آلاف المليونيرات يهربون من بريطانيا.. هذه هي الأسباب

لم يعد حي المال والأعمال في لندن بذات الجاذبية لأصحاب الملايين كما كان عليه الحال لعقود
لم يعد حي المال والأعمال في لندن بذات الجاذبية لأصحاب الملايين كما كان عليه الحال لعقود (رويترز)

قال أندرو أمويلز، رئيس قسم الأبحاث في شركة “نيو ورلد ويلث” البريطانية المتخصصة في دراسات الثروات، إنه على الرغم من أن بريطانيا، وخصوصا لندن، كانت تقليديا مقصدا للمهاجرين من أصحاب الملايين لسنوات طويلة، من دول كثيرة في آسيا وأووربا والشرق الاوسط، إلا أن الأوضاع تغيرت في الوقت الراهن.

وأوضح أمويلز، في مقال نشره على موقع شركة “هانلي آند بارتنرز” البريطانية المتخصصة في الاستثمار الدولي، أن عددا أكبر من أصحاب الملايين يغادر بريطانيا، فيما يقصدها أعداد أقل منهم، منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى أنه خلال فترة ست سنوات، منذ عام 2017، حين خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وحتى عام 2023، هاجر منها 16500 مليونير، فيما تشير التقديرات إلى هجرة أكبر لأصحاب الملايين خلال العام الجاري 2024 قد تصل إلى 9500 مليونير.

وأضاف أن أهم المدن التي تستقبل أصحاب الملايين، الذين يغادرون لندن في العام الجاري، هي باريس ودبي وموناكو وجنيف وأمستردام وسيدني، وسنغافورة، علاوة على أماكن تقاعد مفضلة لدى أصحاب الثروات مثل منتجعات بجوار العاصمة البرتغالية لشبونة، ومالطا ومنطقة الريفيرا في إيطاليا وولاية فلوريدا الأمريكية.

“ويكست” بدلا من “بريكست”

وعلى غرار كلمة “البريكست”، التي استخدمت للتعبير عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، انتشرت على سبيل السخرية كلمة “ويكست”، التي تشير لهجرة الثروات بصورة عكسية من بريطانيا إلى أوروبا.

وأشار ستيوارت ويكلينج من  شركة “هانلي آند بارتنرز”، إلى أن زيادة طلبات المستثمرين المقيمين في المملكة المتحدة لبرامج الهجرة الاستثمارية بنسبة 160% خلال الأشهر الستة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى مارس/ آذار 2024، مقارنة بالستة أشهر السابقة لها، ويتجه 68٪ منهم إلى أوروبا.

ارتفاع معدلات الضرائب

وشرح مويلز الأسباب وراء هجرة أصحاب الملايين في السنوات الأخيرة، وكلها مرتبطة بارتفاع معدلات الضرائب في المملكة المتحدة، والمخاوف بشأن الزيادات الضريبية الإضافية التي من المنتظر أن يتم الإعلان عنها في أول ميزانية لحزب العمال منذ 14 عامًا.

وأشار أمويلز إلى أنه قد تم استهداف الأثرياء، من المقيمين في المملكة المتحدة، ولكن اختاروا أن يكون المقر الضريبي لهم خارجها، بفرض ضرائب إضافية، حيث كانوا يدفعون الضرائب فقط على ما يحققونه من أرباح داخل بريطانيا، ولا يدفعون ضرائب على أرباحهم خارجها.

غير أن الحكومة البريطانية تسعى لتغيير هذه القواعد، بهدف زيادة إيراداتها من الضرائب، ما دفع العديد من الأثرياء إلى مغادرتها هربا من الضرائب التي ينتظر فرضها عليهم.

ويوضح أمويلز، أن معدلات ضريبة الأرباح الرأسمالية والرسوم العقارية في المملكة المتحدة من بين أعلى المعدلات في العالم، مضيفا أن “ما يفشل العديد من السياسيين والأكاديميين في المملكة المتحدة في فهمه هو أن هناك العديد من البلدان ذات الدخل المرتفع على مستوى العالم التي لا تفرض ضريبة الأرباح الرأسمالية، بما في ذلك دول مثل سنغافورة والإمارات العربية المتحدة وحتى نيوزيلندا. هناك أيضًا قائمة أطول بكثير من البلدان التي لا تفرض رسوما عقارية، بما في ذلك الأسواق ذات النمو المرتفع مثل كندا وأستراليا ومالطا”.

ويقول بيتر فيريجنو، مدير الخدمات الضريبية في شركة هانلي آن بارتنرز” إن الحكومة الجديدة بوعدها بعدم زيادة ضريبة الدخل أو ضريبة القيمة المضافة، قد حدّت من قدرتها على جمع إيرادات جديدة.

وأشار بشكل خاص إلى أن نسبة ضريبة الميراث تبلغ 40% في المملكة المتحدة، وهي نسبة مرتفعة للغاية بالمعايير العالمية.

عوامل أخرى غير الضرائب

وأشار أمويلز إلى عامل آخر بخلاف الضرائب، وهو النمو الكبير للصناعات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات في الولايات المتحدة وآسيا، ما دفع الكثير من المستثمرين في هذا المجال إلى مغادرة المملكة المتحدة.

واوضح أن جزءًا كبيرا من جاذبية بريطانيا ترجع للتحدث باللغة الإنجليزية، لكن أهمية هذا العامل في جذب المهاجرين تراجعت لسببين، أولهما وجود فرص الهجرة لدول تتحدث الإنجليزية مثل أستراليا وكندا والولايات المتحدة.

أما السبب الثاني، فإن الدول التي نجحت في جذب المهاجرين من أصحاب الملايين لديها الكثير من المدارس والجامعات التي تدرس بالإنجليزية، مثل سويسرا وسنغافورة والإمارات ومالطا، وبالتالي يمكن للناطقين بالإنجليزية التأقلم مع الحياة فيها بسهولة.

كما أشارت صحيفة الغارديان في تقرير عن هجرة المليونيرات في شهر يونيو/حزيران الماضي إلى مغادرة أصحاب الملايين من الروس لبريطانيا منذ الحرب الروسية على أوكرانيا، وكان الكثير منهم اختاروا بريطانيا مقصدا للحياة والاستثمار، غير أن الضغوط زادت عليهم نظرا لتأييدهم للسياسات الروسية، واضطروا لمغادرتها.

المصدر: صحف بريطانية + مواقع أجنبية

إعلان