“نتنياهو كان يدرك الخطر”.. تحقيق لصحيفة هآرتس يكشف عن ثغرة أمنية أدت لما حدث في 7 أكتوبر

قالت صحيفة “هآرتس” العبرية في تقرير استقصائي إن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) خلص إلى أن المناورات التي أجرتها كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قبل حرب “العصف المأكول” عام 2014، كانت تهدف إلى تنفيذ مخطط شبيه بعملية “طوفان الأقصى”.
وأضافت الصحيفة تحت عنوان “ضربة هائلة وتحطيم فظيع للمعنويات” بأن هذه التقديرات كانت قد بدأت الظهور منذ عام 2014، حسبما صرح به مصدر أمني رفيع سابق، إلا أن “الثقة العالية بالنفس لدى المؤسستين الأمنية والعسكرية، وسوء تعامل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمحيطين به مع المعلومات الاستخبارية، والانشغال بالأزمة الداخلية الإسرائيلية، أدت جميعها إلى إغفال متابعة ما يحدث على الجانب الآخر من الجدار”، على حد قول الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن القسم السري من التحقيق الذي أجراه مراقب الدولة الإسرائيلي في أعقاب حرب 2014 كان يتضمن وصفًا مفصلًا لمخطط مشابه، تقوم فيه عدة مئات من مقاتلي القسام باقتحام الأراضي الفلسطينية عبر أنفاق.
وقال التحقيق إن نتنياهو كان “يدرك الخطر جيدا”، وإن الخطة اقتضت اقتحام “الكيبوتسات” وخطف الجنود والمدنيين الإسرائيليين لكي تستخدمهم حماس في صفقة تبادل.
وأورد التقرير عدة اقتباسات من نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين، قبل وخلال وبعد حرب 2014، تتحدث عن هذا السيناريو، ساردًا تفاصيل عن سوء تقدير المستوى السياسي والأمني للحملة.
وادعى التقرير أن جهاز الشاباك طرح احتمال تنفيذ هجوم مماثل في شهر إبريل/نيسان 2014 بالاقتباس من معلومات وصفها مصدر تحدث ل”هآرتس” بأنها “معلومات استخبارية فائقة الجودة، تم التأكد منها عبر عدة مصادر، تكنولوجية وبشرية”.
واقتبس التحقيق الاستقصائي خطابا لنتنياهو عشية معركة “العصف المأكول” عام 2014 قال فيه إن السيناريو الذي تخطط له حماس، سيكون مختلفا، لأن الهجوم “سيغير التوازن القائم”، ويتسبب في “تحطيم هائل للمعنويات” ويمثّل “ضربة رهيبة” لإسرائيل، بعد انتشار مقاطع فيديو لقوات النخبة في مناورات تدريبية على اقتحام نماذج تشبه الكيبوتسات الإسرائيلية.
ב-2014 הזהיר נתניהו מפני התוכנית שחמאס מימש ב-2023: "זו מכה איומה, דמורליזציה ענקית" https://t.co/8AJpxU4HdH
— Haaretz הארץ (@Haaretz) January 25, 2024
وأشارت التقديرات إلى أن عمق الاقتحام الذي كان متوقعا قد بلغ مدينة بئر السبع، أي حتى 45 كيلومترا من حدود القطاع، وأورد التحقيق مداولات جرت في قيادة الأركان الإسرائيلية بشأن هذه التقديرات قائلا “كان الافتراض السائد في الجيش مفاده أن الفئران تتدرب لكي تسقط الفيل”، لكن قائد الجبهة الجنوبية، الكولونيل سامي ترجمان، قال لزملائه في هيئة الأركان “لا أريد أن يأتي اليوم الذي أتصل بكم فيه صبيحة أحد أيام السبت لأعلمكم أنه قد تم احتلال خمسة كيبوتسات، وأن هناك 80 إرهابيا في كل كيبوتس، أنا حتى لا أريد أن أتصل بكم لأقول لكم إننا قد سيطرنا على الكيبوتسات بعد انتهاء هذه الهجمات”.
تحقيق “هآرتس” يفيد بأن “الكابينت” لم يعرف هذه المعلومات إلا بعد نشوب حرب 2014 بعدة أيام، وأنّ الافتراض الذي ساد بعد الحرب هو أنه قد تم القضاء على البنية التحتية التي كان من المفترض استخدامها لتنفيذ الهجوم، لكن ما حصل، بحسب “هآرتس” هو أن الجيش قام “بسد أنفاق مقاتلي حماس، لذا قرروا اقتحام الجدار نفسه” عام 2023.
ويضيف التقرير أن أرملة اللفتنانت كولونيل دوليف كيدار، الذي قتل في حرب 2014، قالت خلال مؤتمر استعراض نتائج التحقيق لنتنياهو الذي كان حاضرا “أعرف أنه من المفترض لوم حماس على مقتل زوجي، فهي من أطلقت عليه النار، لكن حماس ليست مسؤولة عني، أنت المسؤول عني”.
وأشارت أرملة كيدار إلى عدم اهتمام أحد بكيفية إصلاح العيوب التي كشفها التقرير، واعتبرت أن الأمر برمته مسرحية أمام عدسات الكاميرا قائلة “هذا التقرير يهدف إلى إناطة أمر واحد بجميع الجهات، هو مهمة حماية نتنياهو وتلبية أوامره، نحن جميعا هنا في مسرحية كبيرة، وبدلا من القيام بإدارة الدولة أو الاهتمام بنا، فإننا نحن من دفعنا الثمن، ولسنا الوحيدين، هناك الكثيرات ممن هنّ مثلي، وسيكون هناك أكثر من أمثالنا في المستقبل”.
وخلص تقرير “هآرتس” إلى القول إن حالة الغيبوبة التي أصابت المنظومة الاستخبارية الإسرائيلية، والاندفاع “الأحمق” الذي قامت به “حكومة الفضائح” التي لا تلوي على شيء، في سعيها لتغيير نظام الحكم عام 2023، والافتراض بأنه قد تحقق ردع حماس، قد أدى إلى وقوع كارثة “كنا نعلم مسبقا باحتمال وقوعها”.