ميشيغان تصوت لصالح ترامب: العرب والمسلمون في الولاية يعيدون النظر في خياراتهم السياسية

يصطف الناخبون للإدلاء بأصواتهم في هامترامك بميشيغان، 5 نوفمبر 2024 (الجزيرة)

برزت ولاية ميشيغان ساحةً انتخابية محورية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، حيث أدّى الناخبون العرب والمسلمون دورًا حاسمًا في تحديد نتائجها.

لماذا تعد ميشيغان ولاية محورية في الانتخابات الأمريكية؟

تعد ميشيغان إحدى الولايات الحاسمة التي تشهد تنافسًا شديدًا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الأمر الذي يمنحها أهمية كبيرة في تحديد نتائج السباقات الرئاسية.

تتميز ميشيغان بتنوع سكانها واختلاف توجهاتهم السياسية؛ مما يجعلها ولاية متأرجحة وحاسمة في السباقات الرئاسية. ويعتبر فوز دونالد ترامب نقطة تحول للولاية التي كانت قد دعمت جو بايدن في انتخابات 2020، لتعود الآن إلى دعم الجمهوريين.

ويشكل العرب والمسلمون في ميشيغان نسبة بارزة من السكان، وخاصة في مناطق مثل ديربورن وديترويت، حيث يمتلكون قدرة ملحوظة على التأثير في النتائج الانتخابية عبر أصواتهم، وأصبحوا مؤخرا بيضة القبان في ميشيغان، حيث يؤدّون دورًا حاسمًا في ترجيح كفة الانتخابات الرئاسية في الولاية.

ديموغرافيا العرب والمسلمين في ميشيغان

يقدَّر عدد العرب والمسلمين في ميشيغان بنحو 300 ألف؛ مما يجعلهم من أبرز الجماعات التي تشكل قوة انتخابية في الولاية. ويتمركز هؤلاء الناخبون في مدن ذات كثافة عربية مثل ديربورن، وقد صوت العديد منهم في السابق لصالح بايدن نظرًا لسياساته الأكثر اعتدالًا.

لوحة من يمنيين مؤيدين لترامب في ميشيغان (الجزيرة)

كيف صوَّت العرب والمسلمون في انتخابات 2024؟

أظهرت نتائج انتخابات 5 نوفمبر/تشرين الثاني أن نسبة من الناخبين العرب والمسلمين قد انتقلت إلى دعم ترامب مجددًا، عقابا لكامالا هاريس على سياسات الحزب الديمقراطي اتجاه القضايا الخارجية، إضافة إلى رفضهم لارتفاع تكاليف المعيشة.

وقال الداعية الإسلامي بلال الزهيري إمام الجامع الكبير بمدينة هامترامك بولاية ميشيغان، إن “الكثير من المسلمين، بمن فيهم أنا، قررنا دعم ترامب. فهو الوحيد بين المرشحين الذي اجتمع بالمسلمين والعرب، واستمع لمطالبهم، وتعهد بالالتزام بها”.

وأضاف الداعية الذي قابل ترامب: “قدمنا للرئيس دونالد ترامب مجموعة مطالب، أبرزها: إنهاء الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا وخاصة حرب غزة، دعم القيم الأسرية وحماية الأطفال من التأثيرات الضارة في المناهج الدراسية، تمثيل المسلمين في إدارته لتعزيز التنوع، واتخاذ موقف قوي ضد الإسلاموفوبيا لضمان العدالة للأقلية المسلمة”.

وحصل ترامب على 47% من أصوات ديربورن، بينما حصلت هاريس على 28% ومرشحة حزب الخضر جيل ستاين على 22%، وذلك وفقًا للنتائج الأولية.

كما حقق ترامب مكاسب في هامترامك، ميشيغان، مدفوعة بالغضب في المجتمعات العربية الأمريكية والمسلمة بسبب جرائم القتل في غزة ولبنان واليمن.

رغم ذلك، تظل سياسات ترامب المتعلقة بالهجرة وحظر السفر من دول ذات غالبية مسلمة عاملاً مثيرًا للجدل بين الجاليات العربية والمسلمة.

لماذا لم تلقَ كامالا هاريس الدعم المنتظر من العرب والمسلمين؟

شهدت انتخابات هذا العام تراجعًا كبيرًا في دعم العرب والمسلمين لنائبة الرئيس كامالا هاريس، حيث أظهرت استطلاعات غير رسمية من معهد الدراسات الأمريكية العربية أن مواقف هاريس اتجاه قضايا الشرق الأوسط والمسلمين أثارت تحفظات شريحة واسعة من الناخبين العرب.

هذا التراجع يأتي في سياق الغضب الشعبي على خلفية السياسات الأمريكية اتجاه غزة ودعمها المستمر لإسرائيل، وهو ما أثار حفيظة الناخبين المسلمين الذين عبروا عن خيبة أملهم في الحزب الديمقراطي بسبب موقفه من القضايا الدولية.

تصويت المسلمين رغم الإحباط من الحزبين

أشاد مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، وهو من أبرز المنظمات المدافعة عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة، بإقبال المسلمين على التصويت رغم الإحباط من الحزبين.

ودعا “كير” المسؤولين الديمقراطيين إلى استخلاص الدروس من هذه الخسارة، والتفكير في كيفية كسب ثقة الجاليات العربية والإسلامية مجددًا.

من جهة أخرى، دعا المجلس ترامب إلى الوفاء بتعهداته في دعم السلام وتهدئة التوترات الخارجية، محذرًا من أي محاولات لإعادة سياسات التضييق على المسلمين أو فرض قوانين هجرة صارمة.

عمدة هامترامك المسلم الديمقراطي، عامر غالب، خلال تجمع لترامب في ميشيغان (الفرنسية)

مستقبل التأثير السياسي للعرب والمسلمين في ميشيغان

يبدو أن دور العرب والمسلمين في الانتخابات الأمريكية سيواصل النمو، خصوصًا مع ارتفاع نسبة الشباب المؤهلين للتصويت واهتمامهم المتزايد بالتأثير في السياسة الأمريكية.

دعم الصناعات المحلية وجذب الناخبين

معروف عن ولاية ميشيغان ارتباطها بصناعة السيارات، وقد سعت الحملة الجمهورية إلى استقطاب الدعم عبر التركيز على تحديات العاملين في هذه الصناعات، مستغلة قوة اتحاد “يو آي دبليو”.

وتشير الإحصاءات إلى أن ميشيغان، التي تستقطب المهاجرين منذ القرن العشرين، أصبحت معقلًا لتأثير المهاجرين وحققت تغييرات واضحة في المشهد السياسي من خلال انتخاب أول رئيس بلدية مسلم في ديربورن عام 2022؛ مما يعكس التحولات العميقة في ميول الناخبين.

في الختام، يشير فوز ترامب في ميشيغان إلى تحول مهم في ديناميات التصويت، ويضع العرب والمسلمين في موقع حاسم لمواصلة تأثيرهم في نتائج الانتخابات المستقبلية.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع إلكترونية

إعلان