أسوشيتد برس: إسرائيل تواصل استهداف مستشفيات غزة رغم غياب الأدلة على وجود مقاتلي حماس داخلها
تحاصر القوات الإسرائيلية من جديد 3 مستشفيات في شمال غزة، وهي (كمال عدوان والعودة والإندونيسي)، وتتعرض تلك المستشفيات للقصف ضمن الهجوم الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وتأتي هذه الهجمات في سياق عمليات عسكرية ضد مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذين تزعم إسرائيل أنهم أعادوا تنظيم صفوفهم بالقرب من تلك المرافق.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsإهانات وضرب وتنكيل.. أسرى غزة المفرج عنهم يكشفون ما تعرضوا له داخل سجون إسرائيل (فيديو)
تقرير: لماذا يستهدف جيش الاحتلال الطواقم الطبية والعلماء في شمال غزة بشكل ممنهج؟
بلينكن من أنقرة: مؤشرات مشجعة للتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة
وبينما يسارع الطاقم الطبي لمعالجة أعداد متزايدة من الجرحى، تظل ذكريات الحرب وعمليات استهداف المستشفيات تلاحقهم، في مشهد يعكس استهدافًا متواصلًا للمرافق الصحية بدرجة من الوضوح والحدة نادرة في الحروب الحديثة.
وكانت هذه المستشفيات الثلاثة قد تعرضت للحصار والمداهمة من القوات الإسرائيلية قبل حوالي 10 شهور، وما زالت تعاني من آثار تلك الأضرار حتى اليوم، رغم أنها تعد المستشفيات الوحيدة التي تعمل بشكل جزئي في تلك المنطقة.
وتبرز هذه الأحداث مع أن القانون الدولي يمنح المستشفيات حماية خاصة، ورغم أن المرافق الطبية قد تتعرض أحيانًا في النزاعات لهجمات، إلا أن المتقاتلين عادة ما يعتبرون تلك الحوادث عرضية واستثنائية.
لكن إسرائيل، على مدى حملتها في غزة، شنت هجمات علنية على المستشفيات، محاصرة ومداهمة أكثر من 10 مستشفيات في قطاع غزة، وبعضها تعرض لهجمات متكررة، وتبرر إسرائيل هذه الهجمات بـ”ضرورات عسكرية”، قائلة إنها تهدف إلى تدمير (حماس) بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتدعي أن (حماس) تستخدم المستشفيات كمراكز قيادة وسيطرة، لإيواء المقاتلين وإخفاء الأسرى، مما “يلغي الحماية القانونية” عن المستشفيات، حسب زعمها.
مستشفى العودة.. “حكم بالإعدام”
ولم تقدم القوات الإسرائيلية أي دليل على ادعاءاتها بوجود عناصر من (حماس) في مستشفى العودة، وعند سؤالها عن الأسس الاستخباراتية التي دفعت الجنود لحصار المستشفى ومداهمته في العام الماضي، لم يصدر عن الجيش أي رد.
وفي الأسابيع الأخيرة، واجه المستشفى شللًا تامًا نتيجة القتال المستمر في مخيم جباليا القريب، حيث مُنع دخول الغذاء والماء والإمدادات الطبية إلى شمال غزة.
وقال مدير المستشفى، محمد صالحة، إن المستشفى محاصر وغير قادر على إجلاء 6 مرضى بحالات حرجة، فيما تقتصر وجبات العاملين على وجبة واحدة يوميًا تتألف عادة من خبز أو قليل من الأرز.
ومع استمرار تدفق المصابين، يكافح الجراحون المنهكون لتقديم العلاج، حيث لا يوجد جراحون متخصصون في الأوعية الدموية أو الأعصاب شمال مدينة غزة، مما يضطر الأطباء إلى بتر الأطراف المتضررة بشظايا لإنقاذ حياة المصابين.
يذكر أن الاشتباكات كانت تدور حول مستشفى العودة في 21 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، حين انفجرت قذيفة في غرفة العمليات، مما أسفر عن استشهاد الدكتور محمود أبو نجيلة، وطبيبين آخرين، وعم أحد المرضى، وفقًا لمنظمة “أطباء بلا حدود”، التي أكدت أنها أبلغت الجيش الإسرائيلي بإحداثيات المستشفى.
المستشفى الإندونيسي: “المرضى يموتون أمام أعيننا”
في 18 أكتوبر، أصابت قذائف مدفعية الطوابق العليا من المستشفى الإندونيسي، مما أثار حالة من الذعر ودفع الناس إلى الفرار للنجاة بأرواحهم، وفقًا لما أفاد به العاملون في المستشفى، وكان المستشفى محاصرًا بالفعل من قِبل القوات الإسرائيلية، مما أدى إلى تدهور أوضاع الأطباء والمرضى الذين يعانون من نقص حاد في الطعام والماء والإمدادات الطبية الضرورية.
وصرّح مهند هادي، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، بأن اثنين من المرضى في المستشفى الإندونيسي توفيا نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، ونقص الإمدادات الطبية الضرورية.
وأشار تامر الكرد، وهو ممرض يعمل في المستشفى، إلى أن عدد المرضى المتبقين يبلغ حوالي 44 مريضًا، بينما لا يوجد سوى طبيبين لتقديم الرعاية، وأوضح أنه يعاني من الجفاف الشديد لدرجة أنه بدأ يهلوس، وقال في رسالة صوتية بصوت ضعيف “يأتي الناس إليّ طلبًا للمساعدة. لا أستطيع أن أقوم بذلك بمفردي، ومعي فقط طبيبان. أنا مرهق”.
وفي يوم السبت، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قام بتسهيل عملية إجلاء 29 مريضًا من المستشفى الإندونيسي ومستشفى العودة، وذلك في إطار محاولات لإخلاء بعض المرضى من المناطق الأكثر تضررًا.
ويُعد المستشفى الإندونيسي أكبر مستشفى في شمال غزة، لكن الحصار الإسرائيلي الذي فرض في خريف 2023 ترك آثارًا واضحة عليه، حيث تعرضت طوابقه العليا للحريق، وجدرانه مثقوبة بالشظايا، في حين تكدس الركام عند بواباته، مما يعكس حجم الأضرار التي لحقت به نتيجة الحصار والقصف المستمر.
كمال عدوان.. مناشدات مستمرة
وشهد مستشفى كمال عدوان، الذي كان يعد محورًا رئيسًا في نظام الرعاية الصحية بشمال غزة، حريقًا يوم الخميس الماضي إثر تعرضه لقصف إسرائيلي استهدف الطابق الثالث، مما أدى إلى اندلاع نيران دمرت إمدادات طبية قدمتها منظمة الصحة العالمية قبل أيام فقط، وفقًا لما ذكرته المنظمة.
وأوضح حسام أبو صفية، مدير المستشفى، أن القصف أصاب خزانات المياه وألحق أضرارًا بوحدة غسيل الكلى، كما تسبب في إصابة 4 من أفراد الطاقم الطبي بحروق بالغة أثناء محاولتهم إخماد الحريق.
وعلى مدار الأسابيع الماضية، ظهر أبو صفية في مقاطع “فيديو” يناشد المساعدة، محاولًا التماسك رغم الحصار المفروض على المستشفى من قبل القوات الإسرائيلية، إلا أن مشاعر التأثر بدت جليّة عليه نهاية الأسبوع الماضي، حين لم يتمكن من حبس دموعه أثناء توجيه نداء الاستغاثة، مما يعكس الوضع الكارثي الذي يواجهه المستشفى وطاقمه الطبي.