تعدى النصف مليون.. عجز قياسي بعدد المعلمين يفاقم أزمة التعليم في مصر
سجل العجز بعدد المعلمين في المدارس المصرية عجزًا قياسيًا تجاوز 650 ألف معلم، طبقًا لما أعلنه وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، أمام مجلس النواب، في مؤشر يكشف عن تفاقم أزمات التعليم، ويفتح الباب لجدل متزايد بشأن الحلول التي لم تنجح في تقديمها الحكومات المتعاقبة لهذه الأزمات.
واكتفت وزارة التعليم بفتح الباب لتشغيل 50 ألف معلم، من خارج الوزارة بنظام الحصة، وهو حل غير كاف كما قال نبيل سلامة، وهو معلم متقاعد، للجزيرة مباشر، موضحًا أنه تقدم للحصول للعمل بالنظام الجديد.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالتعليم الجامعي الخاص يتغول على الحكومي.. هل يستدير الزمن؟
“قهر الرجال”.. مشادة مع مسؤول تنهي حياة مدرّس مصري ونقابة المعلمين تنتفض
مصر.. اللحظات الأولى لانقلاب حافلة جامعة الجلالة ومصرع وإصابة عشرات الطلاب (فيديو)
ويشير سلامة إلى أن استحداث 98 ألف فصل دراسي، كما أقر وزير التعليم المصري بأنه أمر ضروري لمواجهة الأزمة، يتطلب المزيد من الإجراءات.
ضمان حياة كريمة للمعلم
وأوضح سماح شاكر، معلم لغة عربية، للجزيرة مباشر أن دفع مبلغ 50 جنيهًا مصريًا (دولار واحد) للحصة الواحدة أمر يثير السخرية، لافتًا إلى أن هناك استقطاعات تقترب من 20% ليتقلص الأجر إلى 30 جنيهًا للحصة الواحدة.
ويؤكد شاكر أن هذا الإجراء لا يقدم حلًا واقعيًا، موضحًا أن الحل الوحيد هو تعيين عشرات الآلاف من خريجي كليات التربية في مختلف التخصصات “لكن الحكومة لا تريد تحمل المزيد من الأعباء”.
وأضاف شاكر “بدون تلك التعيينات سيبقى عجز المعلمين مرضا مزمنا”.
توظيف المزيد من المعلمين
وتعليقًا على هذا الاقتراح أشار الخبير بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم، صلاح رشاد، في حديثه للجزيرة مباشر إلى أن الحكومة عينت 46 ألف معلم فقط على مدار السنوات العشر الماضية.
وأوضح رشاد أن الحكومة المصرية وظفت 30 ألفًا عام 2015 و16 ألفًا عام 2023، وفي المقابل بلغ عدد من بلغوا سن التقاعد 250 ألفًا بينما زاد عدد الطلاب بواقع 5.9 ملايين طالب.
ولفت رشاد، إلى أن محاولة حل أزمة الكثافة الطلابية، بإنشاء فصول جديدة وعمل أكثر من مرحلة دراسية على مدار اليوم، فجّر مشكلة العجز القياسي بعدد المعلمين، حيث احتاجت تلك المراحل كلها لمزيد من العاملين، وهو ما لم يحدث.
وأرجع رشاد السبب ذلك إلى ضعف مخصصات التعليم بالموازنة العامة للدولة، موضحًا أن الحلول تأخرت كثيرًا، حيث كان العجز من عامين 324 ألفًا، “ما يعنى أننا نسير في الطريق الخاطئ”، على حد تعبيره.
الحفاظ على حقوق المعلمين
وحذر رشاد من التوسع بالاعتماد على المعلمين المؤقتين قائلًا إن ذلك يؤسس لانتهاك حقوقهم بالأجر العادل والضمانات الاجتماعية وعدم الفصل التعسفي، وهو ما ينعكس برأيه على جودة التعليم بشكل عام.
في هذا السياق، وجهت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية انتقادات حادة لخطة مواجهة العجز بأعداد المعلمين معتبرة أنها “إعادة تدوير لتصريحات المسؤولين السابقين ولم تأت بجديد”.
وطالبت المبادرة بإعادة تقييم التحديات بشكل عام كحق لكل المصريين، معتبرة أن الإصلاح يتطلب مناقشة ميزانية التعليم ومدى الالتزام الدستوري بها وما آلت إليه أوضاع المعلمين ووضع خطط لتدريبهم.
ويعاني المعلمون المصريون، حسب المبادرة، من انخفاض رواتبهم، مما يجعلها في نهاية سلم الأجور مقارنة بالقطاعات الحكومية الأخرى.
ورصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في تحليلها للموازنة العامة المعلنة للعام المالي 2024/2025، استمرار تراجع الإنفاق على التعليم، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، لتبلغ 1.72% بدلًا من نسبة 4% التي يفرضها الدستور.
زيادة الإنفاق على التعليم
وفي السياق ذاته يطالب عبد الناصر عبده –محام– في حديث للجزيرة مباشر، بالتزام حكومي بتطبيق الاستحقاق الدستوري للتعليم، كما جاء في المادة 19 التي تنص على نسبة إنفاق حكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
ويعتبر عبده، أن التعليم حاليًا عبارة عن “حقل تجارب مستمرة بلا نتيجة حقيقية على الأرض”، مشيرًا إلى أنه اشترك مع آخرين في رفع دعاوى قضائية عدة لتثبيت حق المعلم في أجر عادل لكن بلا جدوى، على تعبيره.
كما ذهب إلى أن حديث الحكومة عن حل مشكلة الكثافات الطلابية وعجز المعلمين لا علاقة له بالواقع قائلًا إن “الفصول خاوية بلا مدرسين”، لافتًا إلى أن “المدرسين العاملين بنظام الحصة لا يتمتعون بالكفاءة المطلوبة”.
يشار إلى أن مصر لديها أكبر نظام عددي للتعليم قبل الجامعي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي العام الدراسي 2024/2023 التحق قرابة الـ25 مليون طالب بالمدارس الحكومية والخاصة، بينما وصلت الكثافة ببعض المدارس حسب إحصاءات وزارة التعليم إلى 200 طالب بالفصل الواحد.