زيادة الوقود تضرب من جديد.. ملايين المصريين تحت ضغط زيادة الأسعار

الزيادة الثالثة في أسعار الوقود في مصر خلال عام واحد
الزيادة الثالثة في أسعار الوقود في مصر خلال عام واحد (غيتي)

فوجئ سعيد، وهو في منتصف الأربعينيات، مثله مثل ملايين المصريين، بزيادة أسعار السولار خلال وجوده داخل إحدى محطات الوقود صباح يوم الجمعة.

يعمل سعيد على شاحنة صغيرة، يطلق عليها المصريون “ربع نقل”، في أحد مراكز محافظة الجيزة منذ سنوات، ويعتمد عليها لنقل البضائع بين مدن المحافظة، ويعول أسرة مكونة من 6 أفراد.

ووصف سعيد للجزيرة مباشر تأثير الزيادة الجديدة في حياته بقوله “كل مرة يرتفع فيها سعر السولار، أنقل البضائع بنفس الجهد، ولكن العائد يتضاءل”.

وكانت وزارة البترول المصرية أعلنت الجمعة الماضي رفع أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام، وهو العام الذي اتفقت فيه القاهرة مع صندوق النقد الدولي على برنامج لقرض موسع بقيمة 8 مليارات دولار، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية تتضمن رفع الدعم عن الوقود والكهرباء.

وارتفعت أسعار البنزين بما يتراوح بين 11% و13%، ليصل سعر بنزين 80 إلى 13.75 جنيهًا وبنزين 92 إلى 15.25 جنيهًا وبنزين 95 إلى 17 جنيهًا للتر.

وشهد سعر السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخدامًا في البلاد، أكبر زيادة ليصل إلى 13.50 جنيهًا للتر من 11.50 جنيهًا، وارتفع سعر السولار الذي يزيد الاعتماد عليه في تشغيل سيارات النقل ومركبات النقل الجماعي من 8.25 جنيهات في بداية العام إلى 13.5 جنيهًا حاليًا، أي بزيادة 63.6%، وهو ما يؤثر عادة في أسعار السلع وتكاليف المواصلات العامة.

والسولار أيضًا من مستلزمات إنتاج الخبز المدعوم الذي رفعت البلاد سعره 300% في يونيو/حزيران الأول مرة منذ عقود، ورغم ذلك، لا يزال يحظى بدعم كبير رغم زيادة سعره.

ارتفاع مستمر في تكلفة النقل في مصر
ارتفاع مستمر في تكلفة النقل في مصر (الجزيرة مباشر)

ارتفاع أسعار الغذاء والمواصلات

من جانبه أعرب أبو ماجد، وهو صاحب محل بيع مواد غذائية عن استيائه الشديد، من الزيادة الأخيرة، التي وصفها بالكبيرة.

وقال للجزيرة مباشر إن “مندوبي الشركات أبلغونا بوجود قائمة أسعار جديدة للكثير من المنتجات الغذائية، ولا يريدون تحمل المزيد من الأعباء، ونستمر في العمل بصعوبة”.

وفي اليوم ذاته، زادت أسعار تعريفة ركوب المواصلات على مستوى الجمهورية ما بين 10% و15%، وسط توقعات بزيادة أسعار تذاكر القطارات و”المترو”.

وفي أول تعليق له على الزيادة المفاجئة في أسعار الوقود، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي “مضطرون لتحريك أسعار الوقود تدريجيا حتى نهاية 2025 لضمان عدم انقطاع الكهرباء”.

أعباء جديدة

زيادة سعر السولار أضافت أعباء كبيرة على الحاج أبو الخير، وهو في أواخر الخمسينيات، ويملك مخبزًا سياحيًا.

وعن معاناته من ارتفاع أسعار الوقود قال للجزيرة مباشر “نشعر بالتعب والجهد من استمرار الزيادة كل 3 شهور، ولا نعلم متى ينتهي هذا الكابوس؟ في كل مرة تتآكل أرباحنا وتزيد مصروفاتنا ونضطر في نهاية المطاف لزيادة سعر رغيف الخبز”.

الزيادة في أسعار الوقود انعكست بدورها على أولياء أمور الطلاب، وعلى سبيل المثال قال عبد السلام، الذي يعمل محاسبًا ولديه 3 أطفال في مراحل دراسية مختلفة، في امتعاض للجزيرة مباشر “تلقيت مكالمة من مشرفي الحافلات المدرسية بزيادة الأسعار مع بداية العام الدراسي”.

زيادات تفوق التوقعات

وصف أستاذ هندسة البترول والطاقة رمضان أبو العلا الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود بأنها “فاقت كل التوقعات وتجاوزت الحد المسموح للجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية وتجاوزت نسبة التغيير ارتفاعًا أو انخفاضًا عن 10%”.

وأكد في تصريحات للجزيرة مباشر أن اللجنة لم تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي، مشيرًا إلى أن الوصول إلى بيع الوقود بسعر التكلفة لا يحقق العدالة لأننا كما نستورد البترول نصدره أيضًا.

وبشأن الآثار المترتبة على تلك الزيادة، أوضح أبو العلا أنه بالرغم من أنها قد تساعد الحكومة على علاج عجز الموازنة العامة، فإن له آثارًا مباشرة على المواطنين، حيث يؤدي ارتفاع أسعار الوقود إلى زيادة تكاليف المعيشة ويؤثر في قطاعات النقل والصناعة والخدمات.

رفع الدعم بالكامل عن الوقود

وتعتزم الحكومة المصرية مواصلة زيادة الأسعار حتى يتم رفع الدعم بالكامل عن الوقود بمختلف أنواعه، وبررت ذلك بأنها لم تعد قادرة على تحمل عبء الدعم مع زيادة الاستهلاك.

وترتبط زيادة أسعار الوقود في مصر بشكل مباشر ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي تنفذه الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.

ومن بين الأهداف الرئيسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي تقليل العجز في الموازنة العامة الذي يصل إلى نحو 1.2 تريليون جنيه، وارتفعت قيمة دعم المنتجات البترولية في الموازنة إلى ما يزيد عن 140 مليار جنيه سنويًا، وهو ما يعادل 2.8 مليار دولار. (الدولار يبلغ نحو 48.50 جنيهًا).

ومن ثم، يطالب صندوق النقد الحكومة المصرية بإلغاء الدعم على الوقود والكهرباء بالكامل بنهاية العام المقبل 2025، وذلك بهدف تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة.

وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، من أن مصر قد تضطر إلى إعادة تقييم برنامجها مع صندوق النقد إذا لم تأخذ المؤسسات الدولية في اعتبارها التحديات الإقليمية غير العادية التي تواجه البلاد.

وأشار إلى أن مصر خسرت ما بين 6 إلى 7 مليارات دولار من إيراداتها خلال العام الجاري نتيجة تراجع عائدات قناة السويس.

المصدر : الجزيرة مباشر + رويترز

إعلان