطب وتوجهوا لإعطاء دروس خصوصية لجني مزيد من الأرباح، إذ إن المعيار الأساسي هو عدد الطلاب الذين يمكن لمدرس الدروس الخصوصية جذبهم.