تأثيرات اقتصادية واسعة لعودة ترامب إلى البيت الأبيض.. هذه أهم ملامحها
كان ملف الاقتصاد من أبرز الملفات التي حشدت الدعم للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي جرت الثلاثاء، إذ يعاني الكثير من الأمريكيين من ارتفاع تكلفة المعيشة خلال فترة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، ويقارنون بينها وبين نسب التضخم المنخفضة خلال فترة رئاسة ترامب السابقة، ويتطلعون لعودتها.
ويسعى ترامب إلى تحقيق تطلعات ناخبيه في أوضاع اقتصادية أفضل من خلال مجموعة من السياسات التي سيعمل على تطبيقها خلال فترة رئاسته المقبلة، من أبرزها تخفيض الضرائب وفرض تعريفات جمركية أعلى على الواردات، بشكل يشبه ما قام به خلال فترة رئاسته الأولى، علاوة على تخفيف القيود على الاستثمار في قطاعات مهمة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتحليل لنيويورك تايمز: هكذا فاز ترامب بالرئاسة وخسرت هاريس
ترامب يبدأ تشكيل إدارته الجديدة.. وهؤلاء يتنافسون على المناصب العليا
بعضهم عبّر عن مخاوف شديدة.. تباين آراء الأمريكيين بولاية بنسلفانيا بعد فوز ترامب (فيديو)
زيادة الرسوم الجمركية
تعهّد ترامب خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية بنسبة 60% ورسوم إضافية بنسبة 10% إلى 20% على السلع القادمة من باقي بلدان العالم، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في تقرير لها، عقب فوز ترامب، أن الزيادة المنتظرة سوف ترفع معدلات التعريفات الجمركية الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ الثلاثينيات.
وأشارت الصحيفة إلى أن توجه ترامب لفرضها سيكون سهلا نسبيا، نظرا لأنه ليس بحاجة لموافقة “الكونغرس” عليها، لكن إجراءات زيادة الرسوم الجمركية طويلة، بحيث إن الأمر تطلب 11 شهرا، خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، بين قرار زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية وتطبيق القرار بالفعل.
غير أن رفع الرسوم على الواردات من الصين بهذا الشكل قد يؤدي إلى إجراءات مماثلة من جانب بيجين، وقد يتحول الأمر إلى حرب تجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
كما سيؤدي رفع الرسوم الجمركية إلى زيادة تكلفة الإنتاج، مع رفع أسعار الخامات المستوردة من الصين وغيرها من الدول، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الأسعار إجمالا في السوق الأمريكية.
ووفق دراسة لبنك مورجان ستانلي، أشارت إليها الصحيفة، فإن تطبيق الزيادة في الرسوم الجمركية التي يسعى إليها ترامب سوف تؤدي إلى زيادة التضخم بنحو 1%، وهي زيادة محدودة لكنها ليست في الاتجاه الذي يسعى إليه ترامب وينتظره الناخبون، وهو تخفيض الأسعار.
ومن ثم، ترى الدراسة أن ترامب ربما يستخدم هذه النسب المرتفعة من الرسوم الجمركية للضغط على الصين للحصول على مكاسب اقتصادية، وربما ينتهي الأمر بزيادة تصل إلى 20% فقط على الواردات الصينية بدلا من 60%، وهو ما سيؤدي بالتبعية إلى ارتفاع أقل في الأسعار في السوق الأمريكية.
وسيكون تأثير الزيادة في التعريفة الجمركية كبير على الصين والاتحاد الأوروبي، وذلك وفق دراسة لشركة “رولاند برغر” الاستشارية، نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية، وذلك أخذا في الاعتبار الإجراءات الانتقامية التي يمكن أن تتخذها الصين وأوروبا ردا على زيادة الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة.
وحسب هذه الدراسة فإن رفع الرسوم الجمركية الأمريكية سيؤدي لتكاليف إضافية للاتحاد الأوروبي تبلغ 533 مليار دولار حتى 2029 وتكلفة إضافية 827 مليار دولار على الصين في الفترة ذاتها، أما الولايات المحتدة نفسها فسوف تتحمل تكاليف إضافية بمبلغ 749 مليار دولار.
تخفيف القيود على الشركات
يخطط ترامب لتخفيف القيود على الشركات والاستثمار بشكل عام، ويشمل ذلك تسهيل الاستثمار في صناعة النفط والغاز، والحد من القيود على عمليات الاندماج بين الشركات.
وتهدف هذه الخطط إلى زيادة ثقة المستثمرين في المناخ الاقتصادي، الأمر الذي يشجعهم على التوسع في نشاطهم، ويسهم في خلق المزيد من فرص التوظيف.
ولهذا استجابت بورصة نيويورك بشكل فوري لفوز ترامب، حيث ارتفعت مؤشراتها الرئيسة، حيث يرى المستثمرون أن سياسات ترامب تشجع على التوسع والنمو.
وفي السياق ذاته أعلن ترامب أنه سيكلف الملياردير إيلون ماسك، أحد أبرز الداعمين لحملة ترامب الانتخابية، بمهمة إعادة النظر في طريقة عمل المؤسسات الحكومية، وهو ما يعني تعزيز الجهود لتخفيف القيود على الشركات والمستثمرين.
تخفيض سعر الفائدة
أشارت صحيفة “فاينانشال تايمز” في تقرير الجمعة إلى الانتقادات التي وجهها ترامب إلى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) خلال فترة رئاسته الأولى، لعدم تخفيض سعر الفائدة بالشكل الذي كان يريده ترامب.
وأوضحت الصحيفة أن الاحتياطي الفيدرالي يمتع بالاستقلالية، وأكد رئيسه جيروم باول، الخميس، أنه لن يستقيل من منصبه حتى لو طلب الرئيس منه القيام بذلك.
غير أن فترة رئاسة باول للاحتياطي الفيدرالي سوف تنتهي في مايو/أيار 2026، وبعدها يمكن أن يرشح ترامب رئيسا آخر.
وأعلن الاحتياطي الفيدرالي، الخميس، تخفيض أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية لتكون في حدود 4.75%، وأشار باول أن القرار لا يرتبط بفوز ترامب، مؤكدا أن الاحتياطي الفيدرالي “لا يفترض ولا يخمن ولا يتكهن” بسياسات الرئيس في الفترة المقبلة.
وفي الوقت ذاته أكد باول أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيأخذ في الاعتبار “التغييرات المادية” و”المستمرة” في تكاليف اقتراض الحكومة الأمريكية، التي من المنتظر أن تزيد مع تخفيضات الضرائب التي يخطط لها ترامب.
ونقلت “فاينانشال تايمز” عن ماثيو لازيتي، كبير الاقتصاديين في “دويتشه بنك”، إن ما قاله باول “يهيأ الأمور لوقف التخفيض في أسعار الفائدة مؤقتا في وقت ما”.
ويسهم تخفيض سعر الفائدة، الذي يتطلع إليه ترامب، في تحفيض تكلفة القروض العقارية التي يدفعها ملايين الأمريكيين، وتمثل جانبا مهما من نفقاتهم الشهرية، كما يسهم في تشجيع المستثمرين على الاقتراض للتوسع في نشاطهم، وكلها أهداف يسعى إليها ترامب.
غير أن الاحتياطي الفيدرالي يقوم بالموازنة بين الحاجة لتشجيع الاستثمار وخلق الوظائف من جانب، والحاجة للسيطرة على التضخم من جانب آخر.
وتمكن الاحتياطي الفيدرالي بالفعل من خفض التضخم من 7% إلى ما يقرب من النسبة المستهدفة، وهي 2%.
تخفيض الضرائب
يسعى ترامب لتطبيق سلسلة واسعة من التخفيضات والإعفاءات الضريبية، من بينها تخفيض معدلات الضرائب على الشركات، وإعفاء الأجور عن العمل الإضافي ومدفوعات التأمينات الاجتماعية من الضرائب، التي ينتظر أن تؤدي لتراجع إيرادات الحكومة الأمريكية الفدرالية بنحو 4 تريليونات دولار خلال العشر سنوات المقبلة.
هذا علاوة على أن ترامب، بمساندة الجمهوريين الذين يسيطرون على “الكونغرس”، يسعى لتجديد المرسوم الذي أصدره عام 2017 لتخفيض الضرائب على الدخل للأفراد وأصحاب الشركات، الذي ستنتهي صلاحيته العام المقبل 2025، ويعني تراجع الإيرادات العامة بنحو 5 تريليونات دولار خلال عشر سنوات.
وتعرضت خطط ترامب لتخفيض الضرائب لانتقادات حادة من قبل الديمقراطيين على أساس أن الأغنياء سيدفعون ضرائب أقل، فيما ستحصل الطبقات الفقيرة والمتوسطة على مساعدة اجتماعية أقل، مع تراجع موارد الخزانة الأمريكية.
غير أن خطط ترامب ستؤدي إلى تشجيع الشركات وأصحاب الأعمال على الاستثمار، وسترفع نسب النمو، وتزيد من مستويات التوظف، هذا في الوقت الذي سيتم تعويض تراجع إيرادات الخزانة الأمريكية جزئيا مع زيادة الرسوم الجمركية.
ترحيل العمالة المهاجرة
إذا طبّق ترامب تعهده بطرد المهاجرين غير النظاميين على نطاق واسع، فمن شأن ذلك أن يفاقم مشكلة نقص العمالة في الولايات المتحدة.
ويقدّر “مركز بيو للأبحاث” بأن الخطوة قد تؤثر في 8.3 ملايين عامل غير مصرّح لهم.
وأشار “معهد بيترسون للاقتصادات الدولية” بأن ذلك يمكن أن يرفع معدل التضخم في الولايات المتحدة بأكثر من نقطتين مئويتين العام المقبل.