تقرير: “إعلان حرب” من إسرائيل على الأمم المتحدة

دمار كبير لحق بمقر الأونروا في غزة
دمار كبير لحق بمقر الأونروا في غزة جراء القصف الإسرائيلي (الأناضول)

تدهورت العلاقات، التي كانت بالفعل شائكة، بين إسرائيل والأمم المتحدة إلى حد يمكن اعتباره “إعلان حرب” هذا الأسبوع، مع حظر الكنيست نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة.

وقال تقرير نُشر في صحيفة (لو تان) السويسرية أمس الثلاثاء إن “هذه ذروة إعلان للحرب”، وأكد أن إسرائيل تواجه انتقادات دولية حادّة بعدما أقر برلمانها مشروع القانون الذي يحظر الأونروا التي تنسّق تقريبًا كل المساعدات إلى قطاع غزة.

وأشار إلى أن الخطوة أدت إلى تدهور العلاقة أكثر بين إسرائيل والأمم المتحدة، بعد عام شهد تبادل الإهانات والاتهامات والهجمات بين الطرفين إلى حد التشكيك في إمكان إبقاء إسرائيل عضوًا في المنظمة الدولية.

قوات اليونيفيل اضطرت إلى إخلاء عدة مواقع جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي
قوات اليونيفيل اضطرت إلى إخلاء مواقع عدة جنوبي لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

غوتيريش “شريك في الإرهاب”

واحتدت الحرب الكلامية المشتعلة بين إسرائيل ومختلف الهيئات الأممية، منذ الهجوم المباغت الذي شنته حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية على مستوطنات ومواقع عسكرية في غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

واتهمت مؤسسات تابعة للمنظمة الدولية مرارًا إسرائيل بارتكاب إبادة في حربها المدمرة على غزة التي جاءت ردًّا على هجوم السابع من أكتوبر.

وفي الأثناء، اتهم المسؤولون الإسرائيليون بشكل متزايد الأمم المتحدة بالانحياز، حتى أنهم اتهموا أمينها العام أنطونيو غوتيريش بأنه “شريك في الإرهاب”.

وفي وقت سابق هذا الشهر، ذهبت إسرائيل أبعد من ذلك لتعلن الأمين العام للأمم المتحدة “شخصًا غير مرغوب فيه”، وهو ما يعني منعه من دخول أراضيها لعدم إدانته هجومًا صاروخيًّا عليها فورًا.

وقال وزير خارجيتها يسرائيل كاتس إن “أي شخص لا يمكنه إدانة هجوم إيران الشنيع على إسرائيل بشكل قاطع لا يستحق أن تطأ قدماه التراب الإسرائيلي”، متهما غوتيريش بـ”دعم الإرهابيين والمغتصبين والقتلة”.

قصف إسرائيلي متكرر لمدارس الأونروا
قصف إسرائيلي متكرر لمدارس الأونروا
(غيتي)

“مستنقع لمعاداة السامية”

وجاء تصريح وزير الخارجية، بعد خطاب أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، عندما وصف المنظمة الدولية بأنها “مستنقع لمعاداة السامية”.

وندَّد نتنياهو أيضًا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لإشارته إلى أن إسرائيل مدينة في وجودها إلى قرار من الأمم المتحدة، ومن ثَم عليها إظهار المزيد من الاحترام لقراراتها.

وارتفع مستوى التوتر أكثر منذ تكثيف إسرائيل ضرباتها على معاقل حزب الله في لبنان، وإرسال قوات برية إلى البلاد.

وأعلنت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوبي لبنان (اليونيفيل) المتمركزة على طول المنطقة الحدودية بين البلدين “هجمات متعمَّدة” نفّذها الجيش الإسرائيلي على أفرادها ومواقعها، مما أثار غضبًا دوليًّا.

مدرسة تابعة للأونروا في النصيرات بوسط قطاع غزة-17 مايو (الفرنسية)

“خيانة” من الأمم المتحدة

وخلال العام الأخير، توالت الانتقادات لإسرائيل من المحاكم المرتبطة بالأمم المتحدة والمجالس والوكالات والموظفين على خلفية تحركاتها في غزة.

وقال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة في جنيف دانيال ميرون “نشعر بأن الأمم المتحدة خانت إسرائيل”.

وبدأت الشكاوى الإسرائيلية من انحياز الأمم المتحدة قبل مدة طويلة، إذ أشارت مثلًا إلى العدد الكبير من القرارات الصادرة ضدها.

ومنذ تأسيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2006، استهدف أكثر من ثلث قرارات الإدانة التي “يتجاوز عددها 300” حسب ميرون الذي وصف الأمر بأنه “مذهل”.

وبدأت الدعوات الإسرائيلية للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى الاستقالة بعد أسابيع فقط على هجوم السابع من أكتوبر، عندما صرَّح بأن “الهجوم لم يأتِ من فراغ. تم تعريض الشعب الفلسطيني لـ56 عامًا من الاحتلال الخانق”.

إسرائيل دعت الدول إلى وقف دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين “أونروا” (غيتي – أرشيفية)

الأونروا والهجوم الأشد

وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هدفًا لأشد الهجمات الإسرائيلية.

وقد قُتل نحو 220 من موظفي الوكالة في غزة خلال العام الأخير، بينما خُفض تمويلها بشكل كبير، وصدرت دعوات إلى تفكيكها في مزاعم إسرائيل بأن بعض العاملين بها شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر.

ويشير معارضو إسرائيل إلى أنها تجاهلت العديد من قرارات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية من دون أي عواقب منذ مهَّد تصويت في الجمعية العامة سنة 1948 الطريق للاعتراف بإسرائيل.

مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة يحمل صورة يحيى السنوار خلال جلسة للجمعية العامة-10 مايو (الفرنسية)

“دولة منبوذة”

ولطالما تجاهلت إسرائيل القرار 194 الذي يضمن حق العودة أو التعويض للفلسطينيين الذين طُردوا من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1948.

كما تجاهلت القرارات التي تدين حيازتها أراضي وضم القدس الشرقية بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، وسياسة توسيع المستوطنات المتواصلة في الضفة الغربية.

وأفاد أستاذ علم الاجتماع السياسي في “معهد جنيف العالي” ريكاردو بوكو بأنه “عبر السماح لإسرائيل بمواصلة عدم امتثالها للقانون الدولي، يدفع الغرب الإسرائيليين إلى الاعتقاد أنهم فوق القانون الدولي”.

واتفقت فرانشيسكا ألبانيزي -وهي خبيرة مستقلة في الأمم المتحدة بشأن الوضع الحقوقي في الأراضي الفلسطينية- مع هذا الرأي، وقالت في تقرير أمس إن الإبادة المتواصلة في غزة هي بلا شك نتيجة الوضع الاستثنائي والإفلات من العقاب الواسع النطاق الذي مُنح إلى إسرائيل”.

وحذرت الخبيرة المستقلة، التي طالبت إسرائيل بطردها الشهر الماضي، من أن إسرائيل تتحول سريعًا إلى دولة “منبوذة”، وسألت الصحفيين “هل ينبغي إعادة النظر في عضويتها بهذه المنظمة التي يبدو أن إسرائيل لا تحمل أي احترام لها؟”.

المصدر : الفرنسية

إعلان