“جربت الحياة خارج بيتي وكانت عدم”.. غزيون في جباليا يفضلون منازلهم المدمرة على النزوح (فيديو)

على أنقاض ما تبقى من منزلها المدمر في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، عادت عائلة الضابوس لتعيش فيه، رغم صعوبة الحياة فيه أو شبه استحالتها.
فضّلت العائلة العودة إلى البيت المدمر جزئيًّا، والمشوه بفعل آثار القصف الإسرائيلي، بدلًا من النزوح إلى مراكز الإيواء، وذلك لاعتبارات شخصية، ولما يحتويه منزلهم من ذكريات تحتضن ماضيهم وهويتهم.
“حتى لو البيت مقصوف وبنعيش البرد والجوع والعطش فيه، مش راح أطلع من بيتي حتى لو بنموت فيه”.. بهذه العبارة يختصر كمال الضابوس كل ما يكنه لمنزله من انتماء مهما واجه فيه من تحديات ليس سهلًا الاعتياد عليها.
وأضاف كمال للجزيرة مباشر أنه ومن تبقى من عائلته حاولوا العيش في أكثر من مركز إيواء، لكن الأمر كان فوق احتمالهم “جربت الحياة خارج بيتي، والحياة كانت عدم”.
وروى الضابوس كيف نجا من تحت أنقاض منزله، في حين استشهدت ابنته ياسمين فعاد ليخرجها من تحت ركامه “طلعوني من تحت الأنقاض وما قدرت أنقذ بنتي، ورغم إصابتي البليغة، جيت تاني يوم أدور على بنتي ودفنتها”.
بين أروقة ما تبقى من المنزل، أوضح كمال كيف يفتقد الآن نعمة الأمان المتمثلة في العائلة والبيت والجدران والباب المغلق “كنا ننام في بيتنا، بابنا مسكر علينا، دفيانين وكل العيلة مجتمعة، الحمد لله رب العالمين”.
واستكمل كمال في حزن شديد “كنا عايشين في بيوتنا حياة كريمة نوعًا ما، لكن الاحتلال دمر كل شيء، الحياة والبيت والمربع السكني وكل شيء”.

عاد كمال طفلًا صغيرًا بمخيلته، واستذكر طفولته التي قضاها مع إخوته الذين تسبب الاحتلال في تشريدهم “هذا البيت كان جامعنا كلنا، أبوي وإخوتي وجدي، إن شاء الله ربنا يجمعنا على خير”.
أما العم إبراهيم الضابوس فحكى للجزيرة مباشر أنه فضّل العودة إلى المنزل الذي استشهد فيه غالبية عائلته، مشيرًا إلى أن العيش في المنزل المهدم لا يزال أفضل بالنسبة له من النزوح، والتنقل تحت زخات القذائف، وأضاف أن العيش بين جدران منزله الآيل للسقوط أهون مما قد يواجهه في مراكز اللجوء.
معبّرًا عن غضبه، وبكلمات مقتضبة، روى الشاب محمد الضاروس ممسكًا بفأس وقطعة خشب “إحنا بنكسر في الأحلام اللي بنيناها من زمان في هذا البيت، وأدينا بنمشي حالنا”.
أما الطفلة سما فتشكو الاحتلال الإسرائيلي، وتتهمه بسرقة ذكرياتها “كل ذكرياتي بهذا البيت وتختي وخزانتي وألعابي راحوا، إسرائيل ما خلت لنا ولا ذكرى ولا حجر في هذا البيت”.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه على قطاع غزة لليوم الـ107 على التوالي، مما أدى إلى استشهاد 24927 فلسطينيًّا، وإصابة 62388، أغلبهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى آلاف المفقودين، في حصيلة غير نهائية، حسب المصادر الفلسطينية الرسمية.