تحليل لنيويورك تايمز: هكذا فاز ترامب بالرئاسة وخسرت هاريس

ترامب تمكن من إقناع الناخبين بأنه سيحقق لهم التغيير الذي يتطلعون إليه
ترامب تمكن من إقناع الناخبين بأنه سيحقق لهم التغيير الذي يتطلعون إليه (رويترز)

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرًا، الخميس، يحلل أسباب فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية التي تمت الثلاثاء، وأسباب خسارة منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

وقالت الصحيفة إن ترامب تمكن من تجاوز ما وصفته “بنقاط ضعف سياسية تبدو قاتلة”، ومنها “أربع لوائح اتهام جنائية، وثلاث دعاوى قضائية باهظة الثمن، والإدانة في 34 تهمة جنائية”، بل وحولها إلى مزايا أمام ناخبيه.

وأضافت الصحيفة أن ترامب تمكن من تحويل ما تعرض له من ضغوط إلى عامل جذب لجمهوره أولا، ثم لجمهور الحزب الجمهوري، ثم لأكثر من نصف الناخبين.

وعلى سبيل المثال، كما أشارت الصحيفة، تلقى ترامب تبرعات تجاوزت 100 مليون دولار في يوم واحد بعد إدانته جنائيا، وأصبحت صورته وهو ينزف، بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها، “رمزا لما اعتبره مؤيدوه حملة مصيرية”.

وأشار ترامب إلى نجاته من الاغتيال في خطابه بعد فوزه في الانتخابات، قائلا “إن الله أنقذ حياته لسبب ما”، مضيفا وهو يخاطب أنصاره “سنكمل هذه المهمة معا”.

الإحباط من المؤسسات القائمة

وأوضحت الصحيفة أن ترامب تمكن من التعبير عن مشاعر الإحباط التي يشعر بها ملايين الأمريكيين تجاه المؤسسات السياسية القائمة، والانفصال بينهم وبين النخبة التي تديرها.

ونقلت الصحيفة عن نيوت جينجريتش، الرئيس السابق لمجلس النواب ومستشار ترامب الخاص، قوله إن النخبة لا يمكنها أن تدرك مدى العزلة التي تفصلها عن الجماهير.

وبالإضافة إلى التعبير عن مشاعر ملايين المحبطين، تمكنت حملة ترامب من حشد المزيد من الرجال للتصويت لصالحه، وزيادة التأييد له بين الأمريكيين من أصول إفريقية ولاتينية، وهو ما ساهم بشكل كبير في فوزه بهذه الانتخابات.

هاريس لم تنجح خلال 3 أشهر من حملتها في الإفلات من شبح بايدن
هاريس لم تنجح خلال 3 أشهر من حملتها في الإفلات من شبح بايدن (رويترز)

شبح بايدن الذي يطارد هاريس

ومضت الصحيفة للحديث عن أسباب خسارة كامالا هارس فقالت إن تراجع نسبة التأييد للرئيس الحالي جو بايدن أعاقها عن إقناع الكثير من الناخبين، الذين يبحثون عن تغيير السياسات القائمة، أنها ستقدم التغيير المنشود، حيث لم تتمكن من التخلص من الارتباط بحقبة بايدن في أعين الناخبين.

وأشارت الصحيفة إلى أن هاريس كان أمامها نحو 3 أشهر فقط، منذ دخولها سباق الرئاسة إثر انسحاب بايدن منه، “لتعيد تقديم نفسها للبلاد، وكانت مترددة حتى النهاية بشأن كيفية الحديث عن ترامب”، وكررت نفس ما كان يردده بايدن.

وعلى سبيل المثال قال بايدن عن ترامب إنه يمثل “تهديدا وجوديا للديمقراطية الأمريكية”، وتبعت هاريس النهج نفسه بوصف ترامب بأنه “فاشي”.

الارتفاع في تكلفة المعيشة

وساهم تركيز ترامب على الاقتصاد، وبشكل خاص على ارتفاع تكلفة المعيشة خلال فترة رئاسة بايدن، في دفع الكثير من الناخبين للتصويت له.

وكان الاقتصاد أحد أهم نقاط الضعف في حملة هاريس، التي لم تقنع الناخبين بأنها قادرة على تخفيض الأسعار وتحسين مستوى معيشة أغلبية الأمريكيين.

وعلى النقيض قال ترامب لجماهيره ببساطة إن التصويت له يعني أن “بقالتك ستكون أرخص وشوارعك ستكون أكثر أمانا”.

تغيير موقف ترامب من الإجهاض

وأشارت الصحيفة إلى قضية أخرى تمثل أهمية بالغة في الانتخابات الأمريكية، وهي قضية الإجهاض، حيث تؤيد هاريس حق النساء في الإجهاض بشكل كامل، وهو موقف يحقق لها شعبية كبيرة بين الأمريكيات.

وأوضحت الصحيفة أن كبار المستشارين السياسيين لترامب أدركوا قوة هذه القضية وتأثيرها السلبي في ترامب، الذي كان يؤيد حظرا شاملا على الإجهاض، وذلك لكي يرضي أنصاره من المسيحيين المحافظين، وقدموا له دراسة توضح أن هذا الموقف يعني ببساطة خسارته للانتخابات.

وأوضح مستشارو ترامب أن الحظر على الإجهاض، بعد 15 أو 16 أسبوعًا من الحمل، الذي كان ترامب يفكر فيه، يمثل تقييدا يفوق القيود في القانون الحالي في بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، وهي ولايات “الجدار الأزرق” الثلاث التي كانت حاسمة للفوز في الانتخابات.

وأوضح مستشارو ترامب أن تشديد القيود على الإجهاض في هذه الولايات سوف ينظر إليه على أنه تراجع عن حقوق المرأة، خاصة وأن غالبية النساء في هذه الولايات ترفضها.

واستجاب ترامب لنصيحة مستشاريه، وأعلن أنه سيترك مسألة الإجهاض لكل ولاية على حدة لتقرر ما يناسبها، ولن يدعو لحظر الإجهاض بعد عدد محدد من الأسابيع.

وأوضحت الصحيفة أن تغيير موقف ترامب من الإجهاض تسبب في خيبة الأمل لدى بعض المحافظين، لكنه منع الديمقراطيين من استخدام هذه القضية ضده.

قضية المتحولين جنسيا

قضية أخرى تمكن ترامب من استخدامها بنجاح لصالحه، وهو رفضه لما أعلنته هاريس من اعتزامها استخدام أموال دافعي الضرائب لتمويل العمليات الجراحية للسجناء المتحولين جنسيا.

وعلى النقيض أعلن ترامب في خطاباته، وفي إعلانات في شبكات التلفزيون المختلفة، أنه سوف يمنع تقديم أي تمويل حكومي للعيادات التي تجري العمليات الجراحية للمتحولين جنسيا.

ووصف موقفه في أحد الإعلانات بالقول “كالاملا تعمل لصالحهم (أي المتحولين جنسيا) لكن أنا أعمل لكم جميعا”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في فريق ترامب أن هذه الإعلانات ساهمت في جذب الكثير من الرجال من أصول إفريقية ولاتينية للتصويت لترامب.

هذا علاوة على إقناع قطاع كبير من الناخبات البيض، اللاتي يرفضن مشاركة المتحولين جنسيا في المنافسات الرياضية للنساء، وهو ما ساهم في دفعهن للتصويت لصالح ترامب.

المصدر : نيويورك تايمز

إعلان